11 أيلول شيعي

11 أيلول شيعي

المغرب اليوم -

11 أيلول شيعي

مصطفى فحص


لم يترك الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير للصلح مكانًا، لا مع المكونات اللبنانية ولا مع الشعب السوري، بعدما استعاد فيه عددًا من محطات الحرب الأهلية اللبنانية وفترة الاحتلال الإسرائيلي ووزع شهادات وطنية انتقائية على فرقاء يقفون الآن في صفه، بينما كال تهم العمالة والتخوين على أطراف عارضت مواقفه الأخيرة، وأعاد من خلاله بناء المواقف على ذاكرة أجمع اللبنانيون على ضرورة تجاوزها ودمل جراحها من أجل حماية الدولة وسلامة العيش المشترك. نسف السيد مسلمات السلم الأهلي في الوقت الذي اقترب فيه من إعلان التعبئة العامة.
لكن السيد رغم حجم التهويل الذي استخدمه أمس، يبدو أنه صار وحيدًا في معركة قرر خوضها دون استشارة أحد، ولم يتمكن من حسمها رغم مرور أربع سنوات على بدئها، فالمعطيات الميدانية تثبت عكس ما تروج له الآلة الإعلامية لحزب الله ولنظام الأسد، وبما أن المعلومات تؤكد أن الأيام المقبلة ستكون أصعب وأخطر مما مضى على الأسد والحزب ومؤيديهما، قرر حزب الله الاستمرار بالمواجهة حتى النهاية، دون الالتفات إلى نتائجها الكارثية، مندفعًا إليها بقرار أشبه بانتحار جماعي، ومنازلة غير متكافئة لا في المكان ولا في الزمان، وصراع يائس ومستحيل مع الجغرافيا والديموغرافيا، لم تعد تقتصر على الحزب ومؤيديه فقط، بل ستطال الطائفة الشيعية برمتها.
قبل الخطاب الأخير سربت وسائل إعلام تدور في فلك حزب الله، أن السيد نصر الله قال أمام مجموعة من كوادر حزبه «من الممكن أن نضحي بنصف أو ثلاثة أرباع أبناء الطائفة من أجل أن يعيش الباقي بكرامة»، وكأن هذا الوجود أو عدمه أصبح مرهونًا ببقاء نظام آل الأسد، وكأن شيعة لبنان وماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم أصبحوا أسرى هذا النظام، الذي أصبح هو بدوره أسير المصالح الإيرانية في المنطقة، التي هي على استعداد للتضحية بالجميع من أجل الحفاظ على امتيازاتها.
لقد خطفت إيران شيعة لبنان ووضعتهم في حالة شبيهة بحالة ركاب طائرتي الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) اللتين اصطدمتا ببرجي مانهاتن، حين قرر الخاطفون تغيير وجهة سفر الركاب دون أخذ رأيهم.
فحالة ركاب الطائرتين لا تختلف عن الحالة العامة لأبناء الطائفة الشيعية، فهم مثل أولئك المسافرين لديهم أحلامهم، أهدافهم، رغباتهم وانتماءاتهم، حتى مؤيدو الحزب والمدافعون عنه لهم أحلامهم وأشغالهم وهم كغيرهم من اللبنانيين مشغولون بحاضرهم ومستقبل أبنائهم وليسوا محاربين فقط، وهم يحبون الحياة أيضا، إذا ما استطاعوا إليها سبيلاً.
حزب الله يسير بالطائفة الشيعية، إلى تحد مفصلي في تاريخها الحديث، وتاريخه هو منذ تأسيسه، ويضعها في مواجهة مع مستقبل غامض، في حال سقوط نظام البعث الأسدي، بعد أن قام بربط مصالحها بمصالحه وربط هذه المصالح مجتمعة ببقاء الأسد، ورفع خطابًا معاديًا ليس للسوريين فقط، بل لأغلب الشعوب العربية قبل أنظمتها، مشاركًا في تصفية الثورة السورية.
يوم 11 أيلول حدد قادة الطائرتين الجدد وجهة سفرهم الخاصة، دون الرجوع إلى رأي الركاب. والطائفة الشيعية اختار لها قادتها الجدد الوجهة التي يرغبون هم فيها، مغامرين بكل مقدراتها ومصائر أبنائها، مغلبين مصلحة المحاور وأهدافها على مصلحتها الوطنية وطموحاتها، في مشهد هو أقرب إلى عملية انتحار جماعية، ولو قدر لهذه الطائرة أن تصطدم بأبراج الثورة السورية، سوف يسقط الطرفان في مواجهة دموية، تقضي على كل منهما. ولا هروب من هذا القدر المحتوم إلا إذا قررت إيران في لحظة تسوية حقيقية أن ترعى بعض مصالح أتباعها وعدم التضحية بهم نهائيًا والذهاب إلى إنجاز تسوية تاريخية مع دول وشعوب المنطقة.
في خطاب التحرير الأول في مدينة بنت جبيل سنة 2000 امتلك السيد حسن نصر الله قلوب اللبنانيين والعرب والمسلمين وكل الأحرار في العالم، بعد 15 عامًا على التحرير، الآن يخرج السيد نصر الله من عقول وقلوب العالم ويكتفي بمخاطبة من لا يناقشه ولا يجادله، مفضلاً المصلحة الخاصة على العامة، في مشهد يناقض ما تواتر من روايات المأثور الإسلامي الشيعي التاريخي، عن تمسك الإمام علي بن أبي طالب بالوحدة وقوله «والله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين» فلو جنح الجميع للسلم ولم يتم التشبث بالأسد، لسلمت سوريا وسلم لبنان وسلم الحزب وسلمت المقاومة، أما الطائفة الشيعية فهي سالمة بإذن الله، لأنها ليست مرتبطة لا بنظام ولا بعائلة ولا بشخص، وبالمقابل هي مثل غيرها من الطوائف تستطيع إبعاد خطر «داعش» وأخواتها عنها بالوحدة والاعتدال.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

11 أيلول شيعي 11 أيلول شيعي



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya