تطورات خطيرة في المملكة العربية السعودية

تطورات خطيرة في المملكة العربية السعودية

المغرب اليوم -

تطورات خطيرة في المملكة العربية السعودية

بقلم - نور الدين مفتاح

سأحاول في هذه الزاوية أن أتحدث عن المملكة العربية السعودية هذا الأسبوع على الرغم من أن أخطر ما يجري فيها هو شأن داخلي، ونظرا لمكانة بلاد الحرمين الشريفين عربيا وإسلاميا، فإن كل شأن داخلي يصبح ذا امتداد عام. إن مملكة آل سعود تعيش واحدا من أكثر التحولات حساسية في تاريخها وقد اختارت ذلك بشكل إرادي، منذ مجيء الملك سلمان إلى الحكم خلفاً لأخيه الراحل الملك عبد الله.
 
ولم يسبق للمملكة، التي كانت تحكمها أسرة آل سعود بالتوارث بين أبناء الأب المؤسس، أن عاشت الزلزال الذي يتحرك على إثر تردداته العرش والأمراء وأعمدة النظام الأمنية والدينية والمحيط الإقليمي للمملكة.
 
وبدأ هذا المسلسل سريعا بإزاحة ولي العهد مقرن بن عبد العزيز، ليتولى ولاية العهد محمد بن نايف ويتم خلق منصب جديد هو ولي ولي العهد، ويسند لابن الملك محمد بن سلمان، حيث بدأ السعوديون يتغنون بما سمّوه بالمحمدين دون أن يعلموا أن هذه مجرد مرحلة، وما هي إلا أشهر حتى أزيح محمد بن نايف بدون سبب، ليتولى ولاية العهد محمد بن سلمان. وحتى أولئك الذين اعتقدوا أن هذا سيكون هو أقصى طموح هذا الشاب المغمور قبل وفاة الملك عبد الله خانهم حدسهم، لأن الأمير محمد واصل اكتساحه للحكم في أكبر عملية جرف لخصومه، وقاد حملة تطهيرية أطلق عليها اسم محاربة الفساد، وأطاح بأمراء من وزن مالي وسياسي وأمني ثقيل، نذكر منهم الوليد ابن طلال ووليد الإبراهيم ومتعب بن عبد الله، وتقول مصادر متابعة إنه صفى فروع الملكين الراحلين عبد الله وفهد، وفي المحصلة جمع كل السلط بيده، وعلى الخصوص وزارة الدفاع ووزارة الداخلية ومؤسسة الحرس الوطني، كنخبة الجيش السعودي، ثم المخابرات.
 
وموازاة مع كل هذا فتح ورش انفتاح سريع بتمكين المرأة من قيادة السيارة، وفتح الاختلاط بين الجنسين، وفتح ورشا تنمويا يروم التخلي عن الاعتماد على النفط، إلا أن كل هذا الذي هب على السعودية دفعة واحدة يبدو أنه خرج من قمقم مخيف وبعنف في بلاد كانت توازنات الحكم فيها تمشي على حبل بهلوان وليس بالغلبة، وفتح هذا في أفق لا علاقة له بالتحول الديموقراطي ولكن في إطار التبشير باستبداد متنور، والمشكلة أنه عندما نطل من النافذة على البعد الخارجي لسعودية محمد بن سلمان، سنكتشف أن هذا الاستبداد المتنور يستحق نعتا ثانيا، وهو "المتهور".
 
لقد تم إشعال حرب مع اليمن تم الاعتقاد أنها ستكون نزهة خاطفة، فإذا بها مستنقع حربي يكاد يخلف أكبر مأساة إنسانية في العالم، وتم حصار قطر بإخراج سيء قلب التحالفات في هذا الخليج الملتهب بدعوى محاربة الإرهاب، ولم ينل التحالف الذي يقوده محمد بن سلمان من قطر بقدر ما نال من مجلس التعاون الخليجي المأسوف على رحيله، ويتم اليوم الهجوم على لبنان عن طريق شبه احتجاز رئيس وزرائه سعد الحريري بالرياض وتقديم استقالته من رئاسة حكومة بلاده من دولة أخرى، في سابقة لم يشهد لها العالم مثيلا، وقد كان صادماً أن يظهر الحريري، بعد تصاعد الحديث عن احتجازه، في برنامج تلفزيوني من الرياض، وهو مفزوع مرتبك متناقض مما زاد الشكوك حول احتجازه وأعطى نتيجة عكسية وهي توحد اللبنانيين بعد أن كانت النية هي أن يتمزقوا ويثوروا ضد حزب الله.
 
وفي الأسبوع نفسه، وحسب مصادر فلسطينية، تم استدعاء الرئيس الفلسطيني "أبو مازن" إلى الرياض، حيث مكث هناك ثلاثة أيام وسمع كلاما ثقيلا، وربما حسب صحف بريطانية كان كلاما أثقل مما سمعه الحريري. ويرافق كل هذا دق طبول الحرب ضد إيران، ولا ضمانة ولا تأمين على طيش محتمل لإشعال حرب خليج أخرى، والمشكل أن أكبر خاسر فيها سيكون هو الذي ادعى القوة والقدرة على كسبها وغامر بما تبقى من عالم عربي وإسلامي بعد الخراب ليقوده إلى الدمار.
 
إن الذي أقدم عليه ولي العهد محمد بن سلمان بن عبد العزيز لا رجعة فيه، وسعودية اليوم لن تكون أبداً هي سعودية الأمس، ووضع الأمير الصغير كوضع جنود طارق بن زياد عندما قطعوا مضيق جبل طارق وأحرق القائد مراكبهم وقال قولته الشهيرة "إن البحر وراءكم والعدو أمامكم"! والفرق بسيط بين أندلس الأمس البعيد وسعودية الغد القريب، وهو أنه أمام الحاكم الجديد أعداء كثر وجهات لا تحصى، وأن الأحلام الإمبراطورية للسعودية مهما كانت مغرية فهي أوسع بكثير من إمكاناتها وإمكانياتها، وإن هذا التعملق الخارجي سيصطدم أولا باحتمال تصدع الجبهة الداخلية، وثانيا بهشاشة المتكئ الامريكي بحيث انه لم يسبق ان كان في قمرة قيادة الولايات المتحدة الامريكية رجل بلا بوصلة ولا اتزان كما هو دونالد ترامب.
 
هذا رأي نتمنى أن يكذبه الواقع ، فيا لفداحة الخسارة إذا قادت هذه المغامرة الى انهيار بلاد الحرمين الشريفين، والاجهاز على ما بقي من العرب والمسلمين. 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تطورات خطيرة في المملكة العربية السعودية تطورات خطيرة في المملكة العربية السعودية



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"

GMT 13:01 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

رودريجو يكشف عن شعوره الأول لحظة مقابلة زين الدين زيدان

GMT 16:29 2019 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مغربي يقدم على قطع جهازه التناسلي لسبب غريب

GMT 09:59 2019 الإثنين ,26 آب / أغسطس

"رئيس الوصية"..على أبواب قصر قرطاج
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya