حول ما يجري في الغوطة

حول ما يجري في الغوطة

المغرب اليوم -

حول ما يجري في الغوطة

بقلم - مصطفى فحص

على توقيت الغوطة الشرقية تستعد موسكو إلى ضبط عقارب الساعة على توقيتها، فقرار حصر الزمن السوري كاملاً بيدها يحتاج إلى استخدام القوة الحاسمة القادرة على تحقيق الانتصار قبل اعتراض العالم على المجزرة، ففي الوقت الذي كان مضمون القرار الأممي المقدم من الكويت والسويد يخضع لإعادة الصياغة الروسية التي أفرغت بنوده الأساسية من محتواها، وحولته إلى مناشدة غير واضحة الآليات لوقف الحرب على الغوطة، كان مجلس الأمن القومي الروسي يضع اللمسات الأخيرة على خطته لاحتلالها، فالحاجة الروسية - الإيرانية المشتركة إلى الانتهاء من معضلة الغوطة، باتت ملحة من أجل إعادة صياغة التوازنات السياسية والميدانية على الساحة السورية، بعد أن ثبتت واشنطن سيطرتها على مناطق شرق الفرات الغنية بالثروات، ووضعت يدها على سوريا المفيدة اقتصادياً، واستخدمت القوة المفرطة بوجه كل من يحاول عبور نهر الفرات، فأصبح الرد الإيراني - الروسي المشترك على الحضور الأميركي في المشهد السوري يتطلب تأمين توازن جيو - استراتيجي مع واشنطن، يستدعي تحقيق نقلة ميدانية بالوصول إلى سوريا المفيدة جغرافياً، التي تمتد من سواحل البحر المتوسط إلى الحدود اللبنانية والأردنية والفلسطينية، تتيح للقائمين على هذا الحيز الجغرافي التحكم في استقرار بيروت وبغداد ومناكفة عمّان وابتزاز تل أبيب. فسوريا المفيدة جغرافياً ستعيد عقارب الساعة الروسية في سوريا إلى التوقيت الإيراني، الذي يسمح لطهران باستعادة زمنها السوري الذي خسرته جرّاء التدخل الروسي المباشر في الصراع على سوريا خريف 2015، والذي اعتبر نهاية لاستفراد طهران بقرار دمشق، بعدما انتقلت المعادلة إلى ما يمكن وصفه بـ«إيران الروسية في سوريا»، لكن طهران التي على دراية كبيرة بالوضع السوري تدرك أهمية الإبقاء على ما تبقى من سوريا ضمن دائرة الاهتمام الدولي، الذي يؤمّن لها التواصل مع عواصم القرار الدولي وعدم تجاهلها على طاولة المفاوضات، وذلك عبر دفع روسيا إلى خيار المواجهة المباشرة الذي يعيد صياغة التوازنات من جديد على قاعدة «روسيا الإيرانية في سوريا». ففي الوقت الذي كان فيه مجلس الأمن يناقش استجداء موسكو من أجل إدخال مساعدات إنسانية، كان مجلس الأمن القومي الروسي يلوح بتكرار سيناريو حلب من جديد، لذلك فقرار الدخول إلى الغوطة لا رجعة عنه، فهو يعني تجريد المعارضة مما تبقى لها من أوراق القوة، وإنهاء تهديدها العاصمة، وبمثابة فرصة للنظام لكي يعلن انتصاره وينسحب من كل أنواع المفاوضات، لذلك تبنت موسكو تفسيراً خاصاً لقرار مجلس الأمن رقم «2401» تستغله من أجل تصفية فصائل المعارضة كافة، حيث عدّ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن «قرار مجلس الأمن لم يشمل (جيش الإسلام) و(أحرار الشام) بوصفهما من التنظيمات الإرهابية»، إضافة إلى قرار وزارة الدفاع سحب الاعتراف ببعض الفصائل العسكرية المشاركة في «آستانة».
وعليه، فإن «روسيا الإيرانية في سوريا»، هي التي ستتحمل العبء الأكبر في المواجهة المقبلة ضد الغوطة، ومن أجل ذلك أرسلت موسكو أحدث طائراتها التي برزت عيوبها الكبيرة والخطيرة، وأفضل ما عندها من دبابات، واستقدمت مقاتلين تابعين لميليشيات الأسد تقودهم أسماء عسكرية سورية تعمل موسكو على إبرازها وتلميعها، بدلاً من ميليشيات إيرانية لا تخضع لسلطتها. إلا أن الحضور الروسي المكثف في معركة الغوطة، يجعل موسكو، أكثر من أي وقت مضى، أقرب إلى القراءة الإيرانية للحل السوري القائم على التمسك بالخيار العسكري بوصفه الرد الأنسب لموسكو بعد إفشال خططها السياسية للحل؛ من آستانة الكازاخية إلى سوتشي الروسية.
في الغوطة يسقط نهائياً الرهان على فصل موسكو عن طهران، وتتلاشى فكرة الفصل بين زمنين؛ واحد روسي، والآخر إيراني، وهو ما ينعكس على رأس النظام وتركيبة الحكم التي بشر بها الصحافي البريطاني روبرت فيسك، السوريين، وهي أن التفكير بغير آل الأسد جريمة تعاقب عليها تقاطعات المصالح الدولية، وتتعارض مع القواسم المشتركة الروسية - الإيرانية - الإسرائيلية التي تؤمن للأسد البقاء في قصر «المهاجرين»، كما يشكل استمرارها طمأنة للغرب المطالب شكلياً لموسكو بتقليص نفوذ إيران في الوقت الذي أصبحت فيه موسكو أكثر عناية بهذا النفوذ.
على المستوى الإقليمي؛ من بيروت إلى بغداد وصولاً إلى اليمن، حيث استخدمت موسكو حق الفيتو في مجلس الأمن ضد مشروع قرار بريطاني دعمته واشنطن وباريس ينتقد تصرفات إيران في اليمن، مما لا شك فيه أن توقيت استخدام هذا الفيتو في اليمن، وقرار دعم إسقاط الغوطة، يشيران إلى بوادر مواجهة مقبلة في المنطقة ترتسم بملامح إيرانية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حول ما يجري في الغوطة حول ما يجري في الغوطة



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"

GMT 13:01 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

رودريجو يكشف عن شعوره الأول لحظة مقابلة زين الدين زيدان

GMT 16:29 2019 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مغربي يقدم على قطع جهازه التناسلي لسبب غريب

GMT 09:59 2019 الإثنين ,26 آب / أغسطس

"رئيس الوصية"..على أبواب قصر قرطاج
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya