إضراب مسجد فاس واحة الله…وفوضاها

إضراب مسجد فاس.. واحة الله…وفوضاها!

المغرب اليوم -

إضراب مسجد فاس واحة الله…وفوضاها

بقلم : عبد الحميد الجماهري

لا يعني توقيف خطيب مسجد يوسف بن تاشفين بفاس المُعيّن من الخطبة من طرف مجموعة من المصلين، بدون قرار رسمي، لا يعني الذين صلوا في مسجد فاس وحدهم، بل أعتقده يمس المصلين جميعا، وفي أي مسجد كان..
تلك واحة لله.. 
وإذا كان المغاربة قد قبلوا، من باب إمارة المؤمنين أن تتولى الدولة فيها ضبط فسحتها بعيدا عن الشطط ، فلأنهم آمنوا أن فضاءات واسعة لا بد لها من قانون ، يجمع بين الروحي والدهري ليحمي ، بالدرجة الأولى، المكان..
المسجد هو رابط محبة، وتوادد وروحانيات تفوق الموقف من الإدارة..
هناك سلطة دينية متوافق حولها وهي تختار من ينفذ هيكلتها للحقل الديني، لكن أبعد وأكبر من ذلك هو أن المساجد، هي مواطن الأمن الروحي الأخيرة في عالم متقلب، وعندما نرى تفخيخ المساجد، بالقنابل والسيارات..يمكننا أن نتخوف من تفخيخ روح الخطب والإضرابات.. «بالسيلفيات» !
والذين يستغربون حديث أهل القانون الوضعي عن مساجد العبادات، هم الذين يريدون أن يجعلوا من تدينهم سببا كافيا لكي يفرضوا على الناس.. 
الصوت والمنبر
والصورة
والمعبر..
سألت نفسي:
ماذا لو حضرت صلاة يوم الجمعة في مسجد يوسف بن تاشفين بفاس؟
كنت سأفزع مهرولا إلى بيتي حيث لا خطيب..
ولا وزارة أوقاف …
ولا «مارك» فايسبوكي ينقل الفوضى… 
سأكتفي بحسنة واحدة، ربما مضمونة (لا نزكي على الله أنفسنا)
عوض 27 جماعية قد لا يصلنا منها سوى .. سيلفي طرد خطيب لا يروق لبعض المصلين!
فاس ليست مدينة عادية …
عاصمة الروح، وعاصمة الروح إذا سكنتها بذرة الشقاق، عافانا الله جميعا، لن تخلو منها روح أبدا..
لا أحد يقول ما الذي سبق قتل الأئمة في المساجد، قبل هذا القرن والقرن الأول للديانات؟
سوى ما ينقله الكلام
واللغو الذي منعته الأحاديث يوم الجمعة.. (روى إمامنا مالك، عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت؛ وفي حديث آخر، قال: ومن لغا فلا جمعة له)...
لا حديث عن السيلفيات
ولا عن البث المباشر..لهذا تبدو السخرية جزءا من الموقف ضد التشريع الذاتي في الحرم الرباني!
هل من حق وزارة الأوقاف أن تقوم بما قامت به؟
ما يهم من السؤال هو أن يكون الجواب مقنعا من حيث التزامها بما يليق بالوظيفة والتعاقد بينها وبين خطباء المساجد..
لكي نقول: بلى، ذلك من حقها..
وإذا كان غير ذلك، 
سنقول: كلا!
لأننا لا نريدها أن تنحاز
أو تشط في السلطة
أو تظلم الخطيب المعفى.. الخ
لكن أن يكون الموقف من الوزير مدعاة لكي تتعطل الصلاة!
فهنا لا تكتسي القضية شكل تعاقد مهني 
مثل مدرسة يمكن تعطيلها بإضراب
أو معمل لصناعة الزرابي 
أو مصلحة أو بنك
بل تكتسي إضرابا عن عقد مع لله عز وجل!
فهذا بيت لله!
لا أعرف تبريرا لتعطيل الصلاة في بيت من بيوت الله، اللهم إذا كان وجود خطيب غير الخطيب المستحب والمطلوب يجعل المسجد مسجد ضرار!
بما يعني ذلك مسجد نفاق .. وتفرقة ووجود آثم ضد الدين
وغير ذلك مما اجتمع في قصة مسجد ضرار الذي بني بالقرب من مسجد قباء والذي نزلت فيه الآية الكريمة المعروفة…
وهذا منحى خطير للغاية..
لقد عشنا تجربة المساجد الخارجة عن التأطير، مساجد ( الكاراجات) والتي فتحتها تيارات متطرفة للتأطير من خارج الحقل الديني المغربي ..وعشنا نتيجتها الرهيبة، واليوم يراد لنا أن نقبل، باسم مواجهة الدولة [ الطاغوت؟] مساجد «جهادية صوفت أو لايت.. !»
لقد رفض المغرب، جماعة وفرادى، منطق الحكم والتنفيذ الذاتي في ما يتعلق بتطبيق القانون الوضعي سواء بمعاقبة اللص أو الفتاة لا يروق سلوكها للعامة بمبادرة من الأشخاص..أو غيرهما من المثليين …
رفض (شرع اليد)، لأن ذلك يتناقض ومبدأ الدولة وهيبة القانون 
وعليه أن يرفض شرع اليد في ما هو من صميم الروح الدينية للمغاربة..
فنحن نشعر أن من بين عناوين الهندسة المادية الدالة على إمارة المؤمنين في النسيج الروحي المغربي هناك … المسجد!
لا بد من التنويه في هذه النازلة، بالجماعات والتنظيمات الدعوية التي أدانت هذا السلوك ونبهت إلى مخاطره لما فيه من فتنة…
منذ 11 سنة خلت دافعت ضد الدولة في ممارسة تمس حرمات المساجد في قضية إمام خنيفرة ..
(المقال : للمساجد حرمتها
تتفاعل بمدينة خنيفرة قضية إمام مسجد، ينتمي إلى جماعة العدل والإحسان، تم عزله وتقديمه للمحاكمة• وكان هذا الإمام يؤم المصلين ويخطب فيهم كل يوم جمعة• صحيح أنه تم إعفاؤه، وأنه لم يلتزم بالقرار، في قومة فردية لا يمكن إلا أن نعتبرها من نوع العصيان والرفض لقرار رسمي من الجهة التي سلمته الترخيص أول مرة• لكن الطريقة التي تم بها تطبيق القرار لا يمكن أن تكون مقبولة أبدا• فقد دخل رجال السلطة إلى المسجد والرجل فوق المنبر ، وتم توقيفه وطرده بدون مراعاة لحرمة المقام ولا للعيون الشاخصة للمصلين وهي تتابع الأمر•إنه سلوك يفوق الخطأ، ويتعداه إلى صب الماء في طاحونة كل الخطابات المتطرفة ، بل لا نحتاج إلى التخوف من الفكر المتطرف والتكفيري لكي نستهجن مثل هذا السلوك ونرفضه رفضا باتا• نحن مسلمون ونعرف أن مثل هذه التصرفات تعتبر مسا بحرمة بيوت الله، كما أنها تكرس صورة الدولة التي لاتراعي قدسية المكان، ولن نعدم من ينشر في الناس أن المسجد لم يعد عتبة تقف عندها سلطة البشر وما إلى ذلك• لقد كان من الممكن أن يتم توقيف الخطيب قبل دخوله، أو انتظار إنهائه للصلاة لكي ينفذ القرار، أما وأن لا يشفع المسجد لأحد في تأجيل القرار أو تسويغ تطبيقه، فذلك مما لا يقبله الحس الديني المغربي• تماما كما حصل بمسجد عبير بسيدي مومن بالدار البيضاء ، خلال صلاة العشاء يوم السبت الماضي• فقد قامت عريفة بمداهمة صفوف المصليات من النساء لكي تستلم مبالغ مالية جمعتها النسوة المصليات، مساعدة منهن لإمام المسجد• إنما للمساجد حرمتها، ولا يمكن أن يقبل المس بنورانية المكان ووداعته الروحانية بأي مبرر كان• فالطمأنينة في أماكن العبادة، جزء من الأمن الروحي والديني ولا يمكن أن تحتمل أي مبرر سلطة أو مبرر سلوكي من أي كان• لكل روحانية وتدين هندسته، للصلاة في الإسلام اتساع الأرض ، نعم، لكن أيضا حدود في المكان لا يمكن أن يطأها رجل السلطة• كان ذلك في 9 أكتوبر 2006 )..
وإذا كانت الدولة، التي تملك وحدها شرعية العنف، لضمان الأمن الروحي مجبرة على سلوك روحي في الأمن فالأشخاص والجماعات لأسباب أكثر خطورة لا يملكون إلا أن يكونوا مثلها..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إضراب مسجد فاس واحة الله…وفوضاها إضراب مسجد فاس واحة الله…وفوضاها



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:03 2014 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد الجوز " عين الجمل " لا يعلمها إلا القليلون

GMT 12:28 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الفرسان يتطلعون للفوز بثاني جولات بطولة "هذاب"

GMT 06:07 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

سيت الأفضل لقضاء شهر عسل لتميزها بالمناظر الجذابة

GMT 03:45 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مديرة الأزياء جين ماكفارلاند تستعرض مجموعة كافالي

GMT 06:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تصنف المغرب أبرز مُصدّري اليهود منذ استقلال المملكة

GMT 00:00 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

" أوراق بوكافر السرية " جديد الكاتب ميمون أم العيد

GMT 23:10 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رشيد غفلاوي سعيد بانضمامه إلى فريق الساحل النيجيري

GMT 23:08 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المهاجم فيصل عجب يثبت جدارته مع نادي التضامن

GMT 17:14 2016 الجمعة ,01 إبريل / نيسان

سر إغماض العيون أثناء تبادل القبل على الشفاه
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya