أي جنرال لرئاسة الأمم المتحدة

أي جنرال لرئاسة الأمم المتحدة؟

المغرب اليوم -

أي جنرال لرئاسة الأمم المتحدة

عبد الحميد الجماهري

من يذكر إنريكو ليطا؟
أعادت الحالة الأممية إلى الواجهة رئيس وزراء إيطاليا في العامين 2013 و2014، بعد أن ظهر كما لو أنه راح ينأى عنه الضوء. وقد جدّد عودتَه بسؤالٍ يستحق التأمل والتجريب العقلاني الممكن، لا سيما من قبائل الشرق الأوسط وغربه. تساءل الرجل الذي تخلى عن منصبه البرلماني في أبريل 2015، ليتفرغ لقيادة مدرسة باريز للشؤون الدولية: ماذا يلزم منظمة الأمم المتحدة الآن؟ هل تحتاج إلى شخص سكرتير (أمين) أم إلى شخص عام؟، في أسلوبية بلاغية تريد أن توزع الأمين العام للأمم المتحدة إلى هويتين: هوية «أمين» فقط أو هوية شخص يكون له وضع اعتباري فوق ما «للأمين» العام الحالي، غير أن صياغة النقاش حول الجواب، سيعطينا فكرة عما يريده الإيطالي الشهير، فَيَكاد «البروفايل» المرسوم أن يكون لشخصية… جنرال!
إنه يتحدث عن شخصية الأمين العام المقبل الذي سيخلف بان كي مون هذه السنة «زعيماً حقيقياً قادراً على أن يطور أجندة خاصة بالمنظمة الأممية»، وليس أميناً عاماً «مجرد منفذ للحد الأدنى المتفق عليه بين القوى العظمى».
ويتضح من مناقشاته التي نشرتها يومية لوموند الفرنسية، الأسبوع الماضي، أن السؤال عن هوية القائد الأممي، أصبح يمثل حاجة أكثر من الجواب، لأن الخبراء الاستراتيجيين، أمثال الإيطالي ليطا، يعتبرون أن اختيار من سيتولى هذه المهمة على رأس المنظمة، تتحكم فيه، هذه السنة، حالة قلق إنسانية عامة في العالم «تتميز بعودة متزامنة للجيو -استراتيجية ولمركزية الدولة الوطنية، باعتبار أنهما خضعتا لتهميش كبير في الفترة التي تحكمتْ في العالم أوالياتُ الأزمةِ الاقتصادية والمالية».
عادت المقاربة الجيواستراتيجية بقوة، بفعل قضايا الإرهاب والأمن والهجرات، كقضايا تستأثر بالاهتمام لدى الدول والشعوب. أما عودة الدولة الوطنية، كمُحاور مركزي في السياسة الدولية، فسببه الميوعة التي أصبحت عليها المنظمات المتعددة الأطراف (من قبيل الاتحاد الأوروبي) وعجزها عن التعامل مع القضايا المذكورة.
والأمم المتحدة في هذا كله؟ هذه المنظمة التي رأت النور على أنقاض عصبة الأمم، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وانهيار الفاشيستيات الكبرى، ورأى النور معها «ذلك الحلم الكانطي بوجود سلام دائم، تقف عاجزة، في ما يشبه الملاك الواسع الجناحين الذي لا يستطيع أن يطير.
ونجد أن كيفن رود الذي سبق له أن تولى رئاسة الحكومة الأسترالية، ويرأس حالياً اللجنة المستقلة حول التعدد القطبي التابعة للمعهد الدولي للسلام في نيويورك، لم يُراعِ اللغة الدبلوماسية المهذبة المطلوبة، لا سيما بعد نجاح قمة المناخ في باريس، في الحديث عن المنظمة، وكرّر صيحات الفشل الأممي بالقول عالياً «علينا أن نقرَّ بما هو بديهي: غابت الأمم المتحدة عن تدبير الأزمة الأكرانية، والأمم المتحدة لم تُعد أيّ استراتيجية تنسيقية لمواجهة الإرهاب، وكانت غائبة بالمطلق عن المفاوضات النووية مع إيران، والأمم المتحدة لم تستطع أن تُدبِّر النزاع السوري الذي يدوم منذ خمس سنوات، مخلفاً دولةً عرضةً للتفكك، وسكانها إما يتعرضون للمجزرة أو للنفي، والأمم المتحدة كانت عاجزة عن التحكم في أزمة المهاجرين التي أثقلت أوروبا، وتركت الملايين من الأشخاص بلا مأوى، كما فشلت فشلاً بيِّنا في محاولة معالجة أزمة وباء إيبولا في إفريقيا».
في هذا الموت البطيء الذي بالكاد يُخْفون عنا إعلانه الرسمي، تقف أخطر منطقة في العالم اليوم، والمعنية بها الأمم المتحدة، كما لو أنها غير معنية بتاتاً. ومن سوء حظنا أن هناك من يفكر بالأشياء العميقة، والتي تؤثر فينا، نحن الذين نقبع في أسفل الترتيب الدولي، بدون أن يكون لنا تأثير فيها أو حتى مجرد رأي. فنحن في قلب عاصفة الإرهاب، ونحن في قلب عاصفة اللجوء، شعوباً وأفراداً، ونحن في قلب عاصفة النووي الإيراني..سلباً أو إيجاباً. .. ونحن نتداعى بمودة: «تعالوا ننتمي للمجزرة»..
ونتداعى بغير مودة : «تعالوا ننتمي للمنفى».. كأنما مجال حريتنا الوحيد هو الاختيار بين الموت أو التشرد، من دون أن يكون لنا كلمة في من يختاره العالم رئيساً للأمم المتحدة، حتى ولو كان رؤساؤنا غير مختارين!
صارت منطقة شعوب الشرق الأوسط وغربه، مع وجود الأمم المتحدة، عالماً خطيراً، لكنها، وبلا شك، ستكون مع انهيار هذه المنظمة أكثر خطراً. وأغلب المناطق التي ما زالت للأمم المتحدة شبه دور فيها، هي مناطق الشرق الأوسط وغربه، وعلى الرغم من وجود شخصيات من هذه المنطقة ذات قامة أممية، فإن المفارق في العملية أننا نصلح دائماً موضوعاً للنزاع، ولا نصلح أصحاب موضوع للنزاع! وقلما نتولى التأثير، باعتبارنا أصحاب القضية الأولى، من اليمن إلى ليبيا مروراً بكل القوس الشرق الأوسطي الرهيب، في النقاش الدائر، كما هو الحال حول الحكامة الأممية اليوم وغداً.
نكاد نعلن، بجبريّة لاهوتية، أننا نستحق أن نكون ضحايا قوة الأمم المتحدة، كما قوتها وتفككها، وأننا مجرد قبائل للتوازن بين الروم وأعدائهم، لا أقل ولا أكثر…
والحال أن السببين الرئيسيين في النقاش يتعلقان، منذ الوهلة الأولى، بمنطقة الشرق الأوسط وغربه، وهما هنا عودة المقاربة الجيو-استراتيجية، والحديث عن مركزية الدولة الوطنية.
وقد أغفلت الشعوب وساستها المعنيون هذين العاملين، قبل أن تذوب الدولة الوطنية بفعل التكتلات الكبرى، إقليمياً وقارياً، ثم بعد أن تراجعت التكتلات، (حديث الميوعة أعلاه)، وقبل أن تنهزم الجغرافية السياسية أمام المقاربة الاقتصادية والمالية، وبعد أن استعادت الجيواستراتيجية مكانتها وتحرّر العقل الدولي من السياج الاقتصادوي المحدود.
لا زمن لدخول الشرق وشعوبه إلى المعادلات الأممية، كما لو كان جغرافياً بدون سياسة، أو كَمًّا بدون دول.
---
لسنا من الكم الذي لا تهمه العلاقات مع الأمم المتحدة، فنحن ندرك بأن المغرب، بعد أن ثبت وجوده في صحرائه، وبعد أن بسط سيادته على أراضيه وانخرط أبناء جنوبه في المسلسلات السياسية برمتها، دستوريا وانتخابيا ومؤسساتيا واقتصاديا، يدرك بأن الثغرة الأممية يمكن أن تأتينا منها الريح السموم.وهو مطالب بأن يعيد طرح سؤال الأمانة العامة ، في سياق النقاش الدائر دوليا..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أي جنرال لرئاسة الأمم المتحدة أي جنرال لرئاسة الأمم المتحدة



GMT 08:25 2016 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

أي جنرال لرئاسة الأمم المتحدة؟

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya