سنة خامسة دستور

سنة خامسة دستور !

المغرب اليوم -

سنة خامسة دستور

بقلم : حسن طارق

مرت خمسة سنوات، إذن، على دستور 2011: الدستور السادس للمملكة بلغة الأرقام، دستور “الربيع العربي” بلغة السياسة، دستور “الملكية الثانية” بلغة التفاؤل، دستور فاتح يوليوز بلغة الصحافة، دستور 29 يوليوز بلغة الباحثين .
طوال هذه الخمس سنوات المكثفة، لم يتعلق الأمر فقط، بتطبيق الميثاق السياسي الجديد الذي بات ينظم علاقات السلط وصلاحيات المؤسسات وحضور المواطن في الفعل العمومي، بل الواقع أننا كنا في مرحلة مفتوحة لاستكمال بنود هذا الميثاق نفسه، ذلك أن الولاية التشريعية التاسعة(2011/2016) شكلت، كذلك، ولاية “تأسيسية” من حيث كتابة النصف الثاني من الكتلة الدستورية الذي تم ترحيله إلى القوانين التنظيمية كثيرة العدد، والتي همّت شؤون السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، فضلا عن مجال الديمقراطية التشاركية والبعد الجهوي للديمقراطية المحلية، بالإضافة إلى تنظيم بعض مؤسسات الدولة ذات الأهمية الكبيرة، أو قضايا ثقافية واجتماعية ذات حساسية خاصة .
لذلك ظل سؤال الابتعاد أو الاقتراب من روح وثيقة يوليوز 2011، حاضرا خلال التداول في كل هذه القوانين، والتي لاشك أن بعضها تحول إلى نصوص ضرورية لفهم وتأطير الحياة السياسية والدستورية، كما هو الحال بالنسبة إلى القانون التنظيمي الشهير المتعلق بالتعيين في المناصب العليا، والذي أصبح عمليا نصا مهيكلا للعلاقة بين المؤسسة الملكية وبين الحكومة، خاصة أنه كان حاسما في توضيح الحدود الفاصلة بين حقل السياسات العمومية وحقل الإشراف الاستراتيجي، وهو الأمر الضروري لفهم الصيغة الجديدة لتوزيع الصلاحيات داخل السلطة التنفيذية، هذا التوزيع الذي شكل عمليا الركن الرئيس(la clè de vôut ) للإصلاح الدستوري الأخير .
خلال هذه الخمس سنوات، عايشنا طبيعة الأثر الذي استطاع خلقه الدستور، في علاقة بعودة جزئية للسياسة وللرهانات السياسية للحقل الانتخابي، نتيجة الربط بين صناديق الاقتراع وبين القرار السياسي، ونتيجة تسييس مؤسسة رئيس الحكومة، وبناء سلطة تنفيذية – مبدئيا- على فكرة الحكومة السياسية .
خلال هذه الخمس سنوات، تابعنا سيلا من القرارات الصادرة عن المجلس الدستوري، وهو ما يخفي وراءه مسارا من الاجتهادات القضائية، والتي شكل بعضها مجهودا تأويليا حقيقيا لا يمكن بتاتا اليوم، قراءة بعض فصول الدستور بمعزل عنها .
خلال هذه الخمس سنوات، تابعنا سلوك الفاعلين الأساسيين، في علاقة بالالتزام بحدود الشرعية الدستورية وفي القدرة على ممارسة الصلاحيات الجديدة، وكان الرهان هو تجاوز مرحلة من التطبيق التقريبي للدستور، والابتعاد عن نوع من الثقافة السياسية التي تجعل الفاعلين لا يهتمون بالضرورة بالحرص على احترام الدستور المكتوب أمام إغراء ثقافة الدستور الضمني غير المدون، وأمام سطوة تقاليد الإشارات السياسية وخطابات الثقة والتوافق وشعار: “النص لا يهم”.
خلال هذه الخمس سنوات، عايشنا كيف أصبح نقاش الدستورية من عدمها واحدا من ثوابت النقاش السياسي في عدد وافر من المحطات، وكيف أصبح الاستناد إلى الدستور حجة مترددة في الحوار السياسي، وركنا أساسيا في بناء خطاب السياسات العمومية .
خلال هذه الخمس سنوات، كذلك، كان علينا أن نعيد اكتشاف الكثير من الأوهام التي نعلقها على النصوص، وعلى القانون في “مجتمع متأخر” من الصعب الرهان على الجوانب المعيارية – على أهميتها- لخلق القطيعة في طريق الانتقال المعقد نحو الحداثة .
الحداثة الحقيقية طبعا، وليس “البريكول الحداثي” !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سنة خامسة دستور سنة خامسة دستور



GMT 09:40 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

فعول، فاعلاتن، مستفعلن.. و»تفعيل» !

GMT 06:51 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

من يسار ويمين إلى قوميين وشعبويين

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 06:13 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

خطة حقوق الإنسان: السياق ضد النص

GMT 07:07 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

المهنة: مكتب دراسات

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya