لا زين لا مجي بكري

لا زين لا مجي بكري

المغرب اليوم -

لا زين لا مجي بكري

رشيد نيني

رغم أن الجمهور التونسي أعطى رأيه في فيلم ولد عيوش «الزين اللي فيك»، بعد مشاهدته، ومنهم من غادر القاعة قبل نهايته بسبب الغثيان الذي شعروا به بسبب حوارات الفيلم الفجة والمغرقة في الابتذال، إلا أن لجنة التحكيم التي يرأسها نور الدين الصايل، الرئيس السابق للمركز السينمائي المغربي، قررت منح الفيلم جائزة الجمهور.
وحصول فيلم عيوش على جائزة الجمهور كان متوقعا، بحكم علاقة الصداقة الوثيقة التي تجمع الصايل بولد عيوش، فالصايل هو من أدخل عيوش للقناة الثانية أول مرة عندما منحه صفقة «سيتكوم» لالة فاطمة، كما أن الصايل هو المدافع الأول عن التوجه المنحل في السينما المغربية.
وهكذا، وبحكم علاقات الصايل كرئيس لجنة التحكيم بالنافذين في مهرجان السينما التونسي، استطاع أن يحصل لصديقه على جائزة الجمهور، رغم أن الجمهور التونسي عبر عن اشمئزازه من الفيلم.
وأخشى أن يكون دور ولد عيوش وغايته من وراء هذا الفيلم والإصرار على عرضه في تونس، حيث الصراع على أشده بين القوى المحافظة والسلفية وبين الدولة التونسية الناشئة من الرماد الذي خلفه حريق البوعزيزي، ليس «تكريم» ذكرى والدته اليهودية التونسية، بل لعب الدور نفسه الذي لعبه الصهيوني بيرنار هينري ليفي في ليبيا عندما مهد للفتنة ونظر لها في عين المكان.
لقد تراكمت عدة عوامل لكي تخلق لدى الجمهور التونسي رغبة جامحة لمشاهدة فيلم «الزين اللي فيك»، أولها الدعاية الكاسحة للإعلام الفرنسي التي حولت هذا الفيلم السخيف إلى «أسطورة زمانه»، علما أن الجمهور التونسي يستهلك يوميا القنوات التلفزية الفرنسية بكل أصنافها.
ثانيها أن عرض «الزين اللي فيك» جاء يوما واحدا بعد العملية الإرهابية التي عرفتها العاصمة، وكرد فعل على ذلك رفع التونسيون شعار: «لنستهلك الثقافة كسلاح ضد الإرهاب»، وبناء عليه جاء قرار مواصلة عروض الأيام السينمائية لمهرجان قرطاج بعدما راج حديث عن إلغائه.
عيوش لعب بإتقان مرة أخرى ورقة المظلومية بصفته مخرجا مغربيا تعرض فيلمه للمنع في بلاده، وطاردته التهديدات بالقتل، حسب أقواله.
ولم ينس عيوش أن يصرح للإعلام المحلي بأن والدته تونسية الأصل، طمعا في المزيد من التعاطف.
بل الأكثر من ذلك دخل إلى قاعة الكوليزي محاطا بستة من الحراس الشخصيين الغلاظ الشداد، حتى يوحي للجمهور التونسي بأن «التهديد المغربي» قادر على مطاردته في كل مكان.
هذه «السينما داخل السينما» نزعت عنها إذاعة «موزاييك» التونسية ورقة التوت حين قامت بـ«ميكروتروتوار» واستقت ردود فعل الجمهور الذي شاهد الفيلم مباشرة بعد خروجه من القاعة، وقد تم تصوير ردود فعل المشاهدين وبثها على موقع إذاعة «موزاييك» التي تعد الأولى من حيث نسب الاستماع في بلدها.
ردود الفعل جاءت صادمة لنبيل عيوش ومخططه الدعائي، خصوصا بعدما لوحظ انسحاب عدد من المشاهدين خلال الربع ساعة الأولى من العرض، فيما صرحت شابة تونسية بأن الأمر يتعلق بفيلم «بورنوغرافي» لم تكن تتوقع أبدا أن يتم إنجازه من قبل بلد مغاربي، فيما قالت فتاة أخرى إنها أصيبت بصدمة نفسية غير مسبوقة، خصوصا وأن شقيقها كان حاضرا داخل القاعة، وتمنت لو أن الأرض انشقت وابتلعتها بسبب ما شاهدته من إباحية وما تسرب إلى سمعها من حوار سوقي بذيء على لسان «بطلات» الفيلم.
ولعل «بطلة» الفيلم لبنى أبيضار المعروفة بدهائها، كانت محقة حين امتنعت عن الانتقال من «منفاها الباريسي» إلى تونس لحضور مهرجانها السينمائي، وهي التي لم تفلت أي مهرجان لحد اليوم، فقد توقعت أن الجمهور التونسي، تماما كالجمهور المغربي، كان سيلفظها ويرميها بالطماطم الفاسدة.
كان عيوش يطمع في أن يمنحه مهرجان قرطاج «التانيت الذهبي» الذي ناله المخرج المغربي محمد مفتكر عن فيلمه «جوق العميين».
لكنه لم يحصل حتى على «التانيت الفضي» الذي راح لأوليفر هرمانوس من جنوب إفريقيا، ولم يحصل على التانيت البرونزي الذي حصلت عليه ليلى أبو زيد من تونس، وكل ما حصل ولد عيوش عليه هو جائزة لترضية الخاطر، أي جائزة لجنة التحكيم، بفضل نور الدين الصايل الذي نزل بكل ثقله حتى لا يخرج «الزين اللي فيك» خاوي الوفاض، أي «لا زين لا مجي بكري».
وقد اعتاد عيوش على حصد الجوائز في مهرجانات «الجهاد الفرانكفوني» التي تجازي الأبناء البررة للفرانكفونية، ولو كانت أعمالهم السينمائية متواضعة أو رديئة، كما حدث في مهرجان «انغوليم» بفرنسا أو «نامور» ببلجيكا، وهما موعدان سينمائيان باهتان لا قيمة لهما في سجل المهرجانات الدولية الوازنة.
والواقع أن مدرسة الصايل السينمائية التي تنتصر للعري المجاني والانحطاط اللغوي واللقطات الجنسية المائعة، أصبحت لديها «كوطا» محددة وواضحة يجب على كل سيناريو فيلم سينمائي مغربي أن يتوفر عليها من أجل الحصول على الشهرة والدعم الإعلامي.
ولا يهم أن يكون الفيلم سخيفا وسطحيا وخاليا من أية حبكة سينمائية، المهم أن يتوفر على حوارات مكتوبة بلغة ساقطة، مثل الحوار الذي يدور في فيلم «الزين اللي فيك»، والذي لا يرقى حتى إلى مستوى فيلم من الدرجة الثالثة، والذي مثل المغرب في مهرجان «كان» السينمائي الأخير، والذي أخرج المغرب بدون أية جائزة كما هي العادة.
إن الرسالة التي يود هؤلاء، وغيرهم، إرسالها إلى المغاربة هي أن زمن «الحشومة» ولى وانتهى. فالجميع اليوم يجب أن «يتقزدر» و«يعري على اللاص». وكل من يمتنع عن مسايرة هذا المد العاتي من «التقزدير» يعتبر، في نظرهم، متخلفا ومحافظا ورجعيا. فعوض أن يدفعوا بالمخرجين المغاربة نحو سينما وطنية نظيفة تنتصر للقيم المغربية ولقضايا الوطن العليا بحرفية وخيال عاليين، نراهم يشجعون على المزيد من الانحلال والميوعة السينمائية التي لم يجن منها المغرب سوى المزيد من ترسيخ الصور السلبية عنه وعن نسائه ورجاله في مخيلة الأجانب.
إن أخطر هجمة تمارس اليوم على العائلات المغربية، أي على اللحمة الرئيسية للمجتمع المغربي، هي تلك التي يشنها هذا المد السينمائي «التغريبي» بواسطة تلك الأفلام والمسلسلات التي جعلت من مواضيع الاغتصاب والشذوذ والضعف الجنسي والعلاقات الغرامية مواضيع رئيسية ويومية.
وخطورة تلك المسلسلات البرازيلية والتركية والهندية والمكسيكية التي تشتريها قنوات الإعلام العمومي بضرائب المواطنين، تكمن في أنها ترسخ في لاوعي أبناء وبنات المغاربة نماذج عائلية ومجتمعية قادمة من ثقافات مسيحية وغربية مناقضة لثقافتنا المغربية الإسلامية.
إنها، ببساطة، حرب على الهوية المغربية، الهدف الرئيسي من ورائها هو القضاء على الحشمة، الخندق الأخير الذي يحمي العائلات المغربية من التفسخ.
إن المأساة الحقيقية هي أن هذه الحرب القذرة تشن ضدنا وضد أبنائنا بأموال ضرائبنا، أمام صمت الأحزاب وجمعيات حماة المستهلكين والبرلمان والحكومة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا زين لا مجي بكري لا زين لا مجي بكري



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya