فوق عتبة القانون وتحت سقف الأخلاق

فوق عتبة القانون وتحت سقف الأخلاق!

المغرب اليوم -

فوق عتبة القانون وتحت سقف الأخلاق

بقلم : عبد الحميد الجماهري

كل شيء في قضية القياديين ، بنحماد وفاطمة النجار يغري بالحديث، بالفذلكة اللغوية، بتجريب الخيال في مآزق العاطفة في اللعب بالكلمات وانفتاح السخرية على شهيات جديدة..البحر،
فمن لم يقده الحب إلى البحر ، ليس محبا بالمرة 
الفجر،
ومن لم يجرب السهر حتى منتصف الفجر ليس محبا بالمرة 
العمر،
و من لم يغامر باحتراق خمسيني على جمر اللذة لم يعمر الأرض بالمرة
لكن الأمر أكبر من شهوة
وأعلى من لذة!
و الذي يقض المضجع عندما نكون أمام حالات متتالية ، يوضع فيها القانون والأخلاق على محك السياسة والدعوة يكون أبعد من توصيف سريع لعلاقة أبدع فيها ابن حزم في طوق الحمامة .. ونزار القباني قبل ليلة سبت غير عادية على شواطئ فضالة !
عندما سئل الفيلسوف الفرنسي »إيريك فياط« عن العفة ، في حوار مع أسبوعية ليبراسيون،أجاب :» العفة هي أن تحمر الروح خجلا من الجسد …«.
وامتثال الروح للجسد، فكرة بشرية شاعرية، لكنها تكتسب بعدا مأساويا عندما يميل نزوع ما ، باسم الدين أو باسم العرق … إلى الأخلاق ، وهو ما حدث مع قضية الحبيب الشوباني، ثم مع قضية بنحماد والنجار، وقضية المخدرات ثم قضية الخمر..
كيف؟..
نحن أمام وقائع يتجاور فيها كل ما هو في حكم الخارج عن الأخلاق(امتلاك أرض من منبر المسؤولية السياسية، زواج عرفي، ونزهة بحرية لا تغري شابين في مقتبل العمر بالنهوض باكرا .. حادثة المخدرات في بيت مستشار جماعي ينتسب إلى «التميز الأخلاقي«، ثم حركة سير غير عادية تحت تأثير الخمر )، مع ما هو في عرف القانون….
ففي حكاية الشوباني ، مثلا ، بدا من التسويغ القانوني لقضية الهكتارات أن من حق الرئيس أن يستثمر، طبقا للشكلانية القانونية المحضة، لكن السياسة، وبالضبط الأخلاق السياسية ، كانت تضعه على طرف نقيض مما تبغي نفسه!
هنا كنا أمام ثنائية لم يسبق أن واجهها حزب وضع الأخلاق عتبة «سماوية» ما زال صداها يتردد عند قولة الأستاذ عبد الإله بنكيران :هل تريدون الحكومة أم تريدون الجنة؟.. فاختاروا الجنة طبعا!
هذه الثنائية هي :القانون يسمح بالملكية الشخصية للأراضي، ولكن الأخلاق السياسية تمنع ذلك..
القانون مع الترف، لكن الأخلاق مع الزهد في الدنيا!
وفي الحالة الثانية، نحن أمام ثنائية تتجاوز في تقديري الحرية الشخصية !
فالأمر لا يتعلق بشخصين عاديين لهما سلوكهما، الديني والتربوي والأخلاقي، بل هما من صناع الرأي العام الدعوي، يضعان لأنفسهما وضعا اعتباريا حول قيادة الجميع نحو مراتب السلوك الذي يريدون، كما يضعان تعريفا محددا للتدين، مبني على فهم معين …. للشريعة!
وهنا نصل إلى ثنائية أخرى ، أكبر بكثير من حريتهما الفردية في قيادة الجسد إلى ضفاف اللذة.
فهما في نقطة استعصاء غير مسبوقة في حياتهما وحياة من يصنعان لهما شبكة لقراءة الدين! فلأول مرة يقول القانون عكس ما تقول الشريعة كما يفهمانها معا، ومن على مراتب المسؤولية في حركة دعوية هي دليل الهيمنة الثقافية للحزب السياسي الأول في البلاد!
إننا أمام استعصائين: الأول بين القانون وأخلاق المسؤولية ..
والاستعصاء الثاني بين تأويل الشريعة وحقيقة القانون!
ولا بد من أن نحدد أنه عندما تضع عتبة عالية في المجال الأخلاقي، أو الأخلاقوي المتعلق بالسلوك العام، عليك أن تحسن القفز فوق الزانة..
فأنت تضع عتبة لمحاكمة الناس ، فلا يمكن أن تغضب عندما يحاسبونك بناء على ذلك..
ويذكر العبد الضعيف لربه مقولة للراحل الكبير، محمد جسوس في أحد ملتقيات الشبيبة الاتحادية، وهو يرد على تدخلات المناضلات والمناضلين وهم يشتكون من »قساوة« الأحكام والانتقادات التي بدأت توكل وقتها إلى حزب القوات الشعبية والشهداء:كان الشباب ، ذكورا وإناثا في حالة تبرم حقيقية من الانتقادات القاسية فقال رحمه الله:»لا تنسوا، أنتم من علم الناس ربط السياسة بالأخلاق ، وأنتم الذين انتقدتم كل السلوكات غير السوية، فلا بد من أن يستعمل الناس معكم ما علمتموهم ..«!
كان كلام الراحل الكبير حجتنا في تحمل القساوة وتحمل الأحكام، بالرغم من أن ما كان يعاب علينا ، وقتها لا يتجاوز بعض مظاهر »الرخاء« العابر على بعضنا، وبعض الاستفادات المحدودة من الانتخابات..
(يتبع)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فوق عتبة القانون وتحت سقف الأخلاق فوق عتبة القانون وتحت سقف الأخلاق



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya