بقلم : جمال بودومة
إذا كنت تحب الكتب الساخرة، وتفتش عن واحد منها لتقرأه هذه الأيام، التي يقطّب فيها الجميع جبينه، لعل المعجزة تحدث ويؤذن “المغرب” قبل الأوان، أنصحك أن تفتش عن كتاب طريف، عبارة عن دليل سياحي من سلسلة “لونلي بلانيت”، النسخة المخصصة للمغرب، وعنوانه الكامل: “كي تمضي ويكاند أو أسبوع أو شهر في المغرب”… الكتاب دعوة مفتوحة إلى السياح كي يزوروا بلادنا، مسلّ جدا ويغنيك عن تأمل وجهك في المرآة.
يستعرض الأماكن التي يستحسن زيارتها في مختلف المدن، وتلك التي يجدر تجنبها، ويتحدث عن طباعنا وأمزجتنا وتخلّفنا العابر للقارات والحقب، وعن علاقتنا بالمرأة وولعنا بالعنف والثرثرة.
يقول المؤلف المجهول: “المغاربة يعشقون الثرثرة، خصوصا منهم الرجال الذين يشكّل النقاش مظهرا أساسيا في حياتهم. يقضون الساعات في المقاهي المنتشرة بكل المدن وهم يتجاذبون أطراف الحديث، بكثير من الحماس، حول القضايا الراهنة لدرجة يقف معها الأجنبي مشدوها أمام حدّة النقاشات والانفعالات. أحيانا، يمكن أن تؤدي مشادات كلامية في إحدى الحافلات إلى جريمة قتل. الجدال والمبالغة في التعبير مسألة عادية عند المغاربة، وتصاحبها في معظم الأحيان صرخات وحركات بادية للعيان. إذا كنت هدفا لهذه الحركات، يستحسن أن تتجاهلها وتذهب إلى حال سبيلك في هدوء!”… هكذا يتحدث الدليل السياحي عن “أجمل بلد في العالم”.
أما السائحة التي تفكر في زيارة المغرب لوحدها، فينصحها الدليل أن تكون مستعدة للأسوأ: “ستكون أيامك الأولى متعبة. أينما ذهبت تجدين رجالا يفصحون لك عن رغبتهم في الحديث إليك”. “حديث ومغزل”، ويضيف الكاتب: “غالبية المغاربة تقلّ أعمارهم عن الثلاثين، عندما تنتهي عطلتك سيتولد لديك انطباع بأنك التقيت كلّ الرجال من هذه الفئة العمرية، ولم تتح لك فرصة اللقاء بامرأة واحدة. من المتعب أن تكوني هدفا لتحرشات الرجال أينما ذهبت، ونادرة هي الأماكن التي يمكن أن تنعمي فيها بالعزلة، أينما حللت سيعثر عليك الرجال!”.. أما عندما تجيء السائحة رفقة رجل، فتصادفها مشكلة أخرى: “المرأة التي تسافر رفقة رجل تواجهها مشكلة من نوع آخر: تصبح غير مرئية.
النقاشات والأحاديث والمساومات تجري فقط بين الرجال، كما لو أن المرأة غير معنية بذلك بتاتا”. وحتى عندما يحاول الدليل تدارك بعض الصور السلبية، وتقديم انطباعات تحبب المغرب للزائرين، ينتهي بأن يرشقنا بالحجارة: “رغم ارتفاع معدّل استهلاك الكحول والمخدرات في المغرب، لا تتعرض النساء إلى الاعتداء إلا نادرا، الأكثر رواجا هو العنف اللفظي وتتعرض له النساء والرجال على حد سواء، في بعض الحالات يمكن أن يتحول إلى تحرش جسدي، مثل الرشق بالحجارة”… إنه “الكرم المغربي”!