ماذا بعد “بان كيمون”

ماذا بعد “بان كيمون”؟

المغرب اليوم -

ماذا بعد “بان كيمون”

حسن طارق

تطرح الزيارة الأخيرة للأمين العام للأمم المتحدة، والتي شملت موريتانيا، تندوف والجزائر، جملة من الملاحظات، تبدأ بدلالات الإصرار على طابعها الجزئي، لتصل إلى مؤشرات عديدة على انحيازه للأطروحة الجزائرية في قضية الصحراء.

ذلك أن “بان كيمون” لم يقبل فقط، تأجيل هذه الزيارة إلى موعد مقبل حتى تشمل المغرب، وحتى يتمكن فعليا من إنجاز تقييم “شخصي” متكامل لأبعاد الملف بمستوياته الميدانية، السياسية، الأمنية والإنسانية، بل جعل برنامجها يمتد ليشمل بلدة “بير لحلو”، التي هي جزء من المنطقة العازلة، وخارج واجب التشبث بالجوهر الحيادي والموضوعي لوظيفته، بدا معجمه المستعمل منحازا بلا تحفظ لمفردات الطرح الجزائري، وأقرب ما يكون إلى رغبة حقيقية في إعادة تكييف ملف الصحراء المغربية، كقضية تصفية استعمار، وليس نزاعا إقليميا مطروحا على المنتظم الأممي، وعندما لم يعبر عن ذلك بالكلمات، تكلفت الرموز والإشارات ببعث الرسائل في الاتجاه ذاته؛ سواء عندما أخذته الحماسة ليرفع شارة النصر في أحد المشاهد المثيرة لزيارته، أو عندما انحنى بخشوع لتحية “علم” الجمهورية المزعومة.

والآن، ماذا بعد هذه الخطوة؟

وهي التي بقدر ما تبدو مستفزة، بالقدر نفسه الذي يمكن أن تقرأ كامتداد طبيعي لسلسلة متواترة من محطات الانحياز التي طبعت مواقف وأداء الأمين العام ومبعوثه الشخصي، في التعاطي مع الملف، خصوصا في السنوات الثلاث الأخيرة .

الغالب أن الأمم المتحدة، ستستمر في تدبير ملف الصحراء، كنزاع إقليمي، بناء على البحث عن إمكانيات حله عبر المفاوضات المباشرة.

ضمن هذا الإطار المرجعي الذي حددته قرارات مجلس الأمن منذ عام 2004- والذي يصعب افتراض بناء بديل عنه في الوقت الحالي- يحضر في خلفية المقاربة الأممية للملف تصور يقوم على فكرة تنظيم استفتاء تقرير المصير كموضوع لهذا الحل، إلى جانب تصور ينهض على استئناف مفاوضات الأطراف المعنية بالنزاع على أساس المقترح المغربي المتعلق بمبادرة الحكم الذاتي.

لذلك، فتمسك الأطراف المعنية بمواقفها المعروفة، وعدم حسم مجلس الأمن في جعل المقترح المغربي قاعدة وحيدة للتفاوض بالرغم من وسمه بالجدية والمصداقية، فضلا عن غياب مؤشرات قريبة لتغيير استراتيجي في العلاقة بين المغرب والجزائر، كلها أمور ستجعل من الملف لا يراوح مكانه في الأفق القريب على الأقل.

على الأرض، وفوق الميدان، فإن المغرب يبقى في وضع قوة، وآخر الدلائل على ذلك مروره إلى مستوى متقدم في خياراته التنموية بالأقاليم الجنوبية. وعلى مستوى العلاقة مع القوى الدولية الحاضرة في مجلس الأمن، فإن التقديرات السياسية السائدة بالتأكيد تبقى بعيدة عن الخيارات المغامرة، والتي قد تفتح المنطقة على نافذة جديدة من عدم الاستقرار والآفاق المجهولة.

في المقابل، فإن الأوضاع الإنسانية في مخيمات تندوف ستستمر في التفاقم، والنزاع سيزيد في تعطيل المشروع المغاربي، باعتباره أحد الأجوبة الإقليمية الضرورية لمصالحة شعوب المنطقة مع المستقبل، والكفيلة برفع تحديات الديمقراطية والتقدم.

لكن هل يعني كل هذا، أن العناصر الاستراتيجية لتحليل مسار القضية الوطنية، تسمح بقليل من الطمأنينة؟

لا أحد يمكنه الركون بسهولة إلى هذه الخلاصة، ذلك أن خصوم المغرب سيواصلون فتح جبهات الصراع في الداخل والخارج، وتنويع أشكال الاستنزاف الدبلوماسي للمغرب، واستثمار ملف حقوق الإنسان لغايات سياسية مكشوفة، ولاشك هنا أن واجهات العمل والتصدي والمبادرة تبقى ممتدة وواسعة، سواء في الدائرة الأممية باستحقاقاتها الدورية المتواترة، أو في الدائرة الأوربية، والتي تمر بفترة تعقد حقيقية، أو في العلاقة مع اتجاهات الرأي العام داخل الدول الديمقراطية، والمنتديات السياسية العالمية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا بعد “بان كيمون” ماذا بعد “بان كيمون”



GMT 06:19 2016 الإثنين ,02 أيار / مايو

ماذا ربحنا وماذا خسرنا في معركة بان كي مون؟

GMT 07:46 2016 الأربعاء ,16 آذار/ مارس

ثم ماذا بعد مسيرة الغضب؟

GMT 08:18 2016 الثلاثاء ,15 آذار/ مارس

رسائل شارع محمد الخامس

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya