بقلم - أسامة الرنتيسي
مصيبة كبرى إذا كانت المعلومات التي سربت -على لسان مصادر – صحيحة حول أسعار الخبز التي ستعتمدها الحكومة وسيتم إعلانها في مؤتمر صحافي يعقده وزير الصناعة والتجارة يعرب القضاة في الساعة الرابعة من مساء اليوم الاثنين، بعد اجتماع ” الأحد ” استمر أكثر من أربع ساعات مع أعضاء نقابة أصحاب المخابز تم الاتفاق خلاله على بيع الخبز مدة عام كامل حسب الأسعار التالية:
الخبز الكبير 32 قرشا / للكيلو
الخبز الصغير 40 قرشا / للكيلو
الخبز المشروح 38 قرشا / للكيلو
إذا كانت هذه المعلومات صحيحة، فإن هذه سرقة عينك عينك، لأن كل ما يتم الحديث عنه في قضية الخبز ورفع الدعم متعلق فقط بالخبز المدعوم الذي سعره 18 قرشا للكيلو، وهو أصلا ما يقارب نحو 80 % من الأردنيين لا يشترونه، ولا يوجد منه رغيف واحد في كل عمان الغربية مثلما يقول النائب السابق المحامي الصديق مبارك أبو يامين.
ما يستهلكه معظم الأردنيين من خبز هو أصلا غير مدعوم، وهو الخبز الصغير سعر الكيلو 25 قرشا في معظم المخابز، مهما اختلفت الجودة من مخبز إلى آخر، فإذا تركت الحكومة ووزارة الصناعة تسعير الخبز لأصحاب المخابز، مع موجة رفع الدعم، فإن المواطن سيدفع قيمة الدعم الذي سيحصل عليه خلال أقل من شهر، إذا فعلا تم رفع سعر كيلو الخبز الصغير من 25 قرشا الى 40 قرشا للكيلو الواحد.
أراهن من الآن أن نسبة من سيتقدمون للحصول على دعم الخبز لمستحقيه لن تزيد على 30 % من الأردنيين، ليس ترفعا ولا ترفا، وإنما بسبب تعقيدات الآلية التي ستتبعها الحكومة في ذلك.
لا يوجد لدى الحكومة أدوات رقابة ومتابعة، وجهات الرقابة تحديدا في معظم مؤسسات الدولة هي أكثر المواقع المتهمة بالتقصير والتلاعب، وأجازف فأقول أكثرها متهم بالرشوة واستغلال الوظيفة، فكيف ستراقب الحكومة نحو 3000 مخبز في الأردن حتى لا تستغل رفع الدعم، مثلما كانت تستغل الطحين المدعوم، وهذا ما تعترف به الحكومة والحكومات السابقة إن أحد أسباب رفع أسعار الخبز ورفع الدعم استغلال أصحاب المخابز للطحين المدعوم وبيعه للمواطنين خبزا وحلويات غير مدعومة وغير مسعرة أصلا، ومن هذا الباب أيضا كانت تجري عمليات تهريب الطحين بين المخابز، حيث تبيع المخابز الصغيرة حصتها من الطحين المدعوم للمخابز الكبيرة لتخلطه بالطحين غير المدعوم، وتستفيد من ذلك آلاف الدنانير.
لو كان للحكومة أدوات رقابة حقيقية لما كانت قضية التهرب الضريبي القضية الشائكة أمام الحكومات الأردنية، لأن السبب الرئيسي في التهرب الضريبي ضعف وسائل الرقابة والتحصيل.
آخر سذاجة سياسية تتداولها النخب الأردنية، بأن قرار رفع أسعار الخبز يواجه معارضة شديدة من صندوق النقد الدولي والمنظمات الدولية، لأن اللاجئين في الأردن والعمال الوافدين هم المتضررون من رفع أسعار الخبز مباشرة، ولهذا أصرت الجهات الرسمية الأردنية على رفع أسعار الخبز، ورفضت التوجهات لصندوق النقد الدولي والمنظمات الدولية، حتى يستفيد المواطن الأردني فقط من دعم الخبز، لا غير الأردني.
آخر ما تفتقت عنه ذائقة الأردنيين من دعابة حارقة، وبعد أن رهنت كتلة المبادرة النيابية موافقتها على الموازنة بشرط منح أبناء الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين بدل دعم الخبز، فقد وافقت الحكومة الأردنية أن تعطي أبناء الأردنية من أب غير أردني الدعم عن الخبز، بشرط أن لا يطعموا أبوهم…
أما آخر الكلام، الذي يمشي عليه الترين……فإنه تحذير من صوت منتم ومحب للسلام والأمان، فإن قضية الخبز ليست قضية دعم وأسعار، بل قضية كرامة ذات أبعاد سياسية واجتماعية وثقافية وأخلاقية، والاقتراب من خبز المواطنين، سيقطع الشعرة المتبقية بين الحكومة والمواطنين، وسيمنح أعداء الحكومة (وهم كثيرون) ذخيرة قوية لقصف السياسات الحكومية، وسيتحول الحراك الاحتجاجي النخبوي في البلاد إلى تحرك شعبي، لأن الخبز فعلا خط أحمر.
الدايم الله…..