على هذه الشاشة ما يستحق الحياة

على هذه الشاشة ما يستحق الحياة!

المغرب اليوم -

على هذه الشاشة ما يستحق الحياة

عبد الحميد الجماهري

عندي اعتقاد راسخ، كلما دخلت إلى قاعة سينمائية، كنت متأكدا من أن عدد الأغبياء سيكون أقل إن لم يكن نادرا في القاعة!
هذه العادة التي أحافظ عليها قدر المستطاع، ربما تأتي من هذا المنطلق، ومن هذه الرغبة في تقليص فرص اللقاء مع الأغبياء، أولائك الذين لا يحبون الفن، ولا يحبون الثقافة ولهم عداء شبه جسدي مع الجمال!
قدر لي أن أعايش أجواء الفنانين أصدقائي والنقاد والسينمائيين الأفذاذ هذه السنة.مرات محببة، منها لحظات المهرجان العالمي للفيلم الطلابي .
ثم حضور عرض أفلام، منها "الوشاح الأحمر" لمحمد اليونسي وأخيرا مهرجان الرباط..!
وقد عشت لحظة افتتاح مهرجان الرباط بضوء غامر في القلب.شعرت بالفعل بأن القلب مضاء بطريقة جيدة، لأنني أعتبر أن السينما هي أيضا علم الضوء والعاطفة في كل شيء‮.
غمرني الشعور بالامتنان إلى المهرجان لما رأيت المسرح مليئا عن آخره، مما اضطرنا إلى الوقوف، الفنان الكبير محمد خيي والكبير مصطفى استيتو وعبد ربه الضعيف لرحمته. كانت الجغرافيا السينمائية حاضرة بكل قاراتها في الافتتاح، والحضور بهي، والطابق الأرضي مثل الطابق الأول ضاج بعشاق السينما..
كل شىء كان فيه، يُقْلق بالفعل الأعداء!
ولي أن أتساءل معكم عن الذين يمكن أن يكونوا أعداء السينما، بتجاربها المتتالية منذ 1994، سنة أول مهرجان والآن وقد تجاوز العشرين دورة..؟.
لي أن أتساءل، ولكني مع ذلك أعرف أنه حيث يكون الفن السينمائي ، تكون متأكدا بأن عدد الأغبياء أقل بكثير..
أضف إلى ذلك أن سينما المؤلف ، بحد ذاتها اختيار فلسفي وفني ورمزي وثقافي، وهو اختيار ذكي ، يمجد السينما الراقية بمشاركة تسعى إلى مصالحة العين بالشاشة المغربية.
2 ــ وشاح أحمر….

‬في‮ ‬فيلم‮ «‬الوشاح الأحمر‮» ‬ضوء كثير،‮ ‬ضوء‮ ‬يغمر المتفرج،‮ ‬سواء نبع من الإنارة أو من وجوه الشخصيات‮.. ‬كما لو أن مخرجه محمد اليونسي‮ ‬يريد أن‮ ‬يستعيد ذلك التعريف الأساسي‮ ‬الأول للسينما عند‮ «‬جان كوكتو‮»، ‬وهو‮ ‬يعرف السينما باعتبارها كتابة الزمن المعاصر،‮ مع فارق بسيط‮ ‬يجعل‮ ‬الضوء هو الحبر الجديد للكتابة‮.‬
هناك مبرر مجالي‮ ‬لهذا الطغيان‮ ‬،‮ ‬سببه الشرق ‬من حيث تطلع الشمس ومن حيث تبدأ القصة‮، كما وردت في السيناريو المكتوب بارعة أيدي كما يقول الفرنسيون ، مشتركا بين اليونسي وجيلالي فرحاتي..
تتقاطع القضية الكبرى، تهجير المغاربة المقيمين في الجزائر في سنة 1975 مع قصة زوجين لويزا الجزائرية ولحبيب المغربي ، وتبدأ رمزيا من لحظة ولادة، خروج الطفل إلى العالم يعني خروج أبيه من عالمه ومن تراب الجزائر، تربته الرمزية والعائلية… عندما يكون عائدا إلى المستشفى وقد اقتنى حاجيات للرضيع طلبتها الممرضة القابلة.
في الطريق يوقفه عسكري ويطلب منه الكشف عن هويته ، لما تبين له أنه مغربي الجنسية، يضعه في شاحنة عسكرية تضم مغاربة آخرين كلهم سيطردون عن*** طريق الحدود الشرقية.
تتوزع القصة بين وطنين
وبين كائنين تتوزع أدوارهم بين جمال الدين دخيسي،ونورة القرشي، ومحمد بسطاوي، ومحمد الشوبي، ويسرى طارق، وحسنة الطمطاوي.. وآخرين.
لقد استطاعت الكاميرا أن تعيد لنا اللحظة المأساوية برمتها، وبناء الفضاء اللغوي ( اللكنة الشرقية والجزائرية)، حيث برع المرحوم البسطاوي في التمرين الفونيتيكي جيدا إلى جانب الآخرين بدون استثناء. وأعادت بناء اللحظة السياسية بدون تكليس سياسي..أو مباشرة فجة.
لقد استطاع الفيلم، عند عرضه أن يضمن حضور الجمهور إلى آخر، بالرغم من المصاحبة الزمنية الممتدة نسبيا، ولعل هذه المصاحبة الزمنية(حتى لا نقول الطول ) قد أفقدت بعض اللحظات كثافتها التراجيديا ( كل عمليات تصوير حياة الزوجة لويزا أو المغربية المطرودة بدورها من الجزائر والتي تلتقي بالحبيب في كل يوم في طريق العودة من العمل..).‮ ‬
الكتابة الفيلمية، كما هي في السيناريو قوية ولا شك، غير أن تلك المصاحبة في‮ ‬الزمن تفقد بعض اللحظات كثافتها التراجيديا.
وقد كانت لحظات أخرى، حسب نقاشي مع أهل الاختصاص ، تستحق تركيزا أكبر، لكي تتسامى بمأساويتها، وتطلق سلاسة التركيب للشخصيات غير متسرعة!‬(شخصية الصديق التي أداها محمد بسطاوي ، تركت في الذهن مذاقا غير مكتمل، تماما كما هو حال المسؤول الجزائري وونيسه الموروث عن المرحلة الاستعمارية )..
ليس من حق القراءة العاشقة أن تقدم دروسا، ولا أن تبدي عرضا سينمائيا بديلا عن الفيلم، فهذا غرورها ولا شك، لكنها، هي، مرافق عنيد يطلب الكثير من فيلم زج بنفسه في شباك قضية تعاني، أول ما تعانيه من أضواء البداهة التي تعمي.
قصة تهجير جماعي متراكب الدوافع والغرائز، وفي مضمره تقع مآس إنسانية، فيطلب من الجزء أن يغطي الكل، وهذه مغامرة كبيرة جازف بها اليونسي، واعتقد بأنه نجح إلى حد بعيد للغاية في طرح الإشكال بدون أن يختزله في سياسوية «مسولمة»!
فيلم يستحق المشاهدة أولا، ثم الكتابة ثانيا..
فيلم ذكي كما قلت منذ البداية..!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على هذه الشاشة ما يستحق الحياة على هذه الشاشة ما يستحق الحياة



GMT 06:27 2020 السبت ,30 أيار / مايو

لماذا القلق على بيروت؟

GMT 08:22 2020 الثلاثاء ,26 أيار / مايو

كمين نبيلة عبيد!

GMT 04:49 2017 الأربعاء ,17 أيار / مايو

بعضنا فى الإعلام: شىء مخجل

GMT 07:57 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

الحياة‮ على مرمى‮ …‬شريط‮!‬

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya