دموع تماسيح لحلب من الكذبة ثم بقية الترهات

دموع تماسيح لحلب من الكذبة.. ثم بقية الترهات !

المغرب اليوم -

دموع تماسيح لحلب من الكذبة ثم بقية الترهات

بقلم : المختار الغزيوي

….ثم لحلب المرثية الأخرى

قدر المدن الكبرى لديكم أن ترثوها الواحدة بعد الأخرى، بعد الدفن طبعا وأنتم تبكون..

تحتسون دموعا كثيرة تسكركم، تدخلكم نشوة عدم استيعاب مافعلتم بقتلاكم، وتمنحكم القدرة على التنصل من كل مسؤولية، وعلى السير وراء نفس القتيل دوما في جنازته التي صنعتموها بأيديكم..

من يقتل اليوم من في حلب؟

من قتل من بالأمس في كل مكان؟

لا أحد يدري، لكن وعندما تطلق الرصاصة شرارتها وتخرج من فوهة مسدسها تخرج مرفوقة بصرخات التكبير والتهليل من الجانبين. القاتل يصرخ “الله أكبر” وهو يقتل. والمقتول يصرخ “الله أكبر” وهو يموت. والمدينة الحزينة التي كانت ذات شموخ قادرة على رفع وجهها إلى الأعالي لم تعد قادرة حتى على النظر إلى الأرض خجلا منكم..

مظفر النواب سألكم يوما “هل تسكت مغتصبة..أولاد التي لاتوصف”، فتنافقتم شرفا وقلتم إنه بذيء في كلامه لا يراعي الحساسيات..

لا بذاءة غير بذاءتكم محترفي الدموع الكاذبة. لا بذاءة إلا ماتجودون به من شعارات ضالة منذ ابتدأت الدنيا وحتى تنتهي في وقفاتكم الفارغة..

لا بذاءة إلا أن توجدوا على سطح الأرض دون مبرر واضح أو معقول أو وجيه للوجود..

باستثناء التكاثر وخلق كل هذا الازدحام على وجه البسيطة ماذا تفعلون؟

أووووه، نسيت، تقتلون بعضكم البعض باسم الدين لكي تقللوا من أثر تناسلكم، ثم تعودون للفراش لبدء عملية الولادة/ القتل الغبية، لكي تجدوا دائما وأبدا سببا إضافيا للبكاء وللدموع يامحترفي العويل..

ومع ذلك مدنكم أعلى شأنا منكم حتى وهي تموت. مدنكم تستطيع الحياة بعد أن تنقرضوا أنتم -وستنقرضون- ستعود مثلما كانت أول مرة ملتقى حياة للناس، يبيعون فيها ويشترون، ويحيون ويرقصون ويثملون ويصلون ويقيمون قداس حياتهم والعيش ولا يملون..

من بنى حلب أول مرة لم يكن يدري أنكم ستفعلون بها هاته الأفاعيل، ثم ستبكون..

من بنى بغداد قبلها لم يكن يدري..

من بنى كل المدن، لم يكن يعرف أن لكم الملح وحده مادة تشيدون بها مرثياتكم والهباء، تقيمون منادبكم على الأشلاء، تتمنون لو بقي الموت قابعا بينكم مزيدا من الوقت فقط لكي تنصهروا في عمق هذا الفناء..

هذه المدن لم تبن لكم..

هذه المدن بنيت لنفسها، وهي كانت تعرف منذ بدء التأسيس فيها أنها لن تعول إلا على جدرانها، على الأقاصيص المكتوبة فوق سيقانها، وعلى بقية الترهات الأولى التي تعني لها شيئا..

حلب مثلا كانت تعرف أن لها في القدود الحلبية أصلا أولا لن ينقضي، البدو العابرون فوق جمالهم والإبل لن يفقهوا في جمال نسوانها شيئا. لن يستطيعوا يوما الترنم بحسنهن، ولن يتقنوا غزلا ولن يتقنوا مداعبة ولن يتقنوا أي شيء..

قد يرسلون لها في الليل البهيم قتلة يغتصبونها دونما لذة أو مداعبة. قد يشترون الماخور كله لقضاء العابر من متع الزمان، لكنهم قطعا لايستطيعون عشقا، لذلك لا استغراب..

اليوم وهي ترسل الهاربين منها إلى كل مكان يستجدون في ملتقيات الطرق بعضا من قدرة على حياة، تعرف أن الزمن غادر وأنه صنع للطارئين عليه القدرة على التملي في أعين الحسناوات الحزينات بعد أن مسهن كل الغادرين أن صبرا، فإن هذا الزمان عابر أيتها السيدات..

لملكات العشق فينا البقاء دوما. لسيدات أطباق ذوقنا الرفيع، اللائي صنعن من باب الحارة مكان التقاء السي السيد بكل رفيعاته الدوام المطلق
للبدو الذين اشتروا بطارئ الغنى القدرة على القتل العبور السريع من المكان، وترك السرادق الكبير المزركش بألوان مجد عابر البقاء والامتداد..

عذرا لكن هاته المدن الكبرى أغلى من دموع الكذبة السريعة الانطلاق، السريعة الانطفاء، العديمة المعنى، لذلك سنسارع لجمع شتات حواضرنا وهي تلفظ أناسها الباذخين وتلقي بهم إلى الطوار، سنتذكر أنهم من هذا المكان خرجوا وإليه سيعودون يوما ما بعد أن ينتهي كل هذا الدمار..

في الخوان الداخلي لحلب، مثلما لحماة، مثلما لدمشق، مثلما لبغداد، مثلما للقاهرة، مثلما لبيروت الحسن، مثلم لطرابلس الجمال، تحدي القادمين إليها على متن كثير الإبل والرداءة والبغال، تقول لهم هاته المدن : أنتم تبكوننا في الجنائز معتقدين أننا متنا…وهما لكم، فإنا نحن الباقيات وأنتم أيها الكذبة الذاهبون إلى الفناء..

ذات يوم سنستعيد مدننا كلها والحواضر…ذات يوم سنقيم في سرادق الكاذبين عزاء دموعهم، وسنعلن الفرح والابتهاج وآيات الحياة وسيلة أخرى وأخيرة ووحيدة منا للبقاء.

كونوا على اليقين من ذلك. مدننا باقية. وبداوتكم عابرة، وبعدها لن يكون إلا الانتشاء..

حلب…غزة…بغداد…القاهرة..ياعدن المضر، ياكل البقايا، نحن عائدون ولهؤلاء العابرين منك كل الفناء..

كفكفوا دموعكم يابقايا البغايا، وارفعوا معنا آيات الثناء..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دموع تماسيح لحلب من الكذبة ثم بقية الترهات دموع تماسيح لحلب من الكذبة ثم بقية الترهات



GMT 04:18 2017 الجمعة ,04 آب / أغسطس

الملك والشعب…والآخرون !

GMT 04:27 2017 الجمعة ,28 تموز / يوليو

أطلقوا سراح العقل واعتقلوا كل الأغبياء !

GMT 06:11 2017 الخميس ,01 حزيران / يونيو

ولكنه ضحك كالبكا…

GMT 05:21 2017 الإثنين ,01 أيار / مايو

سبحان الذي جعلك وزيرا ياهذا!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:03 2014 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد الجوز " عين الجمل " لا يعلمها إلا القليلون

GMT 12:28 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الفرسان يتطلعون للفوز بثاني جولات بطولة "هذاب"

GMT 06:07 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

سيت الأفضل لقضاء شهر عسل لتميزها بالمناظر الجذابة

GMT 03:45 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مديرة الأزياء جين ماكفارلاند تستعرض مجموعة كافالي

GMT 06:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تصنف المغرب أبرز مُصدّري اليهود منذ استقلال المملكة

GMT 00:00 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

" أوراق بوكافر السرية " جديد الكاتب ميمون أم العيد

GMT 23:10 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رشيد غفلاوي سعيد بانضمامه إلى فريق الساحل النيجيري

GMT 23:08 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المهاجم فيصل عجب يثبت جدارته مع نادي التضامن

GMT 17:14 2016 الجمعة ,01 إبريل / نيسان

سر إغماض العيون أثناء تبادل القبل على الشفاه
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya