بقلم - أسامة الرنتيسي
حضرت يوم الجمعة “جاهة إلكترونية” – إلى ديوان أهالي العباسية في أبو علندا – من مدينة السلط يترأسها النائبان معتز أبو رمان ورمضان الحنيطي لإنهاء خلاف وقع بين عضو مجلس نقابة الصحافيين الزميل مؤيد أبو صبيح والإعلامي محمد قداح بعد أن نشر فيديو فيه إساءات للزميل أبي صبيح الذي لجأ إلى القضاء وسجل قضية انتحال صفة صحافي من قبل المذيع محمد قداح غير المسجل في عضوية نقابة الصحافيين، ووصل الأمر إلى قرار من المدعي العام بتوقيف قداح عدة ساعات والافراج عنه بكفالة.
“الجاهة الإلكترونية” مصطلح جديد – ليس لي بل سمعته من رئيس ديوان التشريع والرأي الدكتور نوفان العجارمة في مناظرة متلفزة دفاعًا عن قانون الجرائم الإلكترونية -.
ما دام الفضاء الإلكتروني قد تحوّل إلى جزءٍ من حياتنا ودخل تفاصيل عاداتنا وتقاليدنا العشائرية، فلا أرى أن التعامل مع الجاهات الإلكترونية موازيًا للتعامل مع الجاهات العشائرية الأخرى، لأن الخلافات الإلكترونية مختلفة تمامًا عن الخلافات التي تتطلب جاهات عشائرية بدءًا من جرائم القتل والمشاجرات وحوادث السير إلى اي خلاف يستوجب اللجوء إلى القضاء العشائري.
جاهة السلط التي تحدث باسمها النائب معتز أبو رمان خاطب حاضري الجاهة المستضيفة بالخطاب ذاته الذي تعودنا عليه في الجاهات عن الوحدة الوطنية والفسيفساء التي نعتز بها في تركيبة المجتمع الأردني، كما تحدث عن شيم الأردنيين وعاداتهم والصفح والمسامحة المزروعة بينهما، وعرج على تطورات العولمة التي غزت مجتمعنا وعلى خلافات جديدة بدأت تظهر للسطح.
جاهة العباسية تحدث باسمها ابن العباسية النائب عمر قراقيش الذي رد على كلام أبي رمان بالروح الإيجابية ذاتها التي يتمتع بها مجتمعنا، وكان قاسيا في الحديث عن أخطاء وتجاوزات مَن أراد أن يعتلي منابر العولمة ووسائل التواصل الاجتماعي، لأن هذه أخطر بكثير خاصة في قضايا اغتيال الشخصية والإساءة إلى أشخاص واتهامهم من دون اي دليل.
ما دام المجتمع الأردني طور العادات العشائرية واستوعب “الجاهة الإلكترونية” ضمن الجاهات التي تستوجب وضع فنجان القهوة السادة أمام كبير الجاهة حتى يسمح له الطرف الآخر باحتسائه إن كان طلبه مقبولًا، عليه أيضا ان يُطوّر متطلبات وشروط هذه الجاهة بما يتناسب مع الأخطاء التي تقع.
فليس الاعتذار إزاء جاهة عددها لا يتجاوز 100 شخص مثلًا، مثل الاعتذار على موجات الفضاء الإلكتروني لأن الإساءة عبر منشور او فيديو أوسع من الاعتذار وأكبر وأخطر قبالة حشد من الناس.
كما أن الإساءة عبر الفضاء الإلكتروني غير الإساءة المباشرة وبالصوت العالي، فالإساءة الإلكترونية تبقى مُخزّنة في مخازن الشبكات العنكبوتية عشرات السنين حتى لو قام الشخص بشطبها من عن صفحته الخاصة.
لستُ من مشجعي فكرة الجاهات ولا أؤيدها بل أدعم تعزيز سيادة القانون، لكن هناك دائمًا من يريد أن يَجرّنا إلى الخلف.