صراع في أعالي الدولة الإرث، إمارة الدستور وإمارة المؤمنين

صراع في أعالي الدولة.. الإرث، إمارة الدستور وإمارة المؤمنين

المغرب اليوم -

صراع في أعالي الدولة الإرث، إمارة الدستور وإمارة المؤمنين

عبدالحميد الجماهري

تدور حرب علنية، بين المجلس الوطني وتعبيرات الحركة الأصولية في المجتمع، لكنها في التقدير الحالي للتوازنات داخل مراكز القرار، حرب تدور داخل الدولة نفسها، وبوسائل الدولة ذاتها.
كيف ذلك؟
عندما نشر المجلس الوطني بقيادة إدريس اليزمي تقريره، لفت الانتباه أن الرد الرسمي الأول نطق به مصطفى الخلفي وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، وأحد الوجوه الشابة البارزة في أعالي الحركة والحزب.
وقد تعمد الخلفي أن يورد اسم الملك عندما قال إن المجلس تحدث عن المساواة في الإرث، والملك حرم على نفسه تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرمه.. وقال بنص الجواب على يومية "المساء"، إن " توصية مجلس اليزمي حول الإرث مستفزة، والملك أكد أنه لن يُحل ما حرم الله".
أول شيء قد يتبادر إلى عقل يفكر من داخل بنية الحلال والحرام هو: هل حرم الله أو حلل في الإرث؟ أم أنه سبحانه وتعالى شرع، ولم يحلل أو يحرم في الإرث..!
غير أن السؤال الحقيقي في العمق هو :لماذا استحضار الملك، إذا لم تكن الاستراتيجية هي أن يضع الناطق الرسمي أعضاء المجلس وجها لوجه مع الملك! 
ليس المهم أن نعرف إن كانت ذكية أو غير ذكية، مشروعة أو غير مشروعة، بل ما يحيل عليه مضمر هذا التقابل هو أن المجلس الذي يتم تعيينه من طرف الملك، يتناقض مع وضع الملك نفسه في إمارة المؤمنين، وتكون النتيجة، المتوخاة أو المرغوب فيها هي أن من تم تعيينهم يدفعون إلى تحريم ما يحلل وتحليل ما يحرم!
والنتيجة أن التناقض لا يزول إلا بما هو قابل للزوال، وهو المجلس أو أعضاؤه. محمد الفيزازي كان مكبر الصوت في هذه المعركة فطالب بإزالتهم، مع إضافة المحاكمة إلى الإقالة..
فنحن إذن أمام تقابل صعب إمارة المؤمنين - في الإحالة عند الخلفي- أمام إمارة حقوق العالمين، في صك التعيين عند المجلس.
وهو تقابل غير بريء، لأن المجلس نفسه هو يد الملك الدستورية في قضايا حقوق الإنسان، باعتبار أنه تعين" مقابل التزام جنابنا الشريف بالحقوق كما هو متعارف عليها عالميا" كما جاء في الصك الشهير الذي تم بموجبه تعيين المجلس وإنشاؤه قبل ذلك.

ومن حقنا أن نسترجع لحظة الدستور وصياغته، عندما اشتغل هذا التقابل من أجل فرملة توجه أبعد في مسودة الحقوق والحريات، وأن نتساءل ما إذا كنا لم نغادر بعد اللحظة التأسيسية لدستور 2011.
كما لو أنه تعاقد هش، على قلق كأن الريح من تحتنا..! كما قال المتنبي.
الحزب -العدالة والتنمية -الذي يقود الحكومة هاجم التوصية التي خرج بها المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول المناصفة في الإرث، ووصفها بأنها خرق دستوري على اعتبار أن دين الدولة هو الدين الإسلامي.
فنحن في أعالي الدستور بما هو يضمن إسلامية الدولة..
وجاء في البيان أيضا أن "التوصية المذكورة تجاوزا لمؤسسة إمارة المؤمنين ومنطوق الخطاب الملكي السامي في افتتاح السنة التشريعية لسنة 2003 الذي أكد فيه جلالة الملك أنه بوصفه أميرا للمؤمنين لا يمكن أن يحل ما حرم الله أو يحرم ما أحل الله." 
نفس التفسير الدستوري للمساواة ذهبت إليه حركة التوحيد والإصلاح، الرحم الأم للحزب عندما قال رئيسها إن هذه التوصية "غير دقيقة في صياغتها وفي قراءتها المتكاملة المطلوبة لفصل دستوري مهم. فالفصل 175 ينص على أنه: "لا يمكن أن تتناول المراجعة الأحكام المتعلقة بالدين الإسلامي، والنظام الملكي للدولة، وبالاختيار الديمقراطي للأمة، وبالمكتسبات في مجال الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور".
منتدى الزهراء المحسوب على الحركة والحزب معا، والذي سبق له أن راسل بنكيران، يطالبه بإخراج المجلس الوطني إلى حيز الوجود، اعتبر توصية مجلس اليزمي تطاولا على إمارة المؤمنين والمجلس العلمي الأعلى، وأضاف المنتدى أن المجلس العلمي الأعلى هو الجهة الوحيدة المؤهلة للبت في القضايا ذات الطابع الديني، مؤكدا أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان كمؤسسة وطنية "خالف بتوصياته المتعلقة بنظام الإرث والعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، "صريح الدستور سواء في ديباجته أو في العديد من فصوله".
كان من الممكن أن نقول إن التوصية هي واحدة من بين 100 توصية، اتفقوا معنا على 99 ولكم البقية الباقيات، أو أن نقول إن الظهير المؤسس للمجلس يحدد مهامه في وظيفة استشارية محضة للحكومة وللبرلمان، وأن نعددها كالتالي: 
"بحث ودراسة ملاءمة النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل مع المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وبالقانون الدولي الإنساني، ويقترح التوصيات التي يراها مناسبة في هذا الشأن ويرفعها إلى السلطات الحكومية المختصة؛ المساهمة في إعداد التقارير التي تقدمها الحكومة لأجهزة المعاهدات؛ تقديم المساعدة والمشورة إلى البرلمان والحكومة، بناء على طلبها، في مجال ملاءمة مشاريع ومقترحات القوانين مع المعاهدات الدولية"، وفي هذا فالحكومة لها أن ترفض بدون ضجيج وأن تلغي بدون ضجيج، وأن تعيد الكرة إلى أصحابها بدون ضجيج.
وكذلك السند الحزبي للحكومة أو الذراع الدعوي لخطابها..

لكن الصمت في الواقع لا يخلق هوية سياسية، أو دولتية(من الدولة)، ولا يكشف عن عمق الصراع الدائر في أعالي الدولة حول تأويل الدستور وسلطاته، ومساحة اشتغال الملكية المتنورة التحديثية ومجال الفضاء المحافظ فيها.

ذلك التوازن الصعب الذي يشكل عنوان الصراع منذ 2011!

نحن أمام إعادة بناء الدوائر الثلاث في شرعية الملكية: دائرة الشرعية الدستورية، والشرعية الدينية من خلال إمارة المؤمنين والشرعية التاريخية..!
وللتاريخ بقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صراع في أعالي الدولة الإرث، إمارة الدستور وإمارة المؤمنين صراع في أعالي الدولة الإرث، إمارة الدستور وإمارة المؤمنين



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya