فيل في مملكة من فخار 21

فيل في مملكة من فخار (2/1)

المغرب اليوم -

فيل في مملكة من فخار 21

رشيد نيني

كان لافتا للانتباه أن البلاغ الذي أصدرته وزارة الخارجية المغربية بشأن الأزمة السعودية- الإيرانية لم يعلن تضامنه مع المملكة العربية، بل طالب الطرفين معا بالتحلي بالرزانة والتعقل، حتى لا تمتد شرارة الفتنة نحو دول الجوار، حيث الأمن هش كدكان فخار ولا أحد من مصلحته إدخال فيل ليعربد بين أرجائه.
والواقع أن ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية على مستوى العلاقات بين طهران والرياض، خطير بالفعل، فمباشرة بعد إعدام القيادي الشيعي نمر النمر نشرت صحيفة «الصانداي تايمز» مقالا بصورة الملك سلمان بن عبد العزيز بعنوان قوي وغير مسبوق يقول «هل سيدمر هذا الملك بيت آل سعود»؟
هناك من يعتقد أن تصعيد الرياض ضد طهران، والذي نتح عنه قطع السودان والبحرين لعلاقاتهما مع الجار الفارسي، جاء بدون خلفية سياسية أو نتيجة لتهور أمني من جانب الأسرة السعودية الحاكمة.
والواقع أن قرار إعدام القيادي الشيعي، الذي كان يطالب علانية في كل محاضراته بإسقاط آل سعود من سدة الحكم وإعطاء السعوديين حرية اختيار من يحكمهم، جاء في ظرفية سياسية جيوستراتيجية حاسمة بالنسبة لمستقبل الملكية في السعودية.
وبالتزامن مع اجتماع موسكو، الذي جمع قبل أيام وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، وبعد ذلك مع الرئيس الروسي القوي فلاديمير بوتين، أعلنت المملكة العربية السعودية إنشاء قاعدة «إسلامية» عريضة للتحالف بمشاركة 34 دولة.
والقاسم المشترك بين الحدثين واضح جدا، فالولايات المتحدة الأمريكية وروسيا اعترفا بفشل الغارات الجوية لمواجهة توسع «داعش»، رغم أشهر من القصف وآلاف الأطنان من القنابل التي أُسقطت على سوريا والعراق.
موسكو وواشنطن، وكذا باريس، تطلب الآن استخدام القوات البرية لمواجهة وهزم الدولة الإسلامية. ولكن ليس من صالح هذه الدول إرسال قوات برية، حتى لا تثير ضدها الرأي العام في بلدانها وحتى تتجنب إراقة الدماء في معارك ستكون خلالها جيوشها هي الخاسر الأكبر.
لهذا استنجدوا بالرياض لكي تجمع حولها ائتلافا واسعا من الدول الإسلامية المختارة، خارج إطار منظمة التعاون الإسلامي، ودون ضوء أخضر من مجلس الأمن، فالضوء الأخضر من موسكو وواشنطن يعتبر كافيا.
ولكن، بما أن المملكة العربية السعودية والعديد من حلفائها تشارك مسبقا في حرب الاستنزاف التي لا نهاية لها في اليمن، تقرر مؤخرا، وكأن الأمر من قبيل الصدفة، وقف الغارات السعودية على الميليشيات المتحالفة مع الحوثيين، حلفاء إيران، الشريك الأمريكي الجديد.
واشنطن اتخذت حاليا دورا فعالا وكبيرا في طهران لدعم القيادة الشيعية في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط، في حين تقوم، شيئا فشيئا، بإضعاف المملكة العربية السعودية.
ما السبب يا تُرى في تحول الود الأمريكي نحو طهران بعدما كانت الرياض الحديقة الخلفية للبيت الأبيض؟
للإجابة عن هذا السؤال، يجب علينا أن نعود إلى 11 شتنبر 2001، تاريخ الهجمات الإرهابية الجوية على نيويورك وواشنطن.
في ذلك اليوم، بعد تدمير برجي مركز التجارة العالمي في مانهاتن وجزء من البنتاغون في واشنطن، ظل الرئيس الأمريكي جورج بوش في حماية الجيش على متن طائرة «Air Force One» محلقا في الأجواء طوال اليوم، ولم يعد إلى البيت الأبيض إلا بعد غروب الشمس، حيث كان يختبئ كبار مستشاريه في القبو، وعلى رأسهم كوندوليزا رايس رئيسة الأمن القومي، ونائب الرئيس ديك تشيني.
وخلال جلسات الإحاطة الأولى واستخلاص المعلومات مع خبراء الجيش والسياسيين والمستشارين، وعندما تم الكشف عن هوية الإرهابيين الذين ضموا 15 سعوديا سنيا، إماراتيين ويمنيين ومصري، أخذ أحد كبار مستشاري الرئيس بوش في الشؤون الجيوستراتيجية، ريتشارد بيرل، الكلمة مشيرا بأصابع الاتهام نحو المملكة العربية السعودية مباشرة.
وقد ذهب المستشار أبعد من ذلك في عرضه، خصوصا عندما طلب من الرئيس أن يأمر بهجوم واسع النطاق ضد المملكة العربية السعودية، يستهدف على وجه التحديد مكة المكرمة والمدينة المنورة.
وقد كان نائب وزير الدفاع، بول وولفويتز، الوحيد الذي شاركه وجهة نظره الجهنمية، أما الآخرون، رامسفيلد وتشيني ورايس، فقد اقترحوا عدم مهاجمة المملكة العربية السعودية، ليس لأنها غير مذنبة في نظرهم أو أنهم لا يحلمون برؤيتها مدمرة، بل لأن مهاجمتها في هذه الفترة بالذات كان سينتج عنها استعداء 1,5 مليار مسلم ضد أمريكا.
عندما أخذ الثعلب ديك تشيني الكلمة، شرح للرئيس ومستشاريه الأمنيين والسياسيين أن المملكة العربية السعودية سيأتي وقتها، وسوف تكون الحلقة الأخيرة في السلسلة، وأنهم سيجنون الثمرة عندما تصبح ناضجة، وسيقدمونها للرئيس كإكليل عندما يكون كل المحيط الجغرافي لهذا البلد قد تم تدميره وتفتيت جيوشه.
كما أوضح ديك تشيني أنهم يخططون وينتظرون هذه المناسبة منذ أزمة عام 1973 التي لم تنسها الولايات المتحدة الأمريكية للسعودية، عندما أعلن الملك فيصل مرسوما بأمر حكومي بخصوص منع النفط عن الغرب.
وقد كانت كوندوليزا رايس مكلفة بالتفكير في خطة لتنزيل هذه الاستراتيجية الجهنمية، فتفتقت عبقرية الشر لديها عن فكرة «الفوضى الخلاقة»، وهي الفوضى التي بدأت بالحرب في أفغانستان والعراق ونهاية القضية الفلسطينية والسيادة الإسرائيلية، ثم ما يسمى «الربيع العربي»، وتغيير وإسقاط الأنظمة، ثم الحرب في اليمن، وتحويل ليبيا إلى دولة فاشلة مقسمة بين دول الخليج ينهبون بترولها، ويضعون سلاحها رهن إشارة البغدادي وعساكره.
وطبعا عودة إيران كقوة الخليج الفارسي، كما تسميه الولايات المتحدة الأمريكية وليس الخليج العربي، كما تسميه السعودية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فيل في مملكة من فخار 21 فيل في مملكة من فخار 21



GMT 04:57 2017 الثلاثاء ,25 إبريل / نيسان

إنه حي يرزق

GMT 11:27 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

الجرح المفتوح يتقيح

GMT 09:36 2016 الأحد ,06 آذار/ مارس

القضية الوطنية ليست لعبة أطفال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya