هل أفضى الحراك الشعبي إلى التنصيب الإرادي للسلطوية

هل أفضى الحراك الشعبي إلى التنصيب الإرادي للسلطوية ؟

المغرب اليوم -

هل أفضى الحراك الشعبي إلى التنصيب الإرادي للسلطوية

احمد عصيد

خلافا لما يعتقده الكثيرون، لا يوجد فرق كبير بين ما حدث في مصر وما آلت إليه الأمور في تونس وما أفضت إليه في مالي أو المغرب على المستوى السياسي، لقد انتهت هذه البلدان إلى جنوح الّأغلبية نحو تفضيل السلم والاستقرار على حساب الحلم الثوري، فأعادت الأمور إلى أيدي العسكر في مصر وإلى أيدي النخب القديمة في تونس، وإلى تثبيت الملكية التنفيذية في المغرب وتقويتها، وإلى النظام المركزي المالي تحت وصاية فرنسية. ويرمز هذا عمليا إلى فقدان الثقة في الأطراف السياسية التي ساندت الانتفاضات وحراك الشارع، وفي الإسلاميين بصفة خاصة، الوافذين الجدد الذين أظهروا شرها للسلطة والتحكم جعل الناس تندفع نحو اختيار عودة رموز السلطة السابقين لكن هذه المرة من خلال صناديق الاقتراع كما في تونس.

هل يتعلق الأمر بمرحلة في مسلسل الانتقال نحو الديمقراطية، أو بعودة أبدية إلى استبداد مشرعن.

يمثل الطرف الإسلامي قطب الرحى في تفسير هذه الظاهرة، فالأمر يتعلق أساسا بانسداد الآفاق وبعدم وجود بديل حقيقي للنظام السابق، وبغياب قوة سياسية طليعية تشكل لحاما قويا بين الفرقاء المختلفين، فالإسلاميون الذين طالما قدموا أنفسهم على أنهم يملكون بدائل حقيقية سرعان ما رافقت مجيئهم إلى السلطة زوابع جعلت الثقة تتراجع فيهم خوفا على استقرار البلاد، خاصة بعد أن أدى التدخل السافر للإسلاميين في الحراك الشعبي السلمي بسوريا إلى خراب البلد بكامله دون أن يسقط النظام، بل عاد الكثيرون إلى حظيرة السلطة بعد الفظاعات التي رأوها من ما سمي بـ"جبهة النصرة"، وهذا معناه أن الطرف الإسلامي بنوعيه السياسي الانتخابي والجهادي المسلح قد خلقا من حولهما الكثير من الخوف والفزع، ما يفسر عمليا عودة الفئات العريضة إلى التصويت على رموز النظام السابق.

يدلّ على ذلك ما يحدث في ليبيا أيضا، حيث أدى سقوط نظام القذافي إلى وضعية "اللادولة"، وساهم في ذلك انتشار المجموعات المسلحة التي لا تعترف بالمسلسل الانتخابي ولا بالتوافقات السياسية، بقدر ما تعتقد في إمكان وصولها إلى السلطة بالعنف وحده. هكذا وقع البلد بين براثن الفوضى، مما سمح لبعض رموز النظام السابق أن تقدم نفسها بديلا للوضع القائم، في غياب بديل ذي مصداقية يلتف حوله الناس.

وفي مالي بعد انتفاضة سكان "أزواد" ضد النظام المركزي الذي يفضل الاستمرار في نهب ثروات المناطق دون إنصاف أهلها، انقض التيار السلفي المسلح مستغلا الوضع ليمارس القتل والتشريد بطريقة وحشية أدت إلى الاستنجاد بفرنسا، التي استُقبل جنودها بالأعلام الفرنسية بصفتهم "محرّرين" للبلد من الإرهاب، وهكذا عادت الأمور تحت سيطرة النظام المركزي دون أن يحدث أي تغيير في أوضاع الناس المهمّشين.

يتضح مما حدث في بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط بأن الطرف الذي يمسك بخيوط اللعبة السياسية على المستوى الاستراتيجي، يعي كل الوعي بأنّ التطرف الديني (السياسي  منه أو المسلح) هو أفضل حصّار ضد الديمقراطية، حيث يسمح دائما بإعادة الأمور إلى نصابها دون اضطرار إلى العودة إلى نفس آليات الاستبداد السابقة التي استنفذت أساليبها ووسائلها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل أفضى الحراك الشعبي إلى التنصيب الإرادي للسلطوية هل أفضى الحراك الشعبي إلى التنصيب الإرادي للسلطوية



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya