تضارب مصالح

تضارب مصالح

المغرب اليوم -

تضارب مصالح

حسن طارق

نهض جزء من دينامية الربيع المغربي، على شعار مركزيٍ هو الفصل بين السلطة والثروة. في خلفية التحليل كان الحَراك الشبابي يفكر في معضلة الجمع بين السياسة والمال كإحدى العناوين الكبرى للفساد. الأكيد أن الشعار كان قويا في تشخيص أحد الأعطاب الكبرى للحالة السلطوية، حيث الزواج الهجين بين السلطة والثروة، يعتبر طريقة في الحكم، وسيلة لبناء شبكات الزبناء، مبررا لتعطيل دولة القانون، نفيا للمصلحة العامة، ومناسبة لتحويل العمل السياسي من كونه تدبير للشأن العام إلى غطاء لحماية المصالح الكبرى والخاصة.
في كثير من مفاصل الحوار العمومي الذي تلا دينامية 20 فبراير، وجواب 9 مارس، كان هناك اهتمام بالتفاعل مع هذا الشعار، عبر استحضار التأسيس الدستوري والمعياري لمنظومة وطنية للنزاهة والحكامة، وتقديم اقتراحات تنطلق من هاجس تخليق الحياة العامة وتطويق إمكانيات استغلال النفوذ، ومحاولة التفصيل في حالات تضارب المصالح وتدقيق وضعيات التنافي وعدم الجمع بين المسؤوليات، وتجريم التسريبات المخلة بالتنافس، ودسترة الضمانات المؤسساتية والسياسية الكفيلة بدعم معركة مكافحة الفساد.
وإلى آخر لحظة من مسار صياغة دستور 2011، كان التنصيص بشكل دقيق على منع تضارب المصالح الخاصة والمسؤوليات العمومية على مستوى السلطة التنفيذية، قائما إلى حدود الصيغة ما قبل النهائية، قبل أن يسقط من الوثيقة التي ستعرض على الاستفتاء في يوليوز 2011.
ورغم ذلك، فقد تم التنصيص في صياغة عامة (الفصل 36) على أن القانون يعاقب على المخالفات المتعلقة بحالات تنازع المصالح، وعلى أن السلطات العمومية تتكلف بالوقاية من كل أشكال الانحراف المرتبطة بنشاط الإدارات والهيئات العمومية، وبإبرام الصفقات العمومية وتدبيرها، وعلى أن القانون يعاقب على الشطط في استغلال مواقع النفوذ والامتياز، ووضعيات الاحتكار، وباقي الممارسات المخالفة لمبادئ المنافسة الحرة والمشروعة.
بعد ذلك، وفي إطار تفعيل مقتضيات القانون الأسمى للمملكة، ورغم رفض الحكومة التفاعل مع كثير من مطالب النواب، ذات العلاقة بهذا الموضوع، وذلك بمناسبة صياغة القانون التنظيمي المتعلق بالحكومة، فإن هذا الأخير (المادة 33) أقر بضرورة توقف الوزراء خلال ممارستهم لمهامهم عن أي نشاط قد يؤدي إلى تنازعٍ للمصالح.
العمل السياسي ليس حكرا على فئة اجتماعية لوحدها، ولا على طبقة دون غيرها. المبدأ العام هو المساواة وتكافؤ الفرص، لكن الجمع بين المسؤولية العمومية، سواء تمثلت في الصفة الحكومية أو الانتداب الانتخابي، وبين المصالح الخاصة المهنية أو التجارية أو الاقتصادية، يقتضي حرصا مضاعفا على التجرد والنزاهة.
الجواب القانوني الجاف، الذي عادة ما تقدمه الحكومة حول بعض حالات تضارب المصالح التي تثار من طرف الصحافة والرأي العام والبرلمانيين، قد يكون مقنعا من الناحية الشكلية، لكنه قد لا يكون كذلك، دائما، على المستويات الأخلاقية والسياسية.
الدولة ليست في حاجة إلى «صدقة» من أحد. الدولة محتاجة إلى احترام القانون، واحترام أخلاقيات المهام العمومية. أجور الوزراء هي مقابل طبيعي لمهامهم وتكليفاتهم العمومية، مقابل يؤديه المواطنون دافعو الضرائب.
لذلك، فالحكاية الطريفة حول التنازل عن الأجر، والإصرار الفج على تسويق ذلك، كانت مجرد مزايدة بنفحة تواصلية فاشلة.
رجاءً؛ تقاضوا أجوركم. لكن، لا تستغلوا مواقعكم الحكومية لخدمة مصالحكم الخاصة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تضارب مصالح تضارب مصالح



GMT 08:43 2017 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

الكتاب يقرأ من عنوانه

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya