محمد عامر بلقاسم  عزائي فيك …عديد

محمد عامر بلقاسم : عزائي فيك …عديد!

المغرب اليوم -

محمد عامر بلقاسم  عزائي فيك …عديد

بقلم : عبد الحميد الجماهري

يصعب ألا أنعت الحياة بأنها بلهاء، ناقمة بالمجان وهي تأخذ منه الشيء الوحيد الذي كان يملكه لكي يبالغ في السخاء معها، أقصد بوهيميته.
صديقي محمد بلقاسم عامر ذهب إلى الله بقلب سليم للغاية، حتى وهو يودعنا يوم جمعة قبيل جموع الناس، كان يهيئ مناخه البوهيمي لكي يحضر الجميع، هو الذي ظل يحب الجميع، في عزلته الفريدة!
مثل سنديانة عاش مثل شجرة رمان عارية توفي ، لكنه في كلتا الحالتين كان سخيا مع الحياة ولم يكن يعرف كيف يعاملها سوى بالإفراط في تفرده البوهيمي..
من الصعب أن يمر بحياد في حياتنا..
من الصعب أن نغلق قوسه، إذ ليس في سيرته ما يجعله مثلنا: متفرد في العاطفة لأنه يملك من الحواس كلها قلبه السليم
السليم للغاية ..
فهو قد شغلته خصومته مع ذاته عن تحديد مواقف مغايرة مع الآخرين غير المودة
والسخرية 
والعبث الحريري أحيانا كثيرة..
صديقي محمد بلقاسم عامر لم ينتظر طويلا أن تتحقق نبوءته بنهاية العالم ذات فاتح يناير من عام ما، لهذا أسرف في الحياة، أسرف في العاطفة ..أسرف في الخيال.. أسرف في الانزياح حتى تسعفه السرعة في معرفة النهاية ويذهب مندسا في ضحكاته إلى العدم، ينتظر أن يلتحق به العالم هناك… وقد جلس فوق نجمة أو صراط!
صديقي ليس أديبا، بل كان لمسة الأدب في الكلام
وليس شاعرا، بل كان خرافة الشعر في اليومي الروتيني في قرية مهملة بين الجبل وبين الطريق..
صديقي رجل تعليم ، ساعدني شخصيا على تربية الخيال، والفرادة والشعور بجدوى الكلام في بناء الفرد، وبناء العلاقات وبناء الحاسة السادسة..!
كان يصدق بأن له هذه الحاسة ولن تخونه في ترصد القيامة..
مرة في وجدة الألوفية، المضيئة بجميلات الغرناطي، كنا ونحن طلبة نلحس بألسنة الفقراء «فيترينات» الملابس الأنيقة.
لم تكن كلمة الشوبينغ بعد قد استقرت في القاموس اليومي للمغاربة..
فانتبه رحمه الله إلى خيالنا وهو يرتديها مزهوا .. فدعانا إلى دخول «الماغازا وطلب من السيد الواقف هناك لحراسة البذلات في أناقتها الجامدة أن نقيس ما ننوي شراءه..
دهشنا لكنه أقنعنا بضرورة أن نمرن الجسد على أناقة مرتجلة.
كذلك لبسنا ونزعنا ثم خرجنا ضاحكين من حيلته في أن يقلص من حجم الحرمان أمام لوحة استهلاكية..
وقتها كانت المرآة الوسيلة الوحيدة لالتقاط »سيلفي« ..!
كان مفاجئا دوما كمطر يهطل في ليل صيفي قائظ، ويخلخل كل ما تتوقعه، يقرأ بنهم حتى وصل حدا من قراءة المستقبل عبر النجوم..
لم يكن يعرف سوى أن يحب ويسخر ويكلم أشباحه بما علمه من لغة الإشارات والبلاغة..
يحمل حشيشته إلى أعماق اللغة ويسربل اللغة بحشائش لا يعرف مفعولها غيره..
ضاع في لجة عميقة من التعريفات ..
وخرج إلى لحظة بلورية في العيش، هناك حيث الأفكار تتلألأ من فرط غرابتها..
ليرحمك الله ويبسط قلبك لملائكته الكرام، واحة من إنسانية لم تَسِمْها الحياة بأدنى نية سيئة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محمد عامر بلقاسم  عزائي فيك …عديد محمد عامر بلقاسم  عزائي فيك …عديد



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:06 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الأسد

GMT 10:35 2016 الأحد ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة حول "أطفال الشوارع" في مركز "عدالة ومساندة" الأحد

GMT 19:42 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

باتشوكا المكسيكي يقصي الوداد من كأس العالم للأندية

GMT 20:05 2017 الإثنين ,30 كانون الثاني / يناير

إيسكو يلعب عددًا بسيطًا من المباريات مع ريال مدريد

GMT 04:56 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عطيل عويج يُبيّن سبب تعاقده مع فريق الفتح المغربي

GMT 03:00 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستقبل العام الجديد 2016

GMT 07:25 2015 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عصابة مدججة بالسيوف تحاول اغتصاب فتاة وسط الناظور
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya