حقائق ذاتية حول الزفزافي ومن معه

حقائق ذاتية حول الزفزافي ومن معه

المغرب اليوم -

حقائق ذاتية حول الزفزافي ومن معه

بقلم - نور الدين مفتاح

ماذا أزيد وماذا أفيد إذا أعدت تقليب أوراق سيدي القاضي وأحكام المحكمة الموقرة في قضية حراك الحسيمة؟ الذي سأفعله هو أن أعلن من موقعي المتواضع أن القضية كانت أهون وأبسط من أن تحتوى هكذا في 300 سنة سجنا ونيف ما بين الزفزافي ورفاقه والصحافي المهداوي. الذي أقوم به الآن هو تعبير مواطن غيور عن أن النتيجة لم تكن جوابا متناغما مع المصلحة العليا للمواطنين، نعم لقد كان جوابا قضائيا على متابعات جنائية، ولكنه لم يكن جواب عدالة في ميزان الحق العام.

القضية سيدي القاضي، السادة القيمين على سلاسة العيش المشترك، لم تكن قضية تخريب وترويع وإحراق وما اكتظت به صحيفة المغرق من تهم ثقيلة، ولكن القضية سياسية لا غبار عليها، قضية غضب شعبي مشروع من رأسه إلى أخمص قدميه، قضية حبلى بالشياطين المندسة في تفاصيل اليومي هناك في الريف المقصي، والعالقة بذاكرة شقية يبدأ عندها التاريخ مع بداية الألم سواء مع غازات المستعمر السامة أو مع قنابل 1959 أو مع قمع 1984. في ذلك الريف الأشم بدأت بوادر مصالحة مع العهد الجديد وجعل الملك الجديد حينها, من الحسيمة مستقرا صيفيا، ولكن المصالحة العليا لم تواكبها آلة إصلاح لترميم تصدعات الكرامة، وتكالب الفساد مع الجشع والإهمال والمخدرات والريع السياسي لإعادة الريف إلى بداياته الأولى. إلى الإحساس بالحكرة، إلى برميل مشتعل في كل بيت قابل للانفجار في أي لحظة وحين.

وعندما أطلقت مشاريع الحسيمة منارة المتوسط، كان الوقت قد فات نسبيا، ولكن كما يقول المثل اللهم التأخر أو لا شيء، وتم رصد نصف مليار دولار تقريبا للنهوض بقلب الريف، ولكنها تعرضت للطحن كما طحن السماك في حاوية الأزبال، وانطلق الحراك. ووددت لو سود السيد الوكيل العام للملك صحيفة اتهاماته بكل ما سلف، واستنبط المتابعات من مسطرة الواقع المرير وتابع من يجب أن يتابع بإهمال منطقة من الوطن إهمالا تاما، والتسبب في عاهات الفقر والحاجة المستديمة وإهدار كرامة المواطنين، وتهييء التربة لتهديد الاستقرار، وخيانة الثوابت، والفساد الإداري والسياسي… هذه هي التهم الحقيقية التي يجب أن تعرض على محكمة منصفة، لأن هذه القضية أصلا تخطئ المتهمين وتخطئ التهم، ولكن عزاء إخواننا أن هناك محكمة أخرى للإنصاف المطلق ستعقد أمام الله سبحانه وتعالى وعنده يختصمون.

صحيح تحركت بعض الترددات من جراء ما سمي ب الزلزال السياسي الذي أطاح بوزراء ومسؤولين في قضية الاختلالات المتعلقة بالحسيمة منارة المتوسط، وأذكر أنه لما بلغ إلى علم المعتقلين وعائلاتهم وهم في المحكمة الخبر، رفعت الزغاريد وتم الهتاف باسم جلالة الملك، واعتقد المساكين أن الفرج قريب، وأن الزلزال السياسي هو براءة معنوية لأبنائهم، واعتقد الأبناء أن هذه بارقة أمل في أن تأخذ العدالة مجراها، وأن تصبح محاضر الاتهام فعلا مجرد أوراق للاستئناس، ولكن هيهات هيهات! فما بين الاعتقاد والواقع بون شاسع، هو نفسه الموجود ما بين الأحكام وما كانت تتوق إليه الأحلام.

هذه قضية سياسية، سيدي القاضي، السادة القيمين على سلاسة العيش المشترك المفترض، ولأنها كذلك فقد بصمت على حراك سجل رقما قياسيا من حيث طوله ومضمونه، ولأنها كذلك كانت تعبيراتها صاخبة، أم أن للغضب في عرف القانون معنى الرقص والقهقهة؟! إنها قضية مطالب حارقة كانت لها تمظهرات خارقة، وحشدت الناس، وككل عمل كبير، وصخب عظيم، لابد أن تكون هناك آثار جانبية، فعلا أو رد فعل، وهذا يقع في الملاعب الرياضية وفي المهرجانات وفي التجمعات الحاشدة، فما بالك بانتفاضة المقهورين الذين أعلنوها سلمية. لقد بصموا على عمل دخل إلى التاريخ وأيقظ الغافلين، وحلموا بوطن يسعهم مع عائلاتهم، ولكن هل هذا هو الختام يا أصحاب القرار الكرام؟ ألا يكون الكرم إلا في قسوة الأحكام؟ ألا يستحق الشعب قليلا من الاحترام؟ ألا يستحق ضرائب أقل وتعليما أحسن وطرقات معبدة وشغلا كريما وسكنا لائقا ومشفى عموميا يكون اسما على مسمى؟

لقد أجمعت الأمة بما فيها الحكومة -تلميحا بطبيعة الحال- على أن أحكام استئنافية الدار البيضاء في ملف الزفزافي ومن معه والمهداوي لوحده كانت أحكاما قاسية، فما الذي قصدتموه بهذه الرسالة؟ ولماذا تضاف القسوة في الواقع المعيش لريافة إلى قسوة الأحكام؟ إن الذين يتجملون علينا بأن مغرب اليوم هو أحسن من مغرب الأربعة عقود الماضية ينسون أن أكبر من ساهم في بناء هذا التقدم الخجول هم الأغلبية الساحقة، فيما أكبر من استفاد منه هم في الغالب الأعم حفنة الريع والانبطاح والإفساد السياسي والاقتصادي. هذه هي المعادلة التي يجب أن نبحث فيها عمن يجب أن نحاكم.

وأما بخصوص تهم الخيانة والتخابر والانفصال، فإنها من المضحكات المبكيات، لأن هذا خلناه انتهى بانتهاء مهزلته السياسية حين اقترفت أحزاب الأغلبية بيانا وصمت فيه الحراك بالانفصال وتراجعت عنه، ولكن تحول هذا إلى صك اتهامات قانونية أعطت ما أعطت من سنوات سجن لا هي متناسبة ولا منتظرة ولا مقدرة ولا منطقية، وإن كانت قانونجية فإنها في النهاية صبت الزيت على النار المتقدة. إن الريف والشرق الشاوية ودكالة والغرب، درعة وتافيلالت والصحراء وكل مكونات هذه المملكة، جسد واحد قاسمه المشترك هو الولاء للوطن، وضره المشترك أيضا هو اللاعدالة الاجتماعية. وما دامت الأمور لم تؤخذ إلا بمأخذ الهزل لحد الآن، فإن كل شيء يمكن أن يخرج من هذا الاحتقان الوطني العام، وفي انتظار الإنصاف يا عباد الله، سنجد المظلومين يقولون مع الشاعر:

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حقائق ذاتية حول الزفزافي ومن معه حقائق ذاتية حول الزفزافي ومن معه



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين

GMT 20:47 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

"الوطني للسكك الحديدية "يعلن عن تخفيضات في تذاكر القطار

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حركة إعفاءات وتغييرات جديدة في صفوف الدرك الملكي

GMT 02:26 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ورق جدران بألوان جذابة لديكورات غرف معيشة مبهجة

GMT 22:03 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

صعقة كهربائية تودي بحياة شاب في سلوان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya