هكذا رسم الملك محمد السادس الخطوط الحمراء لقضية الصحراء

هكذا رسم الملك محمد السادس الخطوط الحمراء لقضية الصحراء

المغرب اليوم -

هكذا رسم الملك محمد السادس الخطوط الحمراء لقضية الصحراء

بقلم - نور الدين مفتاح

الذين انتظروا مساء الإثنين الفائت خطابا ملكيا مزلزلا لم يظفروا بمرادهم، لقد قطع محمد السادس سلسلة الخطب الساخنة التي انطلقت منذ عيد العرش، ليلقي في عيد المسيرة الخضراء خطابا هادئا ولكنه صارم، وحتى وإن كان يوحي بأنه لا يحبل بجديد، فإن الجدّة تكمن في رسم الملعب المغربي تجاه لاعبين جدد في المنتظم الأممي، هما الأمين العام الجديد السيد أنطونيو غوتيريس ومبعوثه الشخصي للصحراء السيد هورست كولر، وإشهار أربع لاءات حتى لا تكون هناك أوهام في التعاطي مع هذا الملف، وحتى يشهد الجميع على أن الموقف المغربي هو موقف ثابت علني، سيكون من المؤسف أن نكرر إزاءه سوء تفاهم قد يعيد ما جرى لنا مع الأمين العام الأممي السابق بان كي مون ومبعوثه الشخصي كريستوفر روس.
 
اللاء الأولى، وهي المبتدأ والمنتهى، تتلخص في كلمات واضحة، وهي لا لأي حل لقضية الصحراء خارج السيادة المغربية ومبادرة الحكم الذاتي، وهذه النقطة تم التعبير عنها في الخطاب نفسه بطريقة أقوى حين قال محمد السادس: "الصحراء كانت وستظل مغربية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها مهما كلفنا ذلك من تضحيات"، إذن فكل ما تم الترويج له كتنازلات مفترضة بعد دخول المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وجلوسه إلى جانب الجمهورية الصحراوية المعلنة من طرف واحد، أو أن رسائل العودة إلى المنتظم الإفريقي تضمنت خريطة منقوصة للمغرب، هو مجرد مناورات، وما سبق للمبعوث الخاص السيد كريستوفر روس أن قدمه في آخر أيام مهمته كحل كونفدرالي هو مضيعة للوقت والجهد، والورقة الوحيدة التي يقدم المغرب في المفاوضات هي الحكم الذاتي الذي يمكن في إطاره مناقشة الزيادة أو النقصان، ما دام الأمر يتعلق بالمفاوضات داخل مربع السيادة لا خارجه.
 
أما اللاء الثانية، فهي ألا تتملص الجزائر من مسؤوليتها  في إيجاد مخرج من المأزق الذي وضعت فيه المنطقة، ما دامت هي التي افتعلت هذا النزاع وهي التي تغذيه لحد الآن، ولذلك يقول الملك إن المشكل ليس في الوصول إلى حل ولكن في المسار الذي يؤدي إليه، وهذا المسار لا معرقل له إلا الجزائر.
 
أما اللاء الثالثة فتفيد باستبعاد أي هيئة أخرى غير مجلس الأمن من الانكباب على الملف، باعتباره الهيئة الدولية الوحيدة المكلفة برعاية مسار التسوية، وواضح بجلاء أن هذا يعني أولا عدم شرعية تدخل الاتحاد الإفريقي في الموضوع، ويؤشر على أن معركة المغرب داخل المنتظم الإفريقي ستسير في هذا الاتجاه، أي أن ينكب الاتحاد على القضايا الجامعة المنتجة بدل القضايا المفرقة، وأن يترك نزاع الصحراء لأعلى هيئة أممية، وهي مجلس الأمن.
 
ولا يقف الأمر عند هذه الحدود، بل يتجاوزها إلى رفض المغرب حشر اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار في الموضوع، حيث إنها منذ تسجيل القضية لديها عندما كانت الصحراء مستعمرة إسبانية لم تخرج من جدول أعمالها على الرغم من أنها عادت إلى المغرب، وحتى إن كانت قضية متنازعا عليها، فإنها لا يمكن أن توصم إلى حدود اليوم بأنها قضية تصفية استعمار.
 
ومن هنا ربط الملك منطقيا هذه اللاء الثالثة بالرابعة التي قال عنها بوضوح: "الرفض القاطع لأي تجاوز، أو محاولة للمس بالحقوق المشروعة للمغرب، وبمصالحه العليا، ولأي مقترحات متجاوزة، للانحراف بمسار التسوية عن المرجعيات المعتمدة، أو إقحام مواضيع أخرى تتم معالجتها من طرف المؤسسات المختصة".
 
إن مجلس الأمن الدولي لا يتحدث في مرجعياته عن استعمار مغربي مفترض للصحراء، وإنما عن نزاع لابد له من حل سياسي بتوافق أطراف هذا النزاع، كما أن مجلس الأمن مرتبط بخطة التسوية المنبثقة عن اتفاق 1991، ولكنه أيضا مرتبط بما تلاها، وبتقريره استحالة ترجمة تقرير المصير إلى استفتاء، وبالحكم الذاتي الذي نصت عليه كل قرارات هذا المجلس منذ 7 سنوات خلت، ومفهوم أن يكون الموضوع الذي سبب أكبر أزمة بين الرباط والأمين العام الأممي السابق، لدرجة أن المغرب اضطر إلى تقليص بعثة المينورسو وقطع المساهمة في تمويلها هو نعت هذا الأخير للمغرب بالدولة المحتلة! كما لا يمكن في إطار متصل أن نتحدث عن توسيع صلاحيات المينورسو مثلا لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، والسبب واضح، وهو أن شأن حقوق الإنسان هو شأن وطني وله مؤسسات مستقلة تتابعه، وأن من يطالب به دوافعه سياسية وليست حقوقية، وأن شرعية الذي يطالب لا تؤهله لطلبه لأنه يرفض لحد الآن مجرد إحصاء "اللاجئين" في المخيمات، فما بالك بالسماح بمراقبة حقوق الإنسان فيها.
 
إن هذا التحديد المتجدد لرقعة المفاوضات بخصوص الصحراء موجه بالأساس للجزائر، التي تعتقد أن التمادي في جرجرة القضية في الأركان الأربعة للكرة الأرضية سيزعزع الموقف المغربي، وهو موجه ثانيا لقيادة البوليساريو حتى لا تظل نائمة ومنومة المواطنين في المخيمات في الأوهام، وموجة للإدارة الأمريكية الجديدة أيضا، على الرغم من أن دونالد ترامب يقدم صورة غير المهتم بمثل هذه القضية الثانوية بالنسبة لإدارته، وموجه لموريطانيا وللاتحاد الإفريقي وللقيادة الأممية الجديدة، مع إرفاق الرسالة بأسماء أخرى هي لإسبانيا التي ستقرأها بلغة أخرى هذه المرة مع ما جرى لها في إقليم كاطالونيا، ولفرنسا الثابتة على موقفها الداعم للمغرب مهما اتجهت رياح الانتخابات يمينا أو يساراً أو خارجهما.
 
إنها رسالة تطمين للمغاربة وللصحراويين الذين ينتظرون حركة أكبر على المستوى التنموي والثقافي، فلا يجب أن يأخذنا الثبات على الموقف إلى التثاؤب، وهذا دور الجميع من القمة إلى آخر منتخب في الأقاليم الجنوبية، فالقضية محتاجة دائما لليقظة والتعبئة، لأننا لم نربح بعد سيادتنا كاملة أمميا على الرغم من أنها مربوحة بحكم الواقع والاقتناع.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هكذا رسم الملك محمد السادس الخطوط الحمراء لقضية الصحراء هكذا رسم الملك محمد السادس الخطوط الحمراء لقضية الصحراء



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"

GMT 13:01 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

رودريجو يكشف عن شعوره الأول لحظة مقابلة زين الدين زيدان

GMT 16:29 2019 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مغربي يقدم على قطع جهازه التناسلي لسبب غريب

GMT 09:59 2019 الإثنين ,26 آب / أغسطس

"رئيس الوصية"..على أبواب قصر قرطاج
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya