الله ينعل الشيطان

الله ينعل الشيطان !!

المغرب اليوم -

الله ينعل الشيطان

رشيد مشقاقة

و أشفق أساتذة القانون على طلبتهم لما أَسْهَبوا في شرح معنى المسؤولية الموضوعية، وهي الحالة التي يسأل فيها المرء عن قول أو فعل لم يأته أبدا، فأقرب مثال لها وأسهله على الفهم نسْبَة أخطائنا للشيطان وقذفه اليومي دونما ذنب جناه !!
لا نؤدي واجبنا، فإذا ذكرنا به ذو المصلحة نَلْعَنُ الشيطان عَمّا بَدرَ منا من إغفال وإهمال وتجاوز!!
فالممثلون ينسون الرسالة التي اضطلعوا بها حتى إذا سألهم عنها من انتخبوهم نَعَلُوا الشيطان !!
والكسلاء الذين لا يفيقون، يلتمس لهم العذر من هم في أمس الحاجة إلى يقظتهم فيقولون: «إن الشيطان هو من يزين لكم النوم والعجز والكسل والإهمال»!!
وإذا قاوم الفرد منا الجشع والإخلال بالحياء والفساد شجعناه على إتيان المنكر بقولنا، إن الحشمة والحياء والمروءة زوجات الشيطان، فالشيطان الرجيم له زوجة على خلق عظيم !!
وفي قمة غضبنا، نأتي بنظرية الحلول فنجيبُ من أساء إلينا عندما يلعن الشيطان لتبرير إساءته بقولنا: «إن الشيطان هو بنو آدام»!!
فالشياطين هي التي أضحت تَعِظُ الآن، وقد أثبت أحد الظرفاء للمصلين صدق إدعائه بأن الإمام الذي يؤمهم للصلاة شيطان، عندما تسلل إلى حيث ينام بالمسجد، فرسم على وجهه صورا بذيئة وفوجئ المصلون أثناء صلاة الفجر بوجه الإمام المزركش، ورفع الفاعل أصبعه ليطفئ غضبهم قائلا: «أردت أن أؤكد لكم أن إمامنا لا يتوضأ للصلاة، وها قد رأيتم ذلك فعلا» !!
نحن نكيل الاتهام للشيطان في ما نقوم به من أفعال شائنة حتى نرفع عنا عبء السؤال، وقد استلقى أحدهم على قفاه من الضحك والحسرة عندما بشره رئيسه المنتخب أنه رُقيّ إلى درجة أعلى، بينما اعتذر لرفيقه ليتبين لِلْمُبَشَرِ أن اسمه لم يدرج أصلا بلائحة الترقية، في الوقت الذي أوضح رفيقه للكاذب أنه لا يشتغل بالقطاع !!
ولم يعد الشيطان ذميم الخلقة، كما تصورته تلك المرأة التي طلب منها صانع المجوهرات أن تأتيه بصورة للشيطان التي تريد أن تضعها على خاتم فقدمت له الأديب الكبير الجاحظ ، بل أصبح الشيطان جميل الوجه، فارع الطول، أنيقا في لباسه ومأكله ومشربه، يسلب مريديه بدماثة خلقه ووعوده التي يسيل لها اللعاب، وأقواس قزح التي يرسم بها أحلام الناس وآمالهم !!
صدق الله العظيم عندما أنظرَ الشيطان إلى يوم يُبْعَثُون فقال تعالى: «قال رَبّ فأنظرني إلى يوم يبعثون، قال فإنك من المنظرين». سورة (الحجر).
صدق الله العظيم.
نحن تنتظرنا محاكمة كبرى بالدار الآخرة، سيتحول فيها صك اتهام الشيطان بِلاَ ذَنْبٍ إلى مذكرة دفاعية يقول فيها لمن حرك متابعته:
– أنت الإنسان الذي حكمت بالظلم ولم أحرضك عليه.
– أنت من أسأت إلى فلان ولَسْتُ شريكا ولا مساهما بالإساءة.
– أنت من أغفلت واجبك واستقويت ودُست على عقلك وآثرت هواك عليه.
– أنت الذي كرمك الله عز وجل، فلم تكن في مستوى كرمه جلّ وعلا !!
– أنت الذي أرغمت ضحايا ك على الصمت والخوف والفشل والإحباط والتملق والتكسب والانتقام، وأنا بريء مما نسبته إليّ.
 عند هذه اللحظة بالذات، سيذكر الإنسان أن لله عز وجل سوى النفس، وألهمها الفجور والتقوى، فهي نفس عاقلة تميز بين الخير والشر فيدرك أنه أخطأ الطريق، ويقول لخالقه: لقد أغفلت ونسيت، الله يلعن الشيطان!!
لكن هيهات !!
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الله ينعل الشيطان الله ينعل الشيطان



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya