ما سبب الزيارة

ما سبب الزيارة؟

المغرب اليوم -

ما سبب الزيارة

بقلم : جمال بودومة

النحس هو أن تسافر مع “الخطوط الملكية المغربية”، وتجد الرحلة عن آخرها مليئة بالركاب، ويكون مقعدك في “قزيبة” الطائرة، وأمامك “بعلوك” لا يتوقف عن الصراخ… كأنك في حمام بلدي، أو في عرس أو عقيقة أو ختان، حيث الأطفال يبكون بصوت جماعي، بسبب الجوع والتعب والجو الصاخب الذي لا يناسب أعمارهم. الموسيقى الأندلسية “تشنف” آذان المسافرين وتزيدك اقتناعا أنك في عرس. الطفل يبكي  وأمه تحاول أن تسكته دون جدوى. لماذا لا تشرّبه ملعقتين من “السيرو ديال النعاس”، ذلك المشروب السحري، الذي يحل معضلة صراخ الأطفال خلال الأفراح والمناسبات؟ فكرت أن أقترح عليها الفكرة، وخشيت أن تعتقد أنني مجنون!

أنا فعلا مجنون لأنني أسافر مع الخطوط الملكية المغربية. لأسباب غامضة، أحرص دائماً على ذلك وأندم في النهاية. خدمات “لارام” تتدنى مع مرور الرحلات والسنين. الطائرات تتأخر والطاقم أكثر تجهما والأكل أقل جودة. من المفروض أن تعرض عليك الشركة وجبتين لتختار واحدة: اللحم أو الدجاج. عندما تجلس في مؤخرة الطائرة لا يعود بإمكانك أن تختار، لأن عدد الركاب أكثر من عدد الوجبات. عليك أن تقبل بما “شاط”. وعليك أن تختار بين عصير البرتقال أو كأس ماء لأن المشروبات الأخرى نفذت. الطامة الكبرى أن العصير ليس طبيعيا، بل مجرد “نكتاري” من النوع الرخيص، كله سكر وملونات! وإذا كنت محظوظا يصلك فنجان قهوة في نهاية الوجبة، أما إذا كنت “منحوسا” مثلي، ستطلب من المضيف أن يملأ فنجانك وسيعتذر وهو يحرك “التيرموس” في الهواء، علامة على أنه فارغ، ويهز كتفيه متأففا.

أما القراءة على متن “الخطوط الملكية المغربية” فمتعة أخرى. الشركة تقترح على زبنائها الكرام جرائد من النوع النادر، قلما تصادفها في الأكشاك: “الصحراء المغربية” و”ليزيكو”… كل ذلك على نغمات الأندلسي: يانّنا ويانّنا وياّننا… ليس عندي مشكلة مع طرب الآلة، لكن الموسيقى المغربية متنوعة، ولا أفهم لماذا لا تزاوج الشركة بين مختلف الألوان الموسيقية: مرة الأندلسي ومرة العيطة ومرة الرگادة ومرة الطقطوقة ومرة البلدي… إلخ.

لا صوت يعلو على صوت الآلة. ما عدا بكاء الطفل الذي تحول إلى حشرجة رتيبة، فيما الأم تحاول إسكاته، والشاشات تعرض تعليمات السلامة. لا أحب الإنصات لهذه الترهات. حين تسقط الأقنعة وسترات النجاة وتضاء الممرات الآمنة… يكون الأوان قد فات. عندما تكون في السماء ينتابك خشوع غريب، تحس أنك قريب من الله، ويمكن في أي لحظة أن تكمل رحلتك إلى الأعلى!

ما تبدأه “لارام” في السماء، تكمله الشرطة على الأرض. الإجراءات المشددة في مطارات المملكة لا تتغير. صفوف طويلة لختم الجوازات، وعليك أن تعبئ ورقة الاستعلام البيضاء، وبالفرنسية من فضلك: الاسم والنسب، تاريخ الازدياد ومكانه، رقم جواز السفر وتاريخ تسليمه، المهنة والعنوان الذي ستنزل فيه أثناء مقامك في البلاد… بطاقة استعلام، بخط اليد، لا توجد إلا في المملكة. متى سيتخلى البوليس المغربي عن هذه الطريقة العتيقة في جمع المعلومات؟ المراقبة ضرورية والاستعلام مبرر، خصوصا في زمن الإرهاب، لكنهما مزعجان حين يمسان بحرية الأفراد. الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده. من المفيد أن يجمع الأمن أقصى ما يمكن من المعلومات حول الأشخاص الوافدين على المملكة، لكن لا بأس لو يصنع ذلك بقليل من الكياسة واللباقة. ما معنى أن يفتش شرطي المطار عن العنوان الذي ستقيم فيه بالمغرب؟ وما معنى أن يسألك عن “سبب الزيارة”؟… أي زيارة؟ “مالي جاي لمولاي ادريس!”

المصدر : جريدة اليوم 24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما سبب الزيارة ما سبب الزيارة



GMT 16:20 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

سعيد في المدرسة

GMT 11:52 2020 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

تيفيناغ ليس قرآنا!

GMT 14:26 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

«بيعة» و «شرية» !

GMT 05:27 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

«لا يُمْكن»!

GMT 03:32 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya