مثل صيف لن يتكرر

مثل صيف لن يتكرر!

المغرب اليوم -

مثل صيف لن يتكرر

بقلم : حسن طارق

ما نعيشه في هذا الصيف القائض هو مجرد استباق للحملة الانتخابية بحملة موجهة للرأي العام، مضمونها هو التكييف النفسي للاستعداد لغلق مرحلة ما بعد حكومة بنكيران، حيث تبدو عناصر هذه الحملة المكثفة متمحورة حول فكرتي «السياسة الكبيرة» و»الحرب الأخلاقية «، وذلك من خلال عناصر متنوعة منها:
– تسويق فكرة تملأ صالونات الرباط والبيضاء، تنطلق من قدرية «السياسة الكبيرة»، عبر الإيحاء والإيهام بوجود قرار مركزي فوقي، بعدم تكرار تجربة حكومة بقيادة العدالة والتنمية، أو على الأقل بقيادة عبد الإله بنكيران .
– استثمار حرب البلاغات بين الداخلية والبيجيدي، عن طريق تأويلها كتعبير مؤسسي على موقف الدولة «السلبي» من هذا الحزب .
– محاولة تركيز (تبئير) الصورة على جملة من المتفرقات التي تهم منتسبين إلى العدالة والتنمية (مستشارين جماعيين أو أعضاء في تنظيمات محلية)، في محاولة لزعزعة «التفوق الأخلاقي» لهذا الحزب، وهي متفرقات تقوم على نفس البنية الحكائية، وبسبب أزمة مؤكدة في الخيال، غالبا ما تعتمد عنوانا نمطيا يتحدث عن «تورط قيادي في حزب في فضيحة أخلاقية».
هل ستنجح هذه الحملة؟
الأكيد أن تسويق فكرة القرار المركزي «غير الموجود أصلا»، ستقوي من صورة البيجيدي لدى فئات من الطبقة الوسطى، التي تتمثله (بعض النظر عن واقعية ذلك، فالانطباع في السياسة أهم من الواقع) كمدافع شرس عن السياسة، وعن الإرادة الشعبية داخل بنية سلطوية تقوم على معاداة الحزبية المستقلة، ولها حساسية «طبيعية» ضد الشرعيات الصاعدة من «تحت»، وهو نفس الأثر المعاكس الذي من المرجح أن تلعبه سلسلة البلاغات الصادرة عن الداخلية في علاقتها بالعدالة والتنمية .
كما أن محاولة التشويش على التفوق الأخلاقي للبيجيدي، قد تؤدي إلى آثار عكسية، ذلك أن الرأي العام قد يقرأ ذلك كمحاولات مكشوفة تصفي من خلالها جهات ما حساباتها السياسية مع هذا الحزب، كما أن «الاحتفاء» المبالغ فيه بهذه الحالات المتفرقة، يعزز بشكل مفارق من صورة تميزه الأخلاقي، ويرسخ في النهاية أن هذه الحالات هي مجرد نماذج معزولة، فكثير من «الأحداث» التي يتم العمل على تسويقها، قد لا تستحق صفة «الخبر» وقد تصبح «لاحدث»، إذا تعلق الأمر بمستشار جماعي، أو بمسؤول محلي ينتمي إلى حزب آخر، كما أن طبيعة الوسائط المستعملة في هذه «الحملات»، قد تجعل القراء يميلون إلى تكذيب ما قد تنشره- في مرات نادرة- من أخبار «صحيحة» بسبب فقدان مزمن للمصداقية.
هل ستنجح هذه الحملة؟
في الواقع هناك إمكانيات لذلك، فهي تستند إلى رهان إضعاف المشاركة، وهو ما سيعني ضعفا في منسوب التصويت السياسي، وإلى تعبئة أصحاب المصالح ودوائر النفوذ المالي، وإلى استثمار أقصى لآليات الضبط الانتخابي في العالم القروي .
لكن، لنلاحظ أن العبقرية التي تخطط لهذه الحملة النفسية، قد تكون هي نفسها التي خططت لتحالف G8، وهو ما كان قد قدم أصوات الطبقة الوسطى الحضرية هدية مجانية للعدالة والتنمية في 2011، وهي نفسها التي قد تكون خططت لإفشال بنكيران بصناعة معارضة الصراخ والشعبوية والبهلوانية الرخيصة، وهي المعارضة التي جعلت بنكيران يذهب إلى انتصار 2015 كما لو أنه يذهب إلى نزهة نهاية أسبوع.
واليوم فإن «التلاميذ السحرة» للعبقرية نفسها، قرروا محاربة تجربة الحكومة، عبر بوابتي «السياسة» و»الأخلاق»، وليس عبر محاكمة «السياسات».
وهذا ما يعني أن التلاميذ السحرة لهذا الصيف الذي لن يتكرر، بلغة الأديب محمد برادة، قد قرروا خوض الحملة في ملعب البيجيدي وبأدواته المفضلة.
يا لها من عبقرية!
يا له من ذكاء!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مثل صيف لن يتكرر مثل صيف لن يتكرر



GMT 09:40 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

فعول، فاعلاتن، مستفعلن.. و»تفعيل» !

GMT 06:51 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

من يسار ويمين إلى قوميين وشعبويين

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 06:13 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

خطة حقوق الإنسان: السياق ضد النص

GMT 07:07 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

المهنة: مكتب دراسات

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya