عبد الحميد الجماهري
ما زالت بلاد المغرب قادرة على أن تَقْتطع من خارطة الاشتعال العام في وضعها الاقتصادي والاجتماعي ومساحات التوجس الامني والترابي، زمنا لتفكير استراتيجي من قبيل الحديث عن الأقليات الدينية في الديار .. الاسلامية، في سياق تتعرض فيه للاضطهاد ومصادرة حقوقها و حسب قول المنظمين، وهما وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية و منتدى تعزيز السلم بالمجتمعات الإسلامية.. فإن هذا المؤتمر سيعرف مشاركة العديد من الشخصيات منهم وزراء، وعلماء، و باحثون، وممثلون للديانات المعنية بقضية وضع الأقليات في الديار الإسلامية، بالإضافة إلى منظمات دولية.
هي خطوة غاية في الأهمية، وربما هي الأولى من طبيعتها في بلاد اسلامية ، تحسب للوزارة الوصية، التي تكرس بهكذا توجه الوضع الاعتباري للمغرب
»كأرض الاعتدال والوسطية، المنشغل بمستقبل الإنسانية وحقوق الإنسان وكذا التنوع الثقافي والديني«..
وهو تموقع استراتيجي ، غير مرتعش ، في وقت تميل فيها الكثير مأن نظل رهيني الفوسطاطين، دار الايمان ودار الكفر، وبينهما برزخ لا يبغيان.
هناك واقع قائم لا يمكن لأحد من المسلمين، الذين يؤمنون بتجرد وجداني وبسمو روحي، أن يعفي نفسه من عقدة الذنب من وقوعه في ديار المسلمين.
فلا يخلو أي تقرير دولي، بخلفياته الحقوقية والإنسانية وبنأيه عن الحسابات الايديولوجيا من توصيف رهيب للانتهاكات التي تتعرض لها الاقليات الدينية في هذه البلدان..
سواء في القلب النابض للشرق الاوسط، في العراق وسريا، من قبل فيالق الموت الداعشي، ولتطرفات الأخري في اقوس الدم، زو في اسيا، كما في باكستان كدولة اسلامية كبرى راعية للتوجهات الحاكمية…
والاقليات لا تكون دائما غير اسلامية!
فالشيعةأقلية في ديار الاسلام السني ..
ولسنة أقليات دينية في بلدان السلام الشيعي!
ن ما يهم ، ويحظى بانشغال ، هو مفهوم الاقليات الدينية فيه، عنمدا تصبح اسلطة والتاويل الدي عنصر قلق ، عنمدا تكون مصذر اضطهاد
كما يمكن زن تكون عنصر قلق عندما لا …تكون، أو عندما تفقد سيطرتها على الوضع، وتظهر بنيات أخرى بديلة (كداعش مثلا )تعوضها وتقوم باعادتة ترتيب العلاقة مع الأقاليات..
لقد تنبه المنظمون إلى ما لضعف سلطة الدولة، والسلطات الدينية وحالات محلية لإفلاس سياسي… من تِير في تفاقم الوضع لا تقف عند فرض سرية العيش الديني واخفاد العقيدة أو الشعائر بل تتعداه الي النفي المطلق والاعدامات والقتل الجماعي..
لنا أن نعيد سؤالا كان قد طرحه الباحث مالك شبل في مقترحاته 37 لما اسماه اصلاح الاسلام.. »كيف لدار الإسلام أن تدخل النقاشات العالمية التي تمس الحكامة الدولية«، على قاعدة احترام الإنسان وحقوقه بدون تأويل فقهي عقدي ضيق لحقوق الناس..
هناك شقان للاشكالية لا ينفصلان:الاقليات في الديار الاسلامية والعلاقة مع الاخر، والذي عادة ما يكون تمثيلا للاقليات الموجودة في الداخل. حالة العالم المسيحي والعالم الاسلامي في علاقتهما مع منظومة القيم الكونية..
الجانب الاخر هو اقتراب التشريعات في البلدان الاسلامية المعنية، » خصوصا وأن التجديد الإسلامي، (…) يمكن أن يعطي انسجاما شاملا للعديد من الشعوب وتقليص التناقضات الموجودة اليوم بين الدساتير المتنافرة ويجب دراسة هذا التجديد الإسلاموي على اعتبار أنه تغير في سلم القيم : كيف ستصبح العلاقة غدا مع باقي المعمور؟«..
وبدون ذلك، لم يحدث شيء من الذي يجب أن يكون عليه الاسلام كما يريده المنظمون أي قوة تقدم وتسامح وتعايش..
وفي صلب ما يجب أن يتغير نظرتنا إلى القواعد الفقهية التي تحدد مكان الآخرين في نسيجنا الوطني،( المواطنة طبعا هي القاعدة!) ولا يمكن أن نعتبر بأننا نعطيهم الوطن منحة.. بدون أن يعني ذلك أننا يجب أن نعفي العقل الاسلامي من تفكير عميق في بنية الاشتغال والاسس التي يقوم عليها، ولنا أن نتأمل ما قاله صاحب »اسلام الأنوار«:»
مثل زاوية النظر هاته، التي تسعى إلى ملاءمة الفقه الإسلامي مع التنوع الثقافي والمتغيرات داخل الوطن الواحد نفسه، دافع عنها الزعيم التركي مصطفى كمال باشا(1881-1938)، مع ما عرفته من نجاح أثار الخلاف حول تقديره· وفي الواقع، فمن بين الكوابح التي تمنع الإسلام من أن يصبح قوة للتطور وللسلام والتسامح هناك الفقه، الذي يعد من أسس الشريعة، إلى جانب القرآن الكريم والسنة·
في البداية كان الفقه يساير تماما الواقع الإسلامي، لأنه كان يتغذى من حكمة صارت تنقصه بشكل كبير منذئذ· وكمثال على ذلك· نجد أن القران الكريم الذي يفترض أن يعود إليه كل المشرعين يدعو، في مجال القضاء المدني إلى مبدأ يحسن بكل التشريعات العصرية أن تتبناه· وفيه يدعو إلى أن يحتكم أهل الكتاب، كما هو حال اليهود أوالمسيحيين حسب قوانينهم الثابتة· وهذا ما نقرأه في في الآية الكريمة»وليحكم أهل الإنجيل بما أوحى الله به»، أفليس هذا إعلان عن بداية الحصانة الديبلوماسية!
منذ ذلك التاريخ تغير السياق بطبيعة الحال وتم تحريف هذه القواعد·