مبروك الباك

مبروك الباك!

المغرب اليوم -

مبروك الباك

بقلم : جمال بودومة

عندما تقوم بجولة سريعة على وسائل التواصل الاجتماعي، تشعر أن نسبة النجاح في الباكالوريا هذه السنة بلغت مئتان في المائة، وأن الجميع حصل على الشهادة الخطيرة، بمعدلات عالية وميزات مشرفة، تبهج الناظرين وتحبط الحاقدين وتخرس الشامتين، رغم أن النسبة في الحقيقة لم تتجاوز 57%، حسب الإحصائيات الرسمية لوزارة التربية الوطنية، والميزات ليست كلها “حسن” أو “حسن جدا” أو “ممتاز” أو “مشرف جدا” أو “خليفة أينشتاين”، التي يؤكد الجميع أن أقرباءهم حصلوا عليها ويطلبون منا أن نفرح معهم: “مبروك لابني، فرحان ببنت اختي، تهنئة خاصة لابن خالتي، خمسة وخميس على اختي الصغيرة”…  وكلهم نجحوا بـBien أو Très Bien، لا أثر لـ”مستحسن” أو “مقبول” في فيسبوك، أكبر تجمع للعباقرة في العالم. آسيدي مبارك ومسعود، لكن أين من فشلوا؟ أين الكسالى والساقطون ومن يكررون السنة؟ تتعب من التفتيش ولا تكاد تعثر على ساقط واحد. لدرجة أن الصديق محمد أحداد، الذي يكره كل أيام الأسبوع، أعلن حبه للكسالى المنقرضين على فيسبوك: “أين أصحاب Passable الرائعون؟ أين “الراتراباجيون” اللامعون؟ لا يعقل أن ينجح كل الفيسبوك بـ Bien… لا يعقل ذلك؟! “ولا يسعني إلا أن أضم إليه صوتي. أليس من حق الساقطين أيضا أن يعبروا عن أنفسهم؟ أليس من واجب أقاربهم أن يتضامنوا معهم في محنة الفشل ويواسونهم على وسائل التواصل الاجتماعي، كما يفعل أقارب الناجحين؟ لماذا لا نجد تعليقات من هذا القبيل: “تعاطفي مع ابن اختي الذي لم يستطع الحصول على الباكالوريا للمرة الثانية على التوالي. التالتة نابتة”. “ماتبكيش آولدي، يلا ما جا هاد العام يجي لعام الجاي، ما كيسبق للسوق غير الشفانجية والعطارة”.”الراتراباج لا يعني السقوط ورب ضارة نافعة”. “إلى أيمن الذي لم يحالفه الحظ، تذكر أن أينشتــــاين سقــــط ثلاث مرات في الباكالوريا”…

الحقيقة أن الغياب المريب للساقطين في فيسبوك يؤكد أن وسائل التواصل الاجتماعي في المغرب مجرد فضاء للتباهي و”الفوحان”، واستعراض النرجسيات المريضة. من فشل أقرباؤهم يفضلون الحديث عن هزيمة المنتخب الوطني في المونديال والدعوة إلى مقاطعة موازين والاستهزاء من زكريا غفلوني وشتم “نيبا”، الذي قلل حياءه على الروسيات… والبعض يغلق حسابه حدادا على السقوط.
الحقيقة، أيضا، أن “الباك” لم يعد يصلح لأي شيء في البلاد التي… أصبح مجرد عتبة رمزية يجتازها المراهق كي يدخل إلى عالم الكبار، خصوصا أن التعليم العمومي وصل إلى حضيض غير مسبوق. وسرعان ما يكتشف التلميذ الوافد من المدرسة العمومية أنه لا يملك أدوات  التنافس مع الآخرين، الذين تلقوا تكوينا حقيقيا في المدارس الخصوصية والبعثات الأجنبية. الحصول على الباكالوريا مع ثغرات فظيعة في التكوين، يؤمن لصاحبه شيئا واحدا: مكان أمام قبة البرلمان، بعد مشوار متعثر في الجامعة.

لقد سيطر القطاع الخاص على المشهد، وأصبحت الدراسة في التعليم العمومي تشبه اللعب في بطولة الهواة، في الوقت الذي يلعب فيه “المحترفون” في البعثات الأجنبية والمؤسسات الخاصة، وهو دوري “القسم الأول”، الذي يسمح للاعبيه بالفوز بكل البطولات. وبدل مراجعة جذرية للمنظومة التعليمية المعطوبة، تطلع علينا كل مرة لجنة أو مكتب دراسات بتشخيص جديد، يثير السخرية في غالب الأحيان، ولا تطبق توصياته أبدا. وزراء شتى تعاقبوا على التربية الوطنية والتعليم العالي، ولجان كثيرة اشتغلت على “إصلاح التعليم”، والنتيجة هي مزيد من “الضباع” والأجيال الضائعة، التي استعملت كفئران تجارب لمناهج مرتجلة وخطط فاشلة. التعليم في المغرب، يشبه مريضا بالسرطان، وبدل استئصال الورم الخبيث يتم دهنه بـ”البيطادين”!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مبروك الباك مبروك الباك



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:03 2014 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد الجوز " عين الجمل " لا يعلمها إلا القليلون

GMT 12:28 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الفرسان يتطلعون للفوز بثاني جولات بطولة "هذاب"

GMT 06:07 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

سيت الأفضل لقضاء شهر عسل لتميزها بالمناظر الجذابة

GMT 03:45 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مديرة الأزياء جين ماكفارلاند تستعرض مجموعة كافالي

GMT 06:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تصنف المغرب أبرز مُصدّري اليهود منذ استقلال المملكة

GMT 00:00 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

" أوراق بوكافر السرية " جديد الكاتب ميمون أم العيد

GMT 23:10 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رشيد غفلاوي سعيد بانضمامه إلى فريق الساحل النيجيري

GMT 23:08 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المهاجم فيصل عجب يثبت جدارته مع نادي التضامن

GMT 17:14 2016 الجمعة ,01 إبريل / نيسان

سر إغماض العيون أثناء تبادل القبل على الشفاه

GMT 10:51 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان أمير كرارة يفاجئ المعجبين بإطلالة مختلفة تمامًا

GMT 17:38 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالفتاح الجريني يحضر لديو غنائي مع العالمي مساري

GMT 03:16 2015 الجمعة ,22 أيار / مايو

شاطئ مرتيل يلفظ أحد ضحايا موسم الاصطياف

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,30 آب / أغسطس

إخلاء السفارة الكندية في برلين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya