بقلم : حسن طارق
تحليل الاستحقاق الانتخابي المقبل، على ضوء التفكير في المرحلة السياسية التي دخلتها بلادنا منذ موجة التحولات التي انطلقت في ربيع 2011، يسمح بتقديم فرضية قراءة اقتراع “7 أكتوبر” كلحظة للاشتباك المعلن بين مسارين متقاطعين؛ مسار “عودة الدولة” ومسار “عودة السياسة”.
كيف ذلك؟
لقد شكلت ديناميكية “20 فبراير” باعتبارها محطة لاستعادة الشارع لسؤال الإصلاح، طلبا مكثفا على السياسة، وهو ما اضطرت معه الدولة إلى نوع من التراجع إلى حالة “الدولة المتواضعة”.
هذا التراجع التكتيكي تم تدوين شقه الدستوري، لكن على المستوى السياسي ظلت العديد من المساحات التي استثمرتها الدولة لتدبير تلك العودة التي طالما تحدثت عنها الكتابات السوسيولوجية وأدبيات علم السياسة، والتي تتزامن مع فترات ما بعد التوترات الاجتماعية والانتفاضات الجماهيرية.
في مقابل ذلك، شكلت محطة “4 شتنبر” محطة لتكثيف عودة ملحوظة للسياسة إلى الحقل الانتخابي، بعد أن كاد يتحول إلى مجرد ظاهرة سوسيولوجية ضعيفة التسييس، تؤثر فيها عوامل الجاه والمال والنفوذ والقرب من السلطة، أكثر مما تفعل فيها الأفكار والمشاريع والبرامج والاختيارات.
هذه العودة أربكت قواعد العملية الانتخابية وثوابت السياسة الحزبية والانتخابية، وخلخلت فلسفة وهندسة الضبط الانتخابي.
ما وقع منذ شهر ماي الماضي، إلى حدود مسيرة القرن، هو بالضبط توالي مكثف لمؤشرات عودة للدولة، عبر قناة الإدارة الترابية، لتطويق مخاطر أثر استمرار عودة التصويت السياسي وعودة السياسة إلى السلوك الانتخابي، على القواعد المرسومة للعملية السياسية.
إلى أين سيصل هذا الاشتباك بين إرادة الضبط الفوقي وبين إرادة تحرير الإرادة الشعبية؟
وهل سيقف على حدود يوم الاقتراع، ليترك للصناديق حرمتها؟
في انتظار ذلك، لا يملك الناخبون إلا الوعي بالحلقة المركزية للمرحلة، والممثلة في كون صيانة الإرادة الشعبية يمر بالأساس عبر دعم القرار الحزبي المستقل، انطلاقا من أن مسار الارتداد السلطوي، وإغلاق قوس التحول الديمقراطي، يمر حتما عبر مصادرة هذا القرار المستقل.
لذلك لا يملك المواطنون المنحازون للأفق الديمقراطي، الكثير من الخيارات يوم “7 أكتوبر”. إنهم مدعوون، أولا إلى المشاركة بكثافة، ذلك أن توجه المشاركة لم يثبت نجاعته، كما أثبتها خلال هذه المرحلة الأخيرة، وثانيا للتصويت على الأحزاب القليلة التي لا تزال تملك قرارها الحزبي السيادي والمستقل.
لنذهب، الجمعة المقبلة، إلى مكاتب الاقتراع، تحت شعار مركزي :
“الذي لا يملك قراره /صوته، لا يستحق قرارنا/صوتنا”.