بقلم ـ أسامة الرنتيسي
الفيديو البشع الذي –انتشر أمس — يظهر الاعتداء الوحشي من قبل رجال البحث الجنائي على أستاذ جامعي وآخرين في مطعم في إربد، لا يكفي معه تشكيل لجان تحقيق، وبيان من الأمن العام، بل يحتاج إلى إجراءات صارمة حازمة، لا أن يغطى بستار هلامي؛ إن هذا تصرف فردي.
فضيحة سرقة الكهرباء على مدى سنوات بملايين الدنانير، بأسلوب تعجز عنه شركات كبرى متخصصة، وفساد وصل إلى عمق عمق شركة الكهرباء، رافقت هذه الفضيحة فضيحة أخرى، إذ جرى تكفيل المتهم بعد ساعات على توقيفه، وإعادة توقيفه من قبل محكمة أخرى، قضية لا تحتاج فقط إلى البيان الرسمي الأول، بالكشف عن أكبر سرقة في تاريخ شركة الكهرباء، بل تحتاج إلى الكشف عمن يقومون بمثل هذه الأعمال المشينة بحق الوطن والمواطنين ومن يتستر عليهم ويحميهم، والتخلص من سياسة الطبطبة، وأن كل قضية في الأردن عمرها الإعلامي والفضائحي يومان.
لأسبوع متواصل، ووسائل التواصل الاجتماعي تذبح من الوريد إلى الوريد، أقدم موظف في الدولة الأردنية، ومن كبار موظفي الديوان الملكي، تحت مزاعم شق جبل في دابوق لتوصيل شارع إلى القصر الجديد لهذا الموظف، برزت أصوات تدافع عنه لكن بحياء، وتم إغلاق القضية، ولم يعلم أحد من له مصلحة في إثارتها.
هناك “إشي غلط” يحدث بيننا، نحتاج في إثره، إلى تغييرات تصيب معظم بنيان حياتنا، ومرافق عمل الحكومة ومؤسسات الدولة ورجالاتها، كما يصيب مجمل الحياة السياسية الرسمية والشعبية، والأهم الاقتصادية قبل أن يصطدم الناس بالحيط أكثر من ذلك.
حالة من القلق الشديد ترتسم ملامحها على وجوه العامة، وحالة من الاضطراب على وجوه الرسميين، وقلق وجودي لدى الاقتصاديين وأصحاب المؤسسات الخاصة.
في البلاد حالة اقتصادية مرعبة مستعصية، لا تصدقوا الأرقام الرسمية، التي تخرج من أفواه المسؤولين، ما عليكم سوى متابعة عدد الشركات المتعثرة، والمؤسسات التي لا تدفع رواتب موظفيها، والتسريحات بالجملة من المصانع والشركات، والديون وفوائدها التي تثقل كواهل مؤسسات رسمية وشبه رسمية، إضافة إلى فوائد ديون الدولة المرعبة أكثر.
في البلاد أيضا فساد عام في منظومة الأخلاق، فهناك من يحمل السلاح ويدافع عن سارقي المياه، وهناك من دافع يوما عن طلبة توجيهي غشّاشين، وهناك أشخاص يعملون في عدة وظائف في الوقت نفسه، ويتقاضون رواتب وتنفيعات من أكثر من جهة، ويتحدثون عن الأخلاق. هناك مسؤولون مؤبّدون في مناصبهم، في مؤسسات رسمية وشعبية، يحتاجون إلى وقوع زلزال حتى تتحرك الكراسي من تحتهم، فهم لن يغادروها إلا إلى سحاب، لأنهم لا يؤمنون بتجديد الدماء، ودورة الحياة، وسُنّتها.
الدايم الله……