عبد الإله كريستين بنكيران 22

عبد الإله كريستين بنكيران (2/2)

المغرب اليوم -

عبد الإله كريستين بنكيران 22

رشيد نيني

بعدما اعتقد الجميع أن السنة السياسية والتشريعية قد انتهت مع بداية شهر غشت الماضي، قام رئيس الحكومة بمقايضة حقيقية، تم بموجبها تهريب مرسوم يفصل التكوين عن التوظيف في التعليم. ففي وقت غادر الجميع إلى عطلته، قام هو بتهريب مرسوم يقضي تماما على الطابع العمومي لخدمة التعليم. وطبعا لأن رأي الشعب لا يعنيه فهو قادر على فرض قراراته رغم أنف الشعب، المهم أن ترضى عنه سيدته لاغارد، التي ألحت مرارا على ضرورة تقليص نفقات الدولة في القطاعات الاجتماعية، وعلى رأسها التشغيل في الوظيفة العمومية وتقليص نفقات الدولة في الصحة والتعليم، مع تفويت أكبر عدد ممكن من الخدمات الخاصة بهذين القطاعين للخواص، وعلى رأسهم رئيس الحكومة الذي يملك سلسلة مدارس للتعليم الخصوصي.
والمفارقة هنا هي أن هذه الحكومة قررت هذه السنة إصلاح صندوق التقاعد، بإضافة سنتين إلى الستين سنة للموظفين قبل إحالتهم للتقاعد في مرحلة أولى، في أفق إضافة ثلاث سنوات أخرى، لكنها قررت أن تستفيد من هذه المدة التي تمت إضافتها لربح المزيد من النقط التي يعطيها صندوق النقد الدولي، وبالطبع إرضاء السيدة لاغارد، حيث سيتم تقليص عدد المناصب المالية المحددة في المشروع الحالي للميزانية من حوالي 26 ألف منصب إلى 13 ألفا فقط.
فبدل أن توظف الحكومة إصلاح صندوق التقاعد في سد الخصاص المهول في قطاعي الصحة والتعليم، عبر رفع وتيرة التشغيل، فإن لهذه الحكومة رأيا آخر، فقد قررت تخفيض وتيرة التشغيل في القطاعات الاجتماعية بالنصف وربط هذا القرار بإصلاح صندوق التقاعد.
وفي قطاع الصحة يتم تشغيل الأطباء الداخليين في ظروف أقل ما يمكن القول عنها إنها عبودية حقيقية، وسيتم إرسال الأطباء الجدد للخدمة الإجبارية في القرى والبوادي، تحت مسمى الواجب الوطني، وأنا أتساءل هل يمكن لبرلمانيي ووزراء الحزب الحاكم الذي يدعي أنه إسلامي، باسم الواجب الوطني، التنازل عن رواتبهم السمينة ولو لشهر واحد؟
وأمام رفض أبناء الشعب لهذه القرارات، توصلت الحكومة الموقرة لقرار استيراد الأطباء من الصين وفق تعاقدات تستجيب لإملاءات صندوق النقد الدولي، أما الأطباء المغاربة «يمشيو ينطاحرو»، على رأي أبيضار.
وفي التعليم، فأقل ما يمكن القول عن سياسة الحكومة في هذا القطاع هو أنها تضرب أخماسا بأسداس، وسنعطي دليلين فقط على هذا، فالأرقام تشير إلى أن الحكومة خصصت له 7 آلاف منصب، لكن إذا تم تمرير قانون التقاعد فسيتقلص العدد إلى 3500 فقط، وقد يقول قائل: فكيف تنوي هذه الحكومة تعويض الخصاص الكبير في الأساتذة، علما أن وتيرة التقاعد تصل سنويا إلى 14 ألف متقاعد؟
والجواب عند هذه الحكومة يوجد في «كتيب التعليمات» الذي منحته لاغارد لتلميذها بنكيران، إنه العودة مرة أخرى إلى التشغيل بالعقدة كما كان معمولا به قبل سبع سنوات، حيث تصبح الأكاديميات هي المشغل وليس الوزارة.
وهنا لا نريد أن نذكر بالمواقف التي كان حزب بنكيران ونقابته «يقترفانها» في شجب مسألة التشغيل بالعقدة، والتي تسمح للدولة بأن تشغل المجازين بالعقدة لسد الخصاص، دون أن تلتزم معهم بأية حقوق اجتماعية، مع إمكانية طردهم في أي وقت مهما كانت المدة التي قضوها في الخدمة دون اعتبار ذلك طردا تعسفيا.
وهاهم عشرة آلاف طالب أستاذ يحتجون ويهددون بسنة تكوينية بيضاء، في السنة الأولى التي أخرج فيها المجلس الأعلى للتعليم تقريره الاستراتيجي، وبدل أن تسخر الحكومة كل الإمكانات لإنجاح ما تضمنه التقرير، ها هي تخلق فيه أكبر ثقب، عبر رفع يدها عن تشغيل موارد بشرية مؤهلة لحل اختلالات المدرسة.
وبدل أن تفتح الحكومة حوارا مع هؤلاء، فإنها نبهت مديري تكوين المدرسين إلى عدم الحوار معهم، طالبة منهم مدها بملفات عن متزعمي الاحتجاجات وتسليمها أيضا لوزارة الداخلية من أجل «إعادة تربيتهم».
وبدل أن تنتبه للتأثيرات السلبية لقرار فصل التكوين عن التوظيف على جودة التأهيل المهني للمدرسين، فإنها رفعت التحدي في أوجههم، وهددت بأنها ستلغي المباراة التي نجحوا فيها وفتح مباراة أخرى أمام 130 ألف مجاز، أي «جري طوالك».
هذه الحكومة يا سادة تتخذ القرارات بالتشاور مع خبراء صندوق النقد الدولي فقط، أما فئات الشعب التي تتضرر من قراراتها فلها لغة التحدي والتهديد. فالطلبة الأساتذة الذين يحتجون هم نتاج ارتجال حكومي حقيقي، فقد حصلوا على الإجازة من الجامعات بعد ثلاث سنوات من الدراسة، وخضعوا لتكوين آخر في المدارس العليا والكليات باسم إجازة مهنية في علوم التربية، على أساس أن هذه الإجازات تمكنهم إما من اجتياز مباراة التوظيف أو العمل بالقطاع الخاص، لكن مرسوم الحكومة قرر أن هؤلاء سيجتازون مباراة أخرى للالتحاق بمراكز تكوين الأساتذة ليدرسوا سنة خامسة، وعندما يتخرجون سيجتازون مرة أخرى مباراة للتوظيف، وسيعتبرون لما بين سنتين وثلاث سنوات متدربين.
«ماشي هادا هو العكيل»؟
إذن فحصيلة الحكومة على المستوى الاجتماعي سوداء ولا يراها بيضاء إلا «عبد الإله كريستين لاغارد»، رئيس الحكومة، لأن عشق عبد الإله لتنويهات كريستين سبب له عمى الألوان.
والنتيجة الطبيعية لهذا العمى هو أن إصلاح صندوق التقاعد تم على حساب الموظفين وأعمارهم وصحتهم وعائلاتهم، وربط هذا الإصلاح بتقليص عدد المناصب المعلنة إلى النصف، ثم تفويت الصحة والتعليم للخواص فضلا عن المانحين الدوليين، حتى أن عدد الدول التي تتدخل في تعليمنا يفوق 16 دولة، دون فرض الرقابة على الخواص، وخاصة في مسألة التشغيل، إذ المغرب هو البلد الوحيد في العالم الذي نجد فيه قانونين للشغل، قانون للشغل خاص بالخواص وقانون للشغل خاص بالدولة.
ويبدو أن وزير الشغل «السراح» منشغل عن الحرص على تطبيق قانون الشغل بحل مشاكل مقربيه مع «الكسايد»، فبعدما خلص زوجته من حادثة دهسها لشرطي بالقنيطرة، ها هو يخلص سائقه من حادثة صدمه لشخص بسيارة الوزير.
والمفارقة أنه بدل توحيد قانون الشغل، وفرض قوانين على القطاع الخاص ليشكل عنصر جذب للعاطلين، فإن هذه الحكومة قررت أن تطبق أسوأ ما يوجد في القطاع الخاص، وهو تشغيل العاطلين بتعاقدات لا تخضع لا لقانون الشغل العمومي ولا لقانون الشغل الخاص، حيث سيتم تشغيلهم بشكل مؤقت لسنوات ويمكن صرفهم في أي سنة، دون اعتبار ذلك طردا تعسفيا.
ولأن سياسة صندوق النقد الدولي كانت دوما سياسة لا وطنية ولا شعبية ولا ديمقراطية كما يعلم الجميع منذ عقود، فإن الخطير مع هذه الحكومة هو أنها أعادت المغرب مرة أخرى لحضن الصندوق، ونسيت أن إملاءاته هي التي سببت كوارث التسعينات، التي أوصلت المغرب إلى حافة السكتة القلبية، هذا مع العلم أن الحزب الذي يقود الحكومة يدعي أنه إسلامي، بينما الحقيقة أن الأربع سنوات التي قضاها وهو يدبر الشأن العام كشفت أن لا علاقة له بكل ما كان يصرح به قادته أمام الناخبين، فقد اتضح أنهم مجرد تلاميذ مجدين في حفظ وتطبيق دروس المعلمة كريستين لاغارد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبد الإله كريستين بنكيران 22 عبد الإله كريستين بنكيران 22



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya