القَدَرِيّة والجَبْرِية في مغرب ما بعد 4 شتنبر

القَدَرِيّة والجَبْرِية في مغرب ما بعد 4 شتنبر!

المغرب اليوم -

القَدَرِيّة والجَبْرِية في مغرب ما بعد 4 شتنبر

عبد الحميد الجماهري

دخل المغرب، من بعد انتخابات 4 شتنبر، فيما يبدو أنه »عزف منفرد« وحالة برودة مستعصية على الفهم. والمتصفح للأدبيات والمتابعات لمجريات الأمور سيلاحظ ، بدون كثير عناء أن المهيمن الأساسي، ، هو رئاسة الحكومة، ورئاسة الحزب الذي يقودها.، والأكثر من ذلك أن الهناك شبه تسليم بهكذا قدر سياسي، سنتجه به الى انتخابات الصيف القادم التشريعية بنوع من التسرنم، الذي يجعل الكثيرين يسلمون بالموجة ؟…
السؤال الأول الذي يشغل البال هو: هل التسليم بهذه »الجِبْرية« السياسية، أي الشعور بأننا مجبرين على القبول الكلي بالقادم من الأشياء، هو من صميم القبول بصوت الشعب المغربي الذي أعطى أغلبية لا غبار عليها في انتخابات المحليات لشتبر الماضي، ويقتضي الموقف الشجاع والنزيه الإقرار بإن العدالة والتنمية استحق فوزه، بدون البحث عن قمل في رؤوس الاخرين، أم تقتضي الديموقرطية فعليا أن تعمل القوى السياسية على »قَدَرِية« أخرى ، أي تؤمن بأنها تمكل القدرة على فعل شيد ما يخرج الحالة السياسية من سرنمتها؟..
لسوال الثاني: هل وضع رئيس الحكومة، وربما لأول مرة في تاريخ البلاد القاعدة النهائية للانتخابات:من معي فهو مع الشعب والاصلاح ومن يخلفني حتى ولو بارادة سياسية مستقلة ونوعية وتاريخية، فهر بالضرورة مرتعش أمام التحكم .. والحزب الواحد؟..
إن السؤالين معا، يستوجبان قراءة هادءة، ليس بمعيار المصلحة الشخصية أو الحزبية، بقدر ما تجب مراجعتها من بوابة الانتقال الديموقراطي.
ففي المشهد السياسي اليوم ثلاث قوى كبرى:
القوة التي تعتبر أن اجندة 20 فبراير ما زالت قائمة، وأن الحماس السياسي الحالي والاحتقان الاجتماعي والتراجعات في تطيور النظام السياسي بناد علي معلنات دستور 2011 كلها عناصر توكد بأن الوصفة للخروج من الربيع العربي بربح سياسي معترف به دوليا، لم تكن كافية وأن هناك أشواطا إضافية في اللعبة.
وهذه القوى جزء منها داخل النسق السياسي المغربي، كاليسار الموحد والقوى الراديكالية في محيطه، جزء أساسي ، هو العدل والاحسان خارج النسق السياسي وهو يطرح أبعد من السقف الدستوري، أي منازعة شرعية النظام السياسي القائم، أو التي تسعى إلى الانخراط فيه عبر أحزاب إدارية (السلفية الجهادية)..
القوى الثانية، الأحزاب السياسية التي شاركت في اخراج الوصفة المغربية لما بعد الربيع العربي، بدون المرور عبر بوابة 20 فبريار أو انها حاربتها علانية وصراحة للتخوفات التي صاحبتها(شرعية كانت أو مفتعلة)..أو التي مرت عبر البوابة وساندت اجندتها الاصلاحية ورافقت عنفوانها ، ثم خفوتها..
وأخيرا القوى التي لم تصدق أبدا حكاية التغيير، وظلت تنتظر عودة القطط إلى رمادها البارد، لتعيد تركيب المشهد، بدون ظهور واضح في الواجهة، وعبر مقومات أخرى… 
هناك ملاحظة أولى حول ما سبق :بالرغم من هذه » التعددية« في الاسماء والمسميات، وفي التكتلات المعبر عن هذه القوي أو تلك، يبدو وكأن المشهد السياسي - الداخل في النسق-مرتبط »بهويات..وضعياتية«، أي كيانات سياسية تحدد مواقفها ، بل هويتها حسب »الوضعيات»!( الأوضاع بلغة عثمان بنعليلا)!!
أي لا يتحكم في اصطفافها الموقف من الاجندة الدستورية أ و الموقف من ترتيبات الاصلاح أو المصير النهائي للانتقال الديموقر اطي، بقدر ما يرتبط بالمشاركة في التدبير السياسي الناجم عن الانتخابات.
الملاحظة الثانية هي أن المصطلح الاصلاحي بدأ يتقلص إلى مناقشة الكلفة المالية لنهاية الدولة الاجتماعية.
بمعنى آخر فإن الملفات التي تطرح اليوم وتشكل عمق الصراع العلني هو بين من يحافط على نموذج اجتماعي يضمن جزء من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية عن طريق الدولة ومن يريد منها أن تخرج نهائيا من اللعبة وتترك الطبقات لحربها الانتحارية ونهايتها الماساوية التي تعدها الليبرالية الدولية المتوحشة؟..وهو ا يتم في غفلة من الإصلاح السياسي ومن متابعة أجندة التغيير وتحصين هوية المجتمع التعددية.
لا تبدو الهوية السياسية للكيانات السياسية والمعادلات المتفرعة عن واقع السياسة اليوم،قارة بما يكفي ، لكي نغامر بأية قراءة.
هناك نوع من المحاولة في رسم المشهد من فوق قارب يتمايل ، القارب السكران في قصيدة ارتير رامبو الشهيرة.. والحال زن عدم استقرار العناصر المحددة للفعل السياسي تجعل المستقبل ضبابيا أكثر، علي الأقل من جهة مجهود الإصلاح ومآلاته.. فالديموقراطية تحتاج الي موازين قوى rapports de force وليس موازين مقاعدrapport de places كما ينجم عادة عن الهويات الوضعياتية..identite situationnelle: تلم الهوية التي تدور دوما في فلك الهوية الأوقي منها قبل أن تتحلل وتنمحي في استلاب شامل بتعويض الانتماء الفكري بالمصلحة التدبيرية!
يعصب فعلا أن نتصور أننا سنكون قادرين على الوصول بالديموقراطية الى المرحلة النهائية (التيرمينيس) باختيار .. الأوطوسطوب!
فعلى أي قاعدة سيتم التنافس في انتخابات المغرب التشريعية؟
هذا سؤال لا يبدو أنه مطروح الآن..اللهم بالنسبة لمن يستعد لميزان المواقع!
****[ الجَبْرية الجبر هو نفي الفعل حقيقة عن الإنسان والجبرية الخالصة لا تثبت للعبد فعلا ولا قدرة على الفعل بالأصل.
القدرية ان الأحداث بمشيئة البشر أي الإنسان يختار أفعاله كما يريد وهي بعيدة كل البعد عن الجبرية].

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القَدَرِيّة والجَبْرِية في مغرب ما بعد 4 شتنبر القَدَرِيّة والجَبْرِية في مغرب ما بعد 4 شتنبر



GMT 16:49 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

التطبيع والقضية وبعض المسائل المسكوت عنها

GMT 17:39 2020 الجمعة ,04 أيلول / سبتمبر

ليست مسألة حكومة

GMT 15:15 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

أخبار اسرائيل سيئة مثلها

GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya