الدخان الآتي من العراق

الدخان الآتي من العراق

المغرب اليوم -

الدخان الآتي من العراق

مصطفى فحص
بقلم - مصطفى فحص

كان من المفترض أن يتصاعد الدخان الأبيض من فوق قبة البرلمان العراقي إيذاناً بتشكيل الكتلة الأكبر التي ستكلف رئيس الوزراء الجديد تشكيل الحكومة العراقية العتيدة، إلا أن دخاناً أسودَ تصاعد من ناحية الرصافة في بغداد زاد المشهد العراقي قتامة وحرجاً، حيث تتجمع الغيوم الملبدة بأزمة تشريعية فوق سماء العراق، هي الأخطر على كيانه منذ العام 2003. 
فالدخان الصاعد من الرصافة يمثل تهديداً هو الأول من نوعه للعملية السياسية برمتها، بعد مجموعة من الانقلابات السياسية والتشريعية جرت ضد الانتخابات الأخيرة ونتائجها، كان أخطرها انعقاد البرلمان الذي تنتهي ولايته في 30 يونيو (حزيران)، وقيامه بتعديلات على قانون الانتخابات الحالي تعتبر بعض الأطراف أنها قد تمس نتائج الانتخابات. فالمجلس الحالي الذي تصل نسبة الخاسرين من أعضائه في الانتخابات إلى 70 في المائة، من ضمنهم هيئته الرئاسية، تحوَّل إلى أداة تستخدمها بعض الجهات السياسية المتضررة من النتائج من أجل الضغط على الأطراف الفائزة بهدف انتزاع تنازلات منها، والأبرز في قرارات التعديل على قانون الانتخابات هو إقصاء أعضاء المفوضية المستقلة للانتخابات وتعيين قضاة في مكانهم، إضافة إلى إلغاء نتائج الخارج وإعادة العد والفرز يدوياً الذي يحتاج عدة شهور. 
تنتهي مهلة البرلمان نهاية الشهر الحالي، وتدخل السلطات التشريعية والتنفيذية ومؤسسات الدولة في مرحلة فراغ دستورية لا مثيل لها في تاريخ العراق الحديث، وعلى الأرجح فإن المتضررين من نتائج الانتخابات يعملون على محاصرة القوى السياسية العراقية الشريكة في صناعة القرار والمصرة حتى الآن على تشكيل تحالفات وطنية تتجاوز فكرة الكيانات المذهبية أو القومية عبر كتلة وطنية كبرى عابرة للطوائف والكيانات، ولي ذراعها في حال تمسكت برفض العودة إلى صيغة المحاصصة الطائفية في السلطة. 
وبناء عليه فإن المتضررين المحليين والإقليميين من نتائج الانتخابات على رأس قائمة المشتبه بهم في الضلوع بافتعال الحريق الذي طال أجهزة تخزين بيانات الناخبين في المخازن بمنطقة الرصافة، رغم رسائل الليونة التي بعث بها الزعيم العراقي السيد مقتدى الصدر من أجل تطمين هذه الجهات بأن مشروعه وطني وإصلاحي.
تركيز الصدر على إعادة الاعتبار للهوية الوطنية كأولوية من أجل إنقاذ الدولة ومؤسساتها من الانهيار الشامل، تضع حداً لأي طرف داخلي أو خارجي يريد إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، بهدف إعادة ضبط الزمن العراقي على التوقيت الإيراني فقط، حتى لو اضطر أن يذهب إلى مغامرة يستخدم خلالها القوة لتعويض ما خسره في صناديق الاقتراع، فكل المؤشرات تشير إلى أن الأزمة مستمرة ومرشحة للتصعيد الذي سيأخذ أشكالاً متعددة لن تكون بعيدة عن العنف المدروس والموجه؛ عنف ظهر أول ملامحه في الرسالة التي تلقاها الزعيم العراقي مقتدى الصدر عبر الانفجار الغامض في أحد مستودعات الأسلحة التابع لـ«سرايا السلام» التي تشكل الذراع العسكرية للصدريين، أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى في مدينة الصدر، فيما علامات الاستفهام تزداد حول المستفيد من حريق الرصافة الذي أتى على 80 في المائة من بيانات الناخبين في مدينة الصدر، بعد أقل من يومين على قرار الحكومة إعادة الفرز اليدوي الذي اعتبر لصالح بعض القوى الخاسرة التي تحاول إعادة تدوير النتائج، وفقاً لمصالحها ومصالح داعميها الإقليميين.
في الحادثتين هناك علامات واضحة لاستهداف الحالة التي يحاول الصدر ترسيخها في العراق، وخاسر غير مقتنع بأن حدود ضغطه وبأن اللجوء إلى العنف لن يغير مجرى الأحداث، وهذا ما دفع الصدر إلى الحديث بوضوح عن احتمال الحرب الأهلية.
الدخان الأسود الآتي من الرصافة يمثل جزءاً من تلبد الغيوم الإيرانية التي بدأت تتجمع فوق العراق وسوريا ولبنان، وعلى الأرجح فإن تشكيل الحكومة اللبنانية بات تحت تأثير هذا الدخان، بعد أن تفاخر قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني بأن «حزب الله» بات يملك 74 مقعداً في البرلمان الجديد، وبأن الاتجاه الآن لتشكيل حكومة مقاومة، أما الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله فقد أكد بدوره أن المنطقة مقبلة على حرب كبرى، وبأن المنتمين إلى محوره سيصلّون قريباً في القدس.
لم يتأخر رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في الرد على سليماني حيث قال: «إذا خسر البعض في العراق لا يعني أن يعوض خسارته في مكان آخر»، ففي بيروت وبغداد يدرك الجميع أن كلفة مواجهة إيران سياسياً مرتفعة جداً، ولكن على ما يبدو أن لبنان، كما العراق، غير قادر على التعايش مع هذا التضخم في النفوذ الإيراني.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدخان الآتي من العراق الدخان الآتي من العراق



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين

GMT 20:47 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

"الوطني للسكك الحديدية "يعلن عن تخفيضات في تذاكر القطار

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حركة إعفاءات وتغييرات جديدة في صفوف الدرك الملكي

GMT 02:26 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ورق جدران بألوان جذابة لديكورات غرف معيشة مبهجة

GMT 22:03 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

صعقة كهربائية تودي بحياة شاب في سلوان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya