سياسة مبنية للمجهول  بلاد العجائب

سياسة مبنية للمجهول .. بلاد العجائب!

المغرب اليوم -

سياسة مبنية للمجهول  بلاد العجائب

بقلم : عبد الحميد الجماهري

في بلادي، بلادي العزيزة، يحدث أن يتمتع الخيال السياسي بِحِيَل تفوق كل محترف إبداعي.
ففي نهاية الأسبوع الذي ودعناه، كتب وزير عن نفسه بصيغة.. الغائب، وقال وزير آخر إن التظاهرة التي خرجت في الدار البيضاء هي .. صلاة الغائب، ولا أحد يعرف من كان وراءها..!
في بلادي وحدها يمكن أن يخرج الآلاف -حسب ما قاله الغائبون - إلى الشارع بدون حاجة إلى ترخيص.. وبدون الحاجة إلى أن تعرف الدولة الرشيدة من كان وراء خروجهم!
لنبدأ بالسيد وزير العدل ثم نصل إلى السيد وزير الداخلية (اللجنة المركزية للانتخابات لله يخليهم لينا بجوج)..!
السيد مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات أصدر على صفحته بالفايسبوك ما سماه «إعلانا عاما…»، لحكمة يعرفها هو.
ولحكمة أخرى يعرفها هو أيضا، يتقدم وزير العدل والحريات، متنكرا في ضمير .. الغائب! وقد نشر في موقعه على الفايسبوك ، تدوينة تتكلم عن وزير العدل بصيغة الـ….هو!
يقول وزير العدل : »خلال الانتخابات الجماعية السابقة كان وزير العدل والحريات يقرر مع وزير الداخلية في كل ما يتعلق بالشأن الانتخابي... حاليا على بعد ثلاثة أسابيع من انتخابات 7 أكتوبر، تقع عجائب وغرائب…«!!!
لم يذكر هذه الغرائب والعجائب..وبذلك لم نخرج بعد من حكايات «ألف ليلة وليلة» و«ليس في بلاد العجائب».. وهو يتحدث عن «كان وزير العدل…»، عوض :«كنت أنا وزير العدل والحريات» ..
ثم كتب وزير العدل عن نفسه :
- «وزير العدل والحريات لا يستشار ولا يقرر في شأن ذلك، مما يعني أن أي رداءة أو نكوص أو تجاوز أو انحراف لا يمكن أن يكون مسؤولا عنها…».
كرس منطق الغائب، الذي شخصته إحدى شخصيات عاهد سعيد عندما تحدث عن «هو مسكين..»، ذلك الرجل الحقيقة- الوهم الذي كان يتكلم عن نفسه بصيغة الغائب مع إضافة الطابع «المسكين» حوله..
وتبين كما لو أن الوزير يتقدم بطلب عبر الهواء لكي يتحدث في الموضوع.. مع «الضمير الغائب» تقديره أحد ما!
لقد كان من الممكن أن يتقدم إلى رئيسه ورئيس الحكومة فهو الحكم والمسؤول المشارك ..غير أنه اختار الفايسبوك لرفع طلب إلى حكم أعلى ولا شك، لكن مع صيغة الغائب….
قد يسعفنا فقه اللغة في ترتيب علاقة مفترضة بين صيغة الغائب …واستراتيجية الصمت التي اعتمدها الحزب الذي ينتمي إليه، في مواجهة تقلبات الربع الساعة الأخير من الإعداد للانتخابات..
وما من شك أن السياق يخلق المعنى: إذ يعتبر بلاغ الوزير تعبير توازن الشك الذي خلقته الانتخابات منذ إعلان الرئيس عن وجود دولتين ومسارين للمغرب..!
لن أهتم بالشرح وتأويل البلاغ، فهو يشكل تقديما لما سنعرفه من مواقف تصدر عن حزبه!
لكن من المؤكد أن البلاغ، في سياقه الزمني، يأتي بعد رفض ترشيح الملياردير بوصوف بتاونات
ثم تداعيات قضية القباج ..
ثم المسيرة، باعتراف وزير الداخلية نفسه..
الغائب كان أيضا وراء مسيرة الدار البيضاء..كما لو أنها جاءت لتؤكد وجود العفاريت الذين تحدث عنهم الأستاذ عبد الإله بنكيران منذ 5 سنوات!
ووزارة الداخلية، الموكول لها، معرفة من يتجول - سياسيا - في الشوارع، قالت إنها لا تعرف من خرج يوم الأحد..
قال السيد محمد حصاد
«الدعوة إلى هذا الاحتجاج استهلت أول أمس الجمعة من خلال موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، واستمرّ ذلك أمس السبت، ولم تتوصل وزارة الداخلية بأي طلب رسمي للترخيص»، واسترسل: «أقدمت وزارة الداخلية، بمجرّد علمها بهذا التحرّك الاحتجاجيّ، على التشاور مع كل المصالح الأمنيّة».
المسيرة التي خرجت إلى الشارع، وهي الأولى من نوعها ضد حزب سياسي، بتهمة مشروع يتجاوز أداءه الحكومي، لا يعرف لها اسم!
لا وجه لها..
لها ألف وجه ولكن لا وجه سياسي معروف..
هو الغائب الذي يصنع موقفا سياسيا كبييييييييرا، لكن لا نعرفه!
هكذا نميل شيئا فشيئا إلى الأشباح، في التقرير وفي الخروج …
ونميل إلى الشرح بأن التظاهرة مبنية للمجهول
والسياسة مبنية للمجهول 
والبديل المرتجى مبني للمجهول
والمطالبة برحيل حكومة بلد يمكن أن يكون مبنيا للمجهول..
وخروج الناس إلى الشارع مبني للمجهول..
والهدف واضح ولكن أصحابه مجهولون، ولا أحد تقدم بضمير المتكلم لكي يعبر عن معنى هذه المسيرة …
الكل صادر عن الفايسبوك: بلاغ الوزير والدعوة إلى التظاهر!
كان بودنا أن تكون التظاهرة ناجحة وتعبر عن موقف سياسي ونقابي ومدني واضح، ويتحدث عنها وزير الداخلية بوضوح ولا ترد في بلاغ وزير العدل بعبارة «العجائب والغرائب..»..
طبعا، هناك الجندي المجهول الذي طلبوا منه أن يحارب مجهولا آخر اسمه أخونة الدولة!
ربما أيضا مطلوب منه أن يجد البديل من المجهول ..!
يمكن أن نتساءل:لو كانت الإدارة تقوم بواجبها كما يليق، لن يكون هناك جنود مجهولون في مسيرة مبنية للمجهول، تحمل الراية الوطنية وصورة عمر بنجلون!!!!!!!!!
طبعا نحن أمام وزيرين، العدل والداخلية هما محور اللجنة المركزية للانتخابات، وهما يتعاملان معنا بالإشارات غير المنتجة بتاتا للنقاش العمومي!
كيف سنتعامل مع سلوكات اللجنة الداخلية المشرفة على الانتخابات، بالمعلوم أو بالمجهول؟
لا يمكن انتقاد الأستاذ مصطفى الرميد بدون انتقاد السي محمد حصاد، في ما يخص إضفاء طابع «المجهول والغائب» على توتر سياسي واضح!
طبعا، نحن الذين نؤمن أن البديل لا يمكن أن يخرج إلا من الشعب وبإنضاج شروط سيادته الثقافية والسياسية، بعيدا عن أية وصاية «مجهولة»، لانرى في مسيرة مبنية للمجهول وبلاغ مبني للغائب سوى طريقة ملتوية في ترتيب نتائج قادمة، بدون مماحكات تقتضيها الديمقراطية..
لنبق اليوم في الشكل، ونتفكه قليلا من العقد البيوغرافي للغائب!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سياسة مبنية للمجهول  بلاد العجائب سياسة مبنية للمجهول  بلاد العجائب



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya