لا روح رياضية في الكويت… أحيانا

لا روح رياضية في الكويت… أحيانا

المغرب اليوم -

لا روح رياضية في الكويت… أحيانا

خير الله خير الله

في الكويت، باتت قضية الرياضة تتجاوز الرياضة، إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، أي إلى السياسة، بل السياسة في العمق. لم تكن القرارات الرياضية التي اتخذتها الحكومة الكويتية أخيرا، والتي شملت إعادة تنظيم كلّ الهيئات المشرفة على الرياضة، تفصيلا على هامش المشهد السياسي العام، بل كانت جزءا أساسيا من هذا المشهد سينعكس مزيدا من الحزم في التعاطي مع مختلف القضايا.
ببساطة، كانت الرياضة الكويتية مخطوفة، لا من قبل أشخاص محدّدين فحسب، بل بسبب غياب الإدارة والقرار أيضا. أدى ذلك إلى تراجع كبير على كل المستويات الرياضية وإلى تراجع اسم الكويت في هذا المجال بعدما كانت السباقة فيه ووصلت تحت رايته إلى المشاركة في بطولة كأس العالم كأول فريق عربي – آسيوي عام 1982. ثم بدأت مرحلة الانهيار عندما اعتبر بعضهم الرياضة وقفا خاصا عليهم أو شركة مقفلة يستثمرونها ويديرونها لتحقيق غايات سياسية. ذلك لا يعني إعفاء الحكومات المتعاقبة من المسؤولية كونها كانت غائبة عن القرار بشكل مباشر من جهة، ولدخولها في لعبة التجاذبات والمساومات من جهة أخرى ما أدى إلى إهمال مجال يشكل الشباب وقوده وجاذبيته. صار الشباب مجال استثمار في الحقل السياسي. إنّها فضيحة بحدّ ذاتها، فضيحة تهدّد مستقبل البلد الذي عرف كيف يصمد في وجه أعتى الهجمات التي تعرّض لها، بما في ذلك الاحتلال العراقي في العام 1990.

لم يعد الأمر استثمارا في الرياضة، بمقدار ما صار استثمارا في السياسة من خلال الرياضة. لذلك كان على الحكومة اتخاذ قرارات حاسمة تقود إلى تحرير الرياضة من الدائرة المغلقة التي تدور فيها.

للرياضة هدفان، الأول تعويد الشباب على هذه الممارسة التي تخدم صحتهم البدنية والفكرية، كما تبعدهم عن الأفكار الشاذة التي تصبّ في مصلحة التطرّف والمتطرفين والأفكار الهدّامة. أمّا الهدف الآخر فهو ذو طابع وطني يقود إلى رفع اسم الكويت عاليا في المنطقة والعالم. الرياضة جزء لا يتجزّأ من النهضة الكويتية والوعي الوطني لا أكثر. بدل ذلك، هناك من أراد تحويل الرياضة إلى تجارة ومنبر للانطلاق منه في اتجاه تحقيق مآرب سياسية تصبّ في خدمة أشخاص معروفين بدل خدمة الكويت ومستقبل الجيل الشاب فيها.

تراكمت الأخطاء، وأحيانا الخطايا، إلى أن صارت الرياضة الكويتية “المخطوفة” ورقة مساومة كبيرة في أيدي البعض. حصل تلاعب بالقوانين. هناك من عمل على جعل هذه القوانين المتعلقة بالرياضة على قياسه. أدّى الأمر إلى ردود فعل سلبية من الهيئات الدولية التي راحت تلوّح بالعقوبات.

أكثر من ذلك، استهدفت المجموعة المهيمنة على الرياضة الحصول على “جوائز سياسية” داخلية في مقابل تدخلها لدى “الفيفا” (الاتحاد الدولي لكرة القدم) أو اللجنة الأولمبية الدولية لوقف الجزاءات أو تأجيل العقوبات. استهدفت ذلك تحقيق انفراج لفترة قصيرة تغيب خلالها أزمة الرياضة ويتفرغ الجميع لاحقا لأزمات أخرى… هكذا استمر وضع الرياضة الكويتية لسنوات وبقيت ورقة مساومة وضغط، وكانت الكويت كلّها ضحية هذا الارتهان وذاك الاستخدام السياسي.

ومع تداخل الأزمات السياسية أخيرا في الكويت وجنوحها نحو منعطفات لم يعرفها المجتمع الكويتي لا لجهة اللغة المستخدمة أو القضايا المثارة أو الفبركات والتسجيلات، ومع تورط الجهات المهيمنة على الرياضة في هذه الأزمات بشكل مباشر، ومع اعتراف اللجنة الأولمبية الدولية بأن رسائل التحريض على الرياضة الكويتية أتت من المسؤولين عن الرياضة… كانت الكويت أمام امتحان: إما تعليق نشاطها الرياضي في المحافل الدولية، وإما الاستمرار في تعويم خاطفي الرياضة في الداخل وإعطائهم أدوارا جديدة وأوراقا جديدة للابتزاز.

هذه المرة تولى الملف الشيخ سلمان الحمود الصُباح وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب المسؤول مباشرة عن ملف الرياضة. ترأس وفدا نيابيا ورياضيا إلى اللجنة الأولمبية الدولية وأبلغها جملة لاءات بحضور المسؤولين الكويتيين عن “خطف” الرياضة. لا لتحديد مهل لتعديل القوانين، لا لابتزاز الكويت، لا لتهديدها بوقف النشاط الرياضي، ولا للتدخل في سيادتها… عرفت الحكومة الكويتية أن هذا الموقف سيكلفها وقفا للنشاط الرياضي، لكنها قررت أن تغيّر قواعد اللعبة نهائيا، فهي من جهة تريد علاقة جديدة مع الهيئات الرياضية الدولية قائمة على الحوار المباشر وليس عبر “وسطاء” يخلقون واقعا ويحرضون عليه، وتريد من جهة أخرى “تحرير” البيت الرياضي من خاطفيه داخليا.

بدأت الحكومة الكويتية إجراءات داخلية ضد الذين استخدموا الرياضة ورقة ابتزاز، أعادتهم إلى أحجامهم الحقيقية عبر سلسلة إجراءات ترفع أياديهم عن الرياضة والقرار الرياضي. كشفتهم أمام الرأي العام الداخلي وحملتهم مسؤولية انهيار جانب مشرق من تاريخ الكويت، وأعادت تأهيل المنشآت الرياضية وستشرع في تعديل بعض القوانين لتطوير هذا القطاع الشبابي المهم. وليس افتتاح “ستاد جابر” قريبا في احتفالية عالمية يشارك فيها نجوم الرياضة الدوليون إلا افتتاحا لعهد جديد ليس على صعيد الرياضة فحسب، بل في مجال القرار الحازم على مختلف المستويات وفي كلّ المجالات أيضا.

أما على الصعيد الدولي فالشيخ سلمان وفريق عمله في وزارة الشباب وعدد كبير من النواب والمختصين سيعمدون إلى فتح قنوات كفيلة بحل الأزمة وإعادة الكويت إلى المشاركة في المحافل الدولية. هذا تحد كبير في مستوى التحديات الأخرى التي تواجه الكويت على الصعيد الأمني. فتفجير مسجد الإمام الصادق الذي كان وراءه “داعش” لا يزال في البال. عرف أمير الدولة الشيخ صُباح الأحمد، المعروف بحكمته، كيف يقطع الطريق على الفتنة ويؤكّد مجددا أن الكويت لكل الكويتيين، وأن لا تفريق بين مواطن وآخر ومذهب وآخر.

كذلك، عرفت السلطات الكويتية المختصة كيف تحمي أمن البلد في هذه المرحلة التي تتكاثر فيها العواصف الإقليمية. أحبطت مخططات إرهابية من نوع آخر مرتبطة بإيران التي تبيّن أنّها تخزّن أسلحة في مناطق كويتية عدّة… منذ سنوات عدّة.

بالعودة إلى الرياضة الكويتية وأزمتها المرتبطة بالسياسة، نجد مرة أخرى، أنه لم يتم التعاطي مع أزمة الرياضة في الكويت بـ”بروح رياضية” من قبل الحكومة، هذا التعاطي، الخالي من الروح الرياضية، يفرض نفسه أحيانا. كان التعاطي الحكومي بحزم ترافق مع رؤية لإيجاد حل جذري يأمل الكويتيون بأن ينسحب على القضايا الأخرى من سياسية واقتصادية واجتماعية.

هل كثير على الكويت أن يكون فيها مسؤولون يمتلكون رؤية، مسؤولون يدركون أنّ الرياضة قضية وطنية وليست قضية تملكها مجموعة معروفة تريد توظيف الرياضة في مشروع سياسي قد لا تكون قوى خارجية بعيدة عنه؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا روح رياضية في الكويت… أحيانا لا روح رياضية في الكويت… أحيانا



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya