“فلوس اللبّان…”

“فلوس اللبّان…”

المغرب اليوم -

“فلوس اللبّان…”

بقلم - جمال بودومة

لا أفْهم في الماليّة وقوانينها ولا أريد. سأفهم كل شيء يوم تكون لديّ ثروة تستدعي ذلك. لكنّني معْجب بفكرة “البنك”، وأجده الاختراع الأكثر مكرا في التاريخ: تعطي للمصرفي رزقك فيستثمره ويجمع مزبلة مِن النقود، وعندما تريد أن تسترجع قسطا مما أودعت يأخذ نسبة مئوية، ويستخلص عمولة عن فتْح الحساب وإغلاقه وعن بطاقة الشبّاك ودفتر الشيكات، وعن أي مبلغ يودع أو يسحب، وعن تأمينات غير مفْهومة وعمليّات غامضة أعْطيك ضعف ما يلهفه المصرفي لو شرحت لي كيف وما السبب ولماذا؟

في الأمر ما يشبه الاحتيال. نصب بالقانون. يمنحك البنك قروضا من أمْوال الآخرين، ويربح فوائد تقدّر بالملايين كل يوم، وليس لديك خيار. إذا لم يعجبك الحال، اصنع مثل جدك. ضع نقودك تحت الوسادة أو في صرة واحكم عقدتها، وعش خارج التاريخ… البنك هو أن يدفع الأغبياء ثمن فكرة عبقرية تستفيد منها حفنة محتالين. تجسيد معاصر للمثل المغربي: “فلوس اللبان يديهم زعطوط”. أجورنا وودائعنا وقروضنا تبني بيوتا وفيلاّت وقصور أشخاص آخرين، عرق جبيننا يصنع ثروة أصحاب السعادة وأولادهم ممن يشتغلون في عالم المال. من قال إن الحياة عادلة؟ لكن أكثر ما يزعج في الموضوع هو احتياطي النذالة لدى العاملين في المصارف والبنوك. مع كل الاحتيال والربح السهل والرواتب السمينة بإمكانهم أن يبذلوا جهدا صغيرا لإرضاء الزبائن، خصوصا أنهم “أولياء نعمتهم” في نهاية المطاف. لا أفهم كيف يتصرّفون بعجرفة معنا وهم يأْكلون الخبز من ودائعنا. شيء من الامتنان على الأقلّ. تضع رزقك في بنك وعندما تأتي لإيداع شيك، يهينك أحقر موظف ويعاملك مثل متسوّل.

المغاربة عموما يدلفون إلى البنوك في حذر وخوف كأنهم داخلون إلى كوميسارية. يحوقلون ويبسملون ويقرؤون آية الكرسي. ومن كثرة الاقتطاعات غير المبرّرة، يفتحون بيان الحساب البنكي متوجّسين كما يفتحون استدعاء من المحكمة. هل تفقه شيئا في مستخلص الحساب الشهري؟ الدمياطي. عشرة دراهم  تقتطع هنا. خمسون هناك. مائة وعشرون هنا. ثلاثمائة… أين تذهب؟ هناك بنوك لا تكتفي بالاقتطاعات الفاحشة، بل تطلب منك درهمين “ليكيد” نظير إيداع أيّ مبلغ، ومعظم المواطنين يدفعونها دون  أن يسألوا لماذا. بعضهم يعتذر كما لو كان مذنبا لأنه تفاجأ. وإذا تجرأت وسألت لن يجيبك أحد. كلّ الشركات في العالم ترفع شعار “الزبون ملك”، والزبون في المغرب “حيوان”، يستبلدونه ويستعبطونه ويركبونه. الزبون جحش وبقرة حلوب ودجاجة تبيض عملة صعبة، خصوصا في مثل هذه الأيام حيث يتقاطر المهاجرون على المصارف ليملؤوا الخزينة بـ”الدوفيز”، لكنهم يجدون أنفسهم في طوابير طويلة، كما لو أنهم سيحصلون على تأشيرة “الطّاليان”. وكثير من الصرّافين يتذرّعون بكونهم لا يتوفرون على “الصرف” كي يلهفوا البقشيش من المهاجرين… هكذا “عاين باين”. وأينما حل مغاربة الصيف يجدون أنفسهم مجبرين على دفع “غرامة” لأنهم يعيشون في الخارج، كأن ضريبة الغربة لا تكفي!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

“فلوس اللبّان…” “فلوس اللبّان…”



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya