بورتريه سريع لإلياس

بورتريه سريع لإلياس !

المغرب اليوم -

بورتريه سريع لإلياس

المختار الغزيوي

..عندما يعتقدون أنك لن تكون صنوا لهم ولا ندا، قادما من قرية لا يرونها بالعين المجردة، يعتقدونها نسيا منسيا ويتصورنها غير قادرة على خلق أي شيء
..عندما تنبت قربهم لكن في الوقت ذاته بعيدا عنهم في مكان ما بين أحراش الريف الصعب وبين أفكار اليسار الأكثر صعوبة، ولا تمتلك مثلهم لا لكنة أهل العاصمة العلمية العامرة بأهلها ولثغتها ولا “تبقاط” الرباطيين أبناء العاصمة الإدارية واعتناقهم الأصول القديمة، ولا “قفوزية” الكازاويين الذين يحتكرون الذكاء والدهاء وكل شيء..
..عندما يكون قدرك أن تبدأ من الصفر فعلا، وأن تحلم لوطنك كل وطنك بأن يكون أفضل، أن تحمل شعاراتك بين دفتي قلبك وأن تمضي بعيداعن الآخرين قدرا على امتشاق حسام قدرك، مؤمنا بأنه من الممكن أن تصنع المستحيل
..عندما تكون من أمنود، من هامش بعيد، من قرية هناك بعيدا عن أنظار العديدين لايعرفونها إلا بالرجوع إلى “غوغل” وكتابة الإسم ثم تصحيحه، ثم الرقن رفقته من جديد عساهم يعثرون على مخرج الحروف السليم.
عندما تكون عاشقا لسيغار غيفارا فقط لأنك رأيت التشي في الصورة يوما يدخنه، وأنت تعرف الفوارق الكبرى بين الأرجنتين ساحرة الطانغو التي ولدته، وكوبا ساحرة الثورة التي تبنته، وبقية أدغال أمريكا اللاتينية حيث مات حين غنى الشيخ إمام كلمات أحمد فؤاد نجم “غيفارا مات”، وحيث ذهبت في عديد المهمات دون أن تقول ذلك لأنك تعتبره واجبا وكفى.
حين تكون قادما من القرية إلى المدينة عبر القرية عابرا إلى الأمام عن طريق هاته القرية مؤمنا أن الدشر، أن الدوار، أو البلاد، أو ما نسميه نحن في صحراء الراشيدية ونواحيها “القصر” قادر على أن يخلق منافسا قويا لأبناء ديور الجامع وأولاد الرباط وسلا ومراكش وفاس المتحدرين من قلب المدن العتيقة.
عندما يكون صديقك ذات زمن ادريس بنزكري وبقية الرفاق، ويكون صديقك اليوم علي الهمة وبقية الأنداد وتؤمن أنك استطعت أن تقطع الطريق نحو الطريق.
عندما تخلق حولك الغموض والهالة والضوء والعتمة ونقيضهما، وتدفع الكل دفعا إلى اعتقاد الشيء ثم اعتقاد عكسه، ثم تجبرهم على الترويج لكل الخرافات والاستيهامات وبقية التهيؤات، وتبقى أنت بعيدا عنهم تتصور فقط أنك قادر على أن تواصل الطريق
عندما يعتد الصحافيون – حتى أولئك الذين لم يروك يوما إلا في صور الجرائد والمجلات الكثيرة التي تنشر أخبارك – أنك تعرفهم باسمهم الصغير، وأنهم يستطيعون مناداتك متى أرادوا ذلك، ويقول لك هذا الصحافي إنه صديقك ويقول لك الصحافي الآخر إنه يعرفك خير المعرفة ويلقبونك جميعا إلياس أو المسيح لكأنهم تباروا معك يوما في الدوار حين الصغر ولكأنهم فعلا يعرفونك خير المعرفة رغم أنك لا تعرفهم إلا قليلا ولا يعرفونك على الإطلاق
عندما تقرر وتفهم أن المعركة أكبر منك، لكنك قادر على خوضها، وأن من قرروا لك هذا المسار وهذا المصير يعرفون أنك قادر عليه، فتقبل وتركب الرهان.
حينها وحين كل هاته الأشياء تستطيع أن تعلن الهامش انتسابا، وأن تنادي بلغة أهل الريف لا بلهجتهم، كل المقربين والأتباع والصادقين الأوفياء، لكن أيضا بعض من تدرك كنههم من المحتالين والنصابين والراغبين في الركوب معك على مايتصورونه طائرة – أو لنقل جرارا – للإقلاع أن “هيا بنا فقد حان وقت الانطلاق”.
يوم الأحد الماضي لم يكن يوما عاديا على الإطلاق. كنا في مكان ما داخل هيئة التحرير نرقب مباراة المغرب ورواندا، ونمني النفس بأشياء عديدة نعرفها مستحيلة فقط لكي نقول في الختام إن المغرب انتصر، وننتظر من مسيرة الأساتذة أن تحدد لنا من حاور من في نهاية المطاف، ومن عليه أن يعود إلى حجرات الدرس لكي يتلقى تكوينا يمكنه يوما من تدريس أبناء المغاربة، وبين الفينة والأخرى كنا نسأل صحافيا لنا أوفدناه إلى بوزنيقة أو صديقا من البام نعرفه “فوقاش سيعلنون إلياس أمينا عاما؟”
أتانا الجواب حوالي الثانية بد الظهر. قلنا لأنفسنا إن الرجل قطع بالفعل مسارا شاقا وأنه اليوم ملزم بمواجهة كثير العقبات، وأن العمل الحقيقي سيبدأ الآن بالكاد.
كتبنا البورتريه السريع على عجل هادئ يعرف جيدا موقع الكلم ومكان الحرف، وانتظرنا من أيام هاته السنة التي ابتدأت بالكاد أن تقول لنا ماتخبئه في جرابها من تطورات.
الآن أمام صاحب هذا البورتريه السريع والمكتوب من محبرة خاصة أن يخوض المعركة التي أعلنها فور الاختيار: مواجهة الإسلاميين لا المسلمين، التموقع وسط اليسار، اعتناق الحداثة اليتيمة في البلد والدفاع عنها بكل قوة، إعلان النموذج المغربي فرض عين لا كفاية، ومد اليد للجميع
الجميع، دون أي استثناء، بمن فيهم أولئك الذين قالوا أشياء سيئة، أو قاموا بأشياء سيئة، خوفا فقط أو تهيبا أو هلعا من مجهول يتصورونه قادرا على ابتلاعهم.
أصلا المعركة إذا كانت صادقة من أجل البلد، فهي ستشمل الجميع
الهامش الصغير علمنا هذا، ونحن أبناؤه، ونعرف أنه يستطيع حين يتسلح بخصوصيته الأولى أن يكون رحبا أكثر من المركز بكثير
لعل القادم من الأيام والقابل منها يحدد لنا ختاما مقدار كثير من الصواب ومقدار كثير من الخطأ في كل سطر كتبناه في هذا البورتريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بورتريه سريع لإلياس بورتريه سريع لإلياس



GMT 15:30 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

كوبا... هل هي نهاية جيل سييرا مايسترا؟

GMT 04:40 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

لعب الدراري مستمر…

GMT 05:09 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

استقالة صينية

GMT 07:57 2017 الجمعة ,16 حزيران / يونيو

العماري كلما شرب يزداد عطشا

GMT 06:14 2017 الخميس ,01 حزيران / يونيو

هذه فاتورة الحل الأمني

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya