جواد ظريف «الصورة» أصدق إنباءً من الكتب

جواد ظريف... «الصورة» أصدق إنباءً من الكتب

المغرب اليوم -

جواد ظريف «الصورة» أصدق إنباءً من الكتب

بقلم - مصطفى فحص

على عجلٍ قدم وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، استقالته، وعلى عجل تراجع عنها، أو استجاب للضغوط التي دعته للعدول عن قراره. ولكن في الحالتين هناك علامة استفهام دقيقة وخطيرة فرضها قرار الوزير، الذي انتفض مدافعاً عن نفسه وموقعه، بعدما تم تهميشه عبر صورة أثبتت للعالم، من دون جدل، هوية وزير خارجية إيران الفعلي، الذي يمارس دبلوماسية موازية لدبلوماسية الدولة؛ وصل حجم هيمنتها على القرار الخارجي إلى تهميش المؤسسات الرسمية. 
وفي هذا الصدد أشار النائب في البرلمان الإيراني غلام علي جعفر زاده إلى دور هذه المؤسسات الموازية قائلاً إن «عشرات الزيارات والمفاوضات الموازية تسببت في استقالة ظريف». وأكد جعفر زاده في مقابلة مع موقع «اعتماد أونلاين»، الأربعاء الفائت، أن «موضوع عدم إبلاغ ظريف بزيارة بشار الأسد إلى طهران كان له دور في استقالته بالتأكيد، لكنه ليس السبب الوحيد، بل إن التحركات الموازية، بما في ذلك العشرات من الزيارات والمفاوضات دون التنسيق معه، هي السبب وراء هذه الاستقالة». 
فمتن الصورة الأزمة حمل جلاء الشك والريب في نوايا من التقطها، الذي استعان بمطلع قصيدة أبي تمام في فتح عمورية: «السيف أصدق إنباءً من الكتب»، وإسقاطه على حالة ظريف، وبدل مطلع القصيدة قائلاً إن «الصورة أصدق إنباءً من الكتب»، بعد أن شغل وزير خارجية «الحرس الثوري»، الجنرال قاسم سليماني، موقع جواد ظريف في الصورة التي جمعت الرئيس الإيراني حسن روحاني مع رأس النظام السوري بشار الأسد.
فِعل الاستقالة وانفعال ظريف أضعف رواية النظام الرسمية، التي تحدثت عن خطأ بروتوكولي نتيجة ظروف أمنية أحاطت بزيارة الأسد، وأخرج إلى العلن ما كان يُحاك في كواليس صناع القرار الإيراني، بأن النظام يقترب من اعتماد سياسة خارجية جديدة في تعاطيه مع المجتمع الدولي لم يعد ممكناً لظريف تلبيتها، ومن الواضح أن من دعا إلى تطبيق هذه السياسة التف سريعاً على خطوة ظريف، وأرغمه على العودة عن قراره، ليتمكن من إعادة تدبر أموره برَوية، بحيث لن يكون تحديد موعد خروج ظريف من المشهد مرتبطاً بخروجه من الصورة، فالصورة والمشهد في إيران تصنعهما جهة واحدة، يعود إليها فقط تحديد متى تنتهي صلاحية بقية الأطراف وأدوارها، ولن تسمح أبداً أن تتحول زيارة الأسد إلى مأزق داخلي يستغله دعاة وقف التدخل في سوريا والبلدان الأخرى، الذي تحول إلى شعار يرفعه المواطن الإيراني المثقل بهموم اقتصادية ومعيشية، جرّاء هدر النظام للثروة الوطنية على مشروعاته الخارجية، فعلى الأرجح هناك وجهة نظر أخرى في «الحرس» ومعسكر المحافظين تفضل بقاء ظريف في موقعه حتى نهاية ولاية روحاني الدستورية، وأن يخرجا معاً، ليس فقط من السلطة، بل من المشهد تماماً، ومن الآن وحتى نهاية المدة الدستورية لحكومة روحاني، على ظريف أن يستخدم مهارته في تقطيع الوقت والاستسلام لإملاءات الدولة الموازية التي تعمل على تحميل الحكومة وأعضائها كل الإخفاقات السياسية الدبلوماسية والاقتصادية، واستخدام هذه التهم واستغلالها في تحجيم دوره في الحياة السياسية الإيرانية، والحد من طموحاته لما بعد روحاني، فالمطلوب منه مجبراً أن يبقى حتى لا يتمكن من بناء حيثية مستقلة تشكل منافسة جدية، وتلتف حوله الكثير من القوى السياسية والشعبية المطالبة بالتغيير، فالنظام الذي يعيش أزمة حقيقية في إعادة إنتاج طبقته السياسية لن يسمح لمعارضيه في الداخل بإعادة بلورة شخصيات يمكن أن تقود الصراع على السلطة مستقبلاً، خصوصاً أن إيران تمر بمرحلة انتقالية من عمر الثورة والدولة يزداد فيها المشهد الإيراني ما بعد خامنئي وروحاني تعقيداً وغموضاً، وما بينهما ملامح ثورة جياع قد تطيح كل المنظومة الحاكمة.
ما بين الاستقالة والعودة، استدرك الصانع الأوحد للسياسة الخارجية الإيرانية قاسم سليماني تكلفة خطوة ظريف داخلياً، فسارع إلى احتوائها، وحتى يحصر انتباه الداخل والخارج بأهمية الرسائل المتعددة التي أراد النظام تمريرها عبر استدعاء الأسد إلى طهران في هذا التوقيت، إلا أن مراكز القوى المحافظة الممتعضة أصلاً من ظريف روَّجت أن سبب الاستقالة الخلافات داخل الفريق الحكومي نتيجة أزمة يمر بها فريق الرئيس روحاني، الذي فشل في معاجلة أغلب القضايا الدبلوماسية والاقتصادية، وهذا ما ورد بشكل واضح في تصريح رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني حشمت الله فلاحت بيشه، الذي اعتبر أن استقالة ظريف جاءت بسبب الخلافات الشديدة بينه وبين أعضاء الحكومة.
ظريف المرغم على البقاء حُرم من دور البطولة، مرة أثناء قيامه بواجبه، ومرة عندما قرر التخلي عن واجباته، فهو العالق بين معضلتين (الخروج أو البقاء)، ووصفت صحيفة «ابتكار» استقالته بـ«الصرخة المرتعشة».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جواد ظريف «الصورة» أصدق إنباءً من الكتب جواد ظريف «الصورة» أصدق إنباءً من الكتب



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين

GMT 20:47 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

"الوطني للسكك الحديدية "يعلن عن تخفيضات في تذاكر القطار

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حركة إعفاءات وتغييرات جديدة في صفوف الدرك الملكي

GMT 02:26 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ورق جدران بألوان جذابة لديكورات غرف معيشة مبهجة

GMT 22:03 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

صعقة كهربائية تودي بحياة شاب في سلوان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya