سوريا على توقيت ساعة الكرملين

سوريا على توقيت ساعة الكرملين

المغرب اليوم -

سوريا على توقيت ساعة الكرملين

بقلم - مصطفى فحص

بعد 3 سنوات على دخولها المباشر في الحرب السورية، نجحت موسكو في ربط الزمن السوري بتوقيت ساعة الكرملين؛ لكنها لم تنتبه إلى أن فارق الوقت بين البلدين تتحكم فيه خطوط الطول والعرض التي وحدها تحدد الزمن والموقع للسوريين. ومن الواضح أن جنرالات الحرب الروس في سوريا يواجهون جنرال الوقت، وهم يعلمون جيداً أن «الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك»؛ لكنهم حتى الآن يراهنون على طائراتهم وبوارجهم حتى يقطعوه. والوقت في سوريا مرتبط بالمكان، والمكان يختلف عن الأماكن التي حقق فيها الكرملين انتصاراته السابقة، فسوريا ليست كبلاد القوقاز معزولة عن جوارها، وإن تخلى عنها العرب وأدار الغرب ظهره لها، ففي الحملة الروسية عليها لم تنجح موسكو في إقناع الأطراف الإقليمية والدولية المؤثرة بتبني مشروعها للحل، وفي المقابل من الصعب أن تستجيب موسكو للأصوات التي تطالبها بوضع حد للنفوذ الإيراني، وهي المستفيدة من انتشاره الميداني، الذي يخفف عنها أعباء اقتصادية، ويجنبها نشر قواتها البرية. 
بعد 3 سنوات، جعلت موسكو من تمسكها بالأسد الابن في السلطة عنواناً لانتصارها، وتمسكها بالأسد هو تمسكها بالحل العسكري الذي رفضته الدول الأعضاء في المجموعة المصغرة حول سوريا، التي تضم الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، والسعودية، والأردن، ومصر، والتي طالبت في آخر لقاء لها بأنه «لا يوجد حل عسكري للحرب» معتبرة أنه ليس هناك من «إمكانية أخرى سوى الحل السياسي»، والحل السياسي في أضعف الإيمان هو عملية دستورية تؤدي إلى انتخابات حرة قد تفضي نتائجها إلى خروج الأسد من السلطة، وهو قد لا يناسب موسكو أو حلفاءها الأقوياء في سوريا، التي ما زالت مصرة على حماية مصالحهم، رغم خلافاتها التكتيكية معهم.
دخلت الحملة الروسية على سوريا عامها الرابع، ومعها باتت سوريا الروسية تمثل النموذج السياسي الذي يعمل جنرالات «العقيدة البوتينية الجديدة» على ترسيخه في العلاقة بين الأنظمة وشعوبها، التي تربط بين (النظام والاستقرار) وبين (حرية الشعوب والفوضى الهدّامة)، ففي بداية السنة الرابعة على تدخلها، وتحقيقها إنجازاً عسكرياً ضخماً مكنها من إبقاء رأس النظام في قصره، وبعد تبدل موازين القوى كاملة لصالحها، تعمدت إهمال الأصوات الإقليمية والدولية التي تطالبها بتغيير سلوك النظام، أو إجراء تعديلات على طبيعة علاقتها بحلفائها، أو في دعوتها إلى القبول بتسوية تراعي تحولات ما بعد 18 مارس (آذار) 2011. فموسكو التي تمكنت من تعطيل مقررات مؤتمري جنيف 1 و2، وفرضها مسارات أخرى في سوتشي وآستانة، وتحويل قراراتهما إلى مظلة سياسية لما تعتبره انتصاراً عسكرياً تستخدمها في عملية فرض الاستسلام على السوريين، ومطالبتهم بتجاوز واحدة من أبشع الإبادات الجماعية في التاريخ، ودعوتهم لقبول التعايش مع النظام، باعتباره استطاع تجاوز الأزمة، وقبوله على قاعدة أنه لا بديل له، إلا أن لغة الانتصار التي تمارسها روسيا في سوريا تصطدم الآن بتحديات لا يمكن تجاوزها، وباتت أشبه بمرآة تعكس وجه موسكو العاجز عن تحقيق أهدافه، وهي تسابق الزمن لتحويل مكاسبها الميدانية إلى منافع سياسية، قبل دخول حملتها على سوريا مرحلة الشيخوخة الاستراتيجية، نتيجة فشلها في تصريف نتائج خيارها العسكري سياسياً، فقد اكتشفت موسكو متأخرة أنها تفتقر إلى أدوات تساعدها على التوصل إلى حل سلمي دائم يحقق لها مصالحة فعلية مع الأغلبية السورية، التي خاب أملها في الرهان على الضمانات الروسية في حماية تعهداتها التي قدمتها في المناطق التي تمت إعادة السيطرة عليها، أو في الأماكن التي جرت فيها المصالحات، فقد ظهرت موسكو عاجزة في منع النظام من تطبيق حلوله الأمنية، وفي توقفه عن إذلال المواطنين، وهي تدفع ثمن تجنبها الانتشار الواسع على الأرض؛ حيث من المستحيل لعدة آلاف من الشرطة العسكرية الروسية أن تقوم بفرض النظام في جمهورية الميليشيات الطائفية وأمراء الحرب، وهي ما زالت تكابر وتتجنب إعلان فشلها في إقناع اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان بالعودة الطوعية، وأصيبت بخيبة أمل جرّاء موقف الدول الأوروبية التي نأت بلاجئيها عن دعوات موسكو للعودة، كما أن الأوروبيين ومعهم واشنطن قوضوا خططها للحل السياسي، عندما وضعوا شروطهم الصعبة للحل، والتي ربطوا بين تنفيذها وبين تمويل عودة اللاجئين من الدول المجاورة، وفي إعادة الإعمار.
بعد 3 سنوات على حملتها، حافظت موسكو على مصالح حليفتها الاستراتيجية طهران، ومكنت أنقرة من بسط نفوذها في مناطق الشمال السوري؛ لكنها أخرجت العرب من درعا، آخر موطئ قدم لهم في سوريا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا على توقيت ساعة الكرملين سوريا على توقيت ساعة الكرملين



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:03 2014 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد الجوز " عين الجمل " لا يعلمها إلا القليلون

GMT 12:28 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الفرسان يتطلعون للفوز بثاني جولات بطولة "هذاب"

GMT 06:07 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

سيت الأفضل لقضاء شهر عسل لتميزها بالمناظر الجذابة

GMT 03:45 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مديرة الأزياء جين ماكفارلاند تستعرض مجموعة كافالي

GMT 06:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تصنف المغرب أبرز مُصدّري اليهود منذ استقلال المملكة

GMT 00:00 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

" أوراق بوكافر السرية " جديد الكاتب ميمون أم العيد

GMT 23:10 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رشيد غفلاوي سعيد بانضمامه إلى فريق الساحل النيجيري

GMT 23:08 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المهاجم فيصل عجب يثبت جدارته مع نادي التضامن

GMT 17:14 2016 الجمعة ,01 إبريل / نيسان

سر إغماض العيون أثناء تبادل القبل على الشفاه
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya