“الانتقام الديمقراطي”

“الانتقام الديمقراطي”!

المغرب اليوم -

“الانتقام الديمقراطي”

بقلم - جمال بودومة

رحم الله الشاعر التونسي الكبير محمد الصغير أولاد أحمد. نحن أيضا “نحب البلاد كما لا يحب البلاد أحد”، لذلك نضع أيدينا على قلوبنا خوفا من الأسوأ. لا أحد يعرف أين تتجه بنا السيارة. كنا على درب “الانتقال الديمقراطي” وأصبحنا في “الانتقام الديمقراطي”… الطوق يشتد على الأصوات الحرة، والخناق يضيق على الأقلام المستقلة، وكل من يغرد خارج السرب يجري إخراجه من المشهد بطريقة مهينة، سواء أكان سياسيا أو حقوقيا أو إعلاميا أو رجل أعمال. الويل لمن يرفض الرقص على إيقاع “البندير” المخزني، الويل لمن يقول “لا” في زمن “نعم”. مصيره معروف: العزلة أو النفي أو الاعتقال. بمجرد ما “يخرج فيه البلان”، يتعرض لكل أنواع التنكيل والتشريد و”التتريك”، ويُرمى لتلك الكائنات الممسوخة كي تنهش لحمه. تلك الكائنات التي تمارس نباحها اليومي في الفضاء الافتراضي أو على الورق، باسم مهنة تحولت إلى إسطبل بلا بواب. يكفي أن تقرأ البذاءات التي تنشرها الجرائد الصفراء وبعض المواقع التي حظيت بدعم وزارة الاتصال، كي تقف على الحضيض الذي وصلنا إليه. ولو كانت السلطات تريد خيرا بهذا البلد الأمين، لما أرسلت عشرين شرطيا لتطويق جريدة محترمة، بل كانت وزعتهم على تلك “المراحيض”، التي يحسبها البعض “غرف تحرير”، كي يخرسوا تلك الكائنات التي تنهش في أعراض الناس، وتنشر الأكاذيب والافتراءات، وتخلط بين الصحافة والدعارة.

لا شك أن “أحداث الريف” عكرت المزاج الأمني. الدولة فقدت أعصابها في الشهور الأخيرة ولم تعد تحتمل الأصوات المزعجة، تريد أن تسمع نغمة واحدة ومكررة. لقد رجعنا – بحمد الله – إلى أيام “گولو العام زين”… إن لم تكن معنا فأنت ضدنا، وعليك أن تتحمل العواقب. من قال إن سنوات الرصاص لا يمكن أن تتكرر؟

المكتسبات الهشة التي انتزعتها حركة العشرين من فبراير، تبددت بسرعة، و”عادت حليمة إلى عادتها القديمة”: الدستور يرفض أن ينزل، والإصلاح السياسي تعثر، وعبدالإله بنكيران أمضى ولايته الحكومية يتقاتل مع “العفاريت” و”التماسيح”، إلى أن أسقطوه بـ”الكاو”. تعرض لضربة مقص مزدوجة: أعفاه القصر من رئاسة الحكومة، وأعفاه الإخوان من الأمانة العامة. هكذا أصبح “العدالة والتنمية” يقود حكومة مائعة، بلا لون ولا طعم ولا رائحة، وسجل نفسه في قائمة الأحزاب الإدارية، فيما عزيز أخنوش يواصل لعبة الحاوي وسط المشهد السياسي، لم يعد يخرج من قبعته “الحمام” فحسب، بل “الوردة” و”السنبلة” و”الحصان” و”الجرّار”… وكثيرا من العجائب.

وكي نبقى في عالم السيرك، هناك طريقة مشهورة لترويض القرد كي يؤدي حركات بهلوانية أمام الجمهور: يُعزل السعدان في غرفة واحدة مع “معزة” لمدة يومين، يقضيها المروض وهو يطلب من “المعزة” أن ترقص وتحاكي ما يقوم به من حركات بهلوانية. “المعزة” طبعا تكتفي بالنظر، والثغاء من حين لآخر، لأنها غير قابلة للترويض. في النهاية يخرج المدرب سكينا ويذبحها أمام السعدان، “هذا مصير من لا يسمع كلام المروض!” القرد الذي شاهد الدم يسيل أمامه يلتقط الرسالة جيدا ويتعلم الدرس. بمجرد ما يطلب منه القيام بحركة ما يسارع في تنفيذها ببراعة تفوق تطلعات المروض!

بعيدا عن السيرك، قريبا منه، واضح أن اعتقال الزميل توفيق بوعشرين، بالطريقة الاستعراضية التي رأينا، هي رسالة مفادها أن المروض لا يلعب، وأن السكين يمكن أن تمر على الرقبة، إذا تجرأ الصحافي على التمرد والعصيان وشق عصا الطاعة، أما الأغبياء الذين ينُطّون دون حاجة إلى مروض، أولئك الذين لم يروا في توقيف زميلهم غير مناسبة للتشفي، فعليهم أن يتذكروا قصة “الثيران الثلاثة”، قبل أن يجدوا أنفسهم ذات يوم يرددون بحسرة: أكلت يوم أكل الثور الأبيض!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

“الانتقام الديمقراطي” “الانتقام الديمقراطي”



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين

GMT 20:47 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

"الوطني للسكك الحديدية "يعلن عن تخفيضات في تذاكر القطار

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حركة إعفاءات وتغييرات جديدة في صفوف الدرك الملكي

GMT 02:26 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ورق جدران بألوان جذابة لديكورات غرف معيشة مبهجة

GMT 22:03 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

صعقة كهربائية تودي بحياة شاب في سلوان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya