لا أحد ينهزم في حبه للوطن…

لا أحد ينهزم في حبه للوطن…!

المغرب اليوم -

لا أحد ينهزم في حبه للوطن…

بقلم : عبد الحميد الجماهري

تعلمنا من مسيرتنا السياسية أن كل لحظة وطنية عالية هي بجوهرها لحظة انفراج سياسي، في الحقل الوطني.
وتعلمنا أن القضية، أية قضية، عندما تحمل الصفة الوطنية تتجاوز كل الحساسيات وكل الحسابات..
التاريخ القريب، قبل البعيد ماثل أمامنا..
في 1975 ، عندما قرر المرحوم الحسن الثاني تنظيم المسيرة الخضراء،كان النظام السياسي المغربي في حالة ترهيب قصوى..
وحالة جمود تلت العواصف التي سبقتها:
- انفجار الأزمة في أعلى هرم السلطة بين العسكر والملك في 71 مع انقلاب الصخيرات و1972 مع انقلاب الطائرة،
وكانت لحظة رعب كبيرة لم تمس النظام وحده، بل أيضا القوى السياسية المعارضة..
- أحداث الثورة المتنقلة بين مولاي بوعزة وحملة الحلم الطوباوي، في عموم خارطة التراب الوطني..
- الحالة الاستثنائية المفروضة على المغرب والتي دامت بعدها عشر سنوات، أي منذ أحداث الدار البيضاء 1965، وإلى تلك الآحايين.. التي بدأ فيها الانفراج!
- عشرات الإعدامات، والأفواج العديدة من المنفيين والمشردين والمغتربين، وعشرات المئات من المعتقلين ، ومنهم قادة كبار أمثال الشهيد عمر بنجلون..
-جمود المؤسسات، باستثناء المخابرات في »الكاب وان والجيش والدرك….
غير أن هذه اللوحة القاتمة، لم تمنع كل القوى الوطنية آنذاك، من الاستقلال إلى الاتحاد الوطني ( الاتحاد الاشتراكي حاليا) مرورا بحزب التحرير والاشتراكية، (التقدم والاشتراكية حاليا ).. من تفضيل حالة انفراج سياسي ووطني، حول قضية الصحراء الوطنية.. والتعبئة من أجلها!
بالرغم من كل هذه الترسانة العنفية، لم يتردد أي مناضل، في القمة أو في القاعدة، في الدفاع عن البلاد في ظروف مناهضة تماما للديموقراطية.
فالديموقراطية وقوة المؤسسات تطورا دوما في ظلال الوطنية، واللحظات الوحيدة التي كان يراد للوطنية تعطيل الدفاع عنها عبر الديموقراطية، كانت لحظات خاطئة (لحظة منع بوعبيد رحمه الله من الدفاع عن رأيه في الاستفتاء …بعد أن كان المرحوم الحسن الثاني قد قبل به في قمة نيروبي 2)..
ولا أحد يمكن أن يقارن بين تلك اللحظة، لحظة السبعينيات من القرن الماضي ونحن على أبواب استكمال الوحدة، وتدويل القضية أمام محكمة لاهاي، في إطار صراع حاد بين الحركة الوطنية وملكية المرحوم الحسن الثاني باللحظة التي نعيشها اليوم إلا في ما يتعلق بالمقارنة بين مصير الوحدة الترابية آنذاك وبين الوضع الديموقراطي الجامد، وبين وضعية القضية الوطنية، الجامدة في الاتحاد الإفريقي منذ ثمانينيات القرن الماضي وبين الديموقراطية المشتغلة، بما في الاشتغال من نسبية..
الدرس الدائم لهذه الحيوية الوطنية هو ما قلناه باستمرار:
لا أحد يملك أن يكون الوطن ورقة في يده!
لأن الوطن وُجد لكي يكون فوق الحسابات بالرغم من ألمها، كما كان الراحل عبد الرحيم بوعبيد يؤمن بذلك.
لا نتفاوض مع الوطن …أيضا، 
ولا نقيم المكاسب بما يجب أن نقايض به مصير المعركة!
الوطن اليوم في حاجة إلى نكران الذات التامة والشاملة..
ولا يمكن أن نقول للملك محمد السادس، ما كان البعض يطالب به عبد الرحيم بوعبيد إزاء الحسن الثاني رحم الله الجميع ، »اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون…. في حساباتنا..عندما يكون لذلك علاقة بالوضع الداخلي..!
لقد كانت ولا شك للراحل الحسن الثاني حساباته،
العسكرية والسياسية والوطنية من وراء الانخراط في الواجب الوطني،
كما كان معارضو الانفراج يقولون بذلك، لكن هذه الحسابات لم تمنع علال الفاسي وبوعبيد واليوسفي ورفاقه وعمر ورفاقه، من أن ينصتوا إلى نداء الوطن ولو كان صادرا على لسان الرجل الذي يعارضونه بقوة..وكان سبب إعدام إخوان لهم!
لقد كانت الوطنية دوما المفهوم الأوسع لدخول الديموقراطية، من باب تدشين مسلسل ديموقراطي ، ورفع الحظر العملي والقانوني عن الأحزاب ، وبداية مراجعات قضائية ذات أبعاد سياسية ، تهم العديد من المعتقلين والمودعين في المقرات السرية والعلنية..
على الجميع أن يترفع إلى سمو اللحظة الوطنية..
والجميع يقبل بالتنازل لفائدة الوطن.. 
وقضيته الأولى
التي تتجاوز رهانات التوازن السياسي ،
مهما كانت المصاعب.. 
من المحقق أن المرحلة المرتبطة بعودة المغرب إلى مقعده في الاتحاد الإفريقي، هي مرحلة ستطول مدتها..
كما تتعقد إشكالاتها بعيدا عن التركيبة السياسية والإخراج السياسي، المرحلي ، والمحدود في الزمن والمكان..
ولا أحد يشعر بأنه منهزم عندما يكون المطلوب هو مصلحة الوطن!

المصدر : صحيفة الاتحاد الإشتراكي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا أحد ينهزم في حبه للوطن… لا أحد ينهزم في حبه للوطن…



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya