ابن كيران والفصول الأربعة

ابن كيران والفصول الأربعة !

المغرب اليوم -

ابن كيران والفصول الأربعة

بقلم : المختار الغزيوي

مثلما يقول المعلق الرياضي “يصعوب التعلاق“، ومثلما يقول أهل الفيسبوك “كيف لايعقل“، ومثلما يقول الآخر في شهادته التلفزيونية المجروحة والضاحكة “القضية لا يرثى لها وصافي“.

من استمعوا لكلمة ابن كيران أمام شباب حزبه مروا من الفصول الأربعة، وجربوا كل المشاعر، وعبروا كل الأقطار، وعادوا من البحر والعطش الشديد يملأ أجوافهم متسائلين “شنو بغا يقول عبد الإله عاوتاني؟“

في لحظة من اللحظات يبدو الرجل هادئا متزنا يقول كلاما “زي الفل“، يعطي فيه العبر العميقة، ويحكي فيه المأثورات الدالة على كثير الحكمة وعظيم التبصر. يقول لشباب حزبه “ماغنديروش الثورة، وماغندخلوش فيها حتى يلا رجعات“. وفي اللحظات الأخرى يعود إلى مايشبه المونولوغ الداخلي ويقول “يلا بغا شي حد يتعدا على حزب العدالة والتنمية يقولها لينا“.

في اللحظات الموالية يتحدث عن ضرورة الصبر على الأذى. يتذكر أقوال القاضي الشريف حكم وهو يورد كلمة الحسن البصري رحمه الله “مااستوفى كريم حقه“، ثم يعود ثانية إلى مغنيي العصري أولئك الذين لايستطيعون إكمال أغنية واحدة دونما مساعدة من الجمهور.

يتذكر عبد الإله الصديقة العزيزة نجاة عتابو، ثم يعبر إلى الخيانة ويقول لشباب الحزب “هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين“. يتضامن مع آمنة ماء العينين في وجه من أرادوا إسكاتها، ويقول للجميع إن الوقت طويل وإن المعركة الحقيقية هي معركة تدبير الوقت مثلما قالها له الراحل مزيان بلفقيه. يذكر الجميع أن الضربة كانت قوية وأن الظروف التي يمر منها هو والحزب اليوم ليست فقط استثنائية لكنها قاسية، ثم يعود ويتذكر أنه كان المكلف بتدبير عديد الأمور منذ الثامن من أكتوبر، فيعترف “أنا مسؤول عما وقع“، و“أنا الذي أتحمل المسؤولية“…

في المحصلة العامة للجلسة كلها يحلو الاستماع لابن كيران، وقد قلناها غير مامرة قبل أن يصبح رئيسا للحكومة، وحين كان رئيسا للحكومة، ونقولها الآن وهو لم يعد رئيسا لنفس الحكومة: “الرجل خطيب مفوه يعرف كيف يمسك بتلابيب المنصتين إليه“، خصوصا إذا ماكان قادرا على الحفاظ على نبرة السخرية الهادئة التي يتقن تقديمها على جرعات للمستمعين. وطبعا حافظ ابن كيران في الكلمة كلها على هدوئه إلا في لحظة الحديث عن مرتزقة “الصحافة والإذاعات الخاصة والقناة الثانية” الذين وصفهم وهو عاجز عن احتواء غضبه بأنهم “كذابين“

بدا أن الجرح الإعلامي كان الأشرس والأكثر وقعا على نفسه رغم أنه يتوفر على كتيبة بل كتائب من المدافعين عنه، وكان حريا به أن يترك مساحة صغيرة من الحرية التي يطالب بها لنفسه للآخرين أيضا، لمن يقولون لك كلاما غير الذي تريد سماعه، لمن يخالفونك الرأي، لمن يعتقدون أنك مخطئ دون أن تكون مضطرا لوصفهم بأنهم مرتزقة.

لكن لا بأس، الصحافة تعودت في هذا البلد أن تكون أقصر الجدران، وأن يقفز عليها أمهر الفرسان وهم يمتطون أجود أنواع الخيول، وأن يقفز عليها كل من امتطى قصبة وأراد من الجموع أن تبارك له “العود“ الوهمي.

لابأس علي الإطلاق. مقبولة من رجل كان أفضل مزود للصحافة المغربية بموادها في الخمس سنوات الماضية سواء تحدث إليها مباشرة أو عبر مقرب من المقربين. وإذا كان من اختصار لمرور ابن كيران من فصوله الأربعة أمام شبيبته فهي فعلا تلك اللحظة التي تحدث فيها عن تحالف العدالة والنمية مع التقدم والاشتراكية، وقال “حنا واحد النوع ديال التيار الإسلامي وهوما واحد النوع من التيار الشيوعي وتفاهمنا“

السياسة الحزبية في المغرب هي هاته الكلمة بالتحديد “واحد النوع ديال السياسة“، لا تكتمل إلا بنقصانها، ولا تتم إلا ببقائها جالسة أمام الباب تريد الدخول فلاتستطيعه، وتود الخروج والمغادرة، فتلفي الأقدام منها غير قادرة على المسايرة، فتبقى هناك في مكان ما بين الفناء الداخلي وبين الآخر الخارجي.

تقف في “الكولوار“ منتظرة، تزجي الوقت، وتقول إنها تدبره، وتنتظر أمرا كان بالتأكيد مفعولا. ولكي لا تنتهي الأشياء دونما عودة بها إلى قرآننا ذلك الذي ملأ به ابن كيران كلمته إلى الشباب الذين وصف رد فعلهم بأنه لا يوجد أرقى منه لا في سويسرا ولا في غيرها لا مفر من ترديد قول الله عز وجل الذي استشهد به رئيس حكومتنا السابق في كلمته “ياأبت استئجره إن خير من استأجرت القوي الأمين“.

يبقى فقط أن نعثر على الأقوياء الأمناء في أحزابنا وأن نحسن استئجارهم لما فيه خير البلاد والعباد، وذلك على مايبدو ماتم، والله أعلم من قبل ومن بعد بجميع الأشياء…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ابن كيران والفصول الأربعة ابن كيران والفصول الأربعة



GMT 04:18 2017 الجمعة ,04 آب / أغسطس

الملك والشعب…والآخرون !

GMT 04:27 2017 الجمعة ,28 تموز / يوليو

أطلقوا سراح العقل واعتقلوا كل الأغبياء !

GMT 06:11 2017 الخميس ,01 حزيران / يونيو

ولكنه ضحك كالبكا…

GMT 05:21 2017 الإثنين ,01 أيار / مايو

سبحان الذي جعلك وزيرا ياهذا!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك

GMT 05:02 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

شخص يضرم النار داخل مسجد أثناء صلاة العشاءفي شيشاوة

GMT 23:52 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

متصرفو المغرب يعتصمون أمام وزارة المال في الرباط

GMT 14:10 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل بشعة تهزّ حي التقدم في الرباط

GMT 21:47 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف عداء مغربي لأربعة أعوام بسبب المنشطات

GMT 18:28 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يواجه الدفاع الجديدي في الرباط رسميًا

GMT 21:04 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

أولمبيك خريبكة يستعيد نغمة الانتصارات ويؤزم وضعية تطوان

GMT 20:54 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

إنشاء 3 شواطئ صناعية في كورنيش مدينة الناظور
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya