كي يكون مؤتمر الرياض علامة فارقة سوريا

كي يكون مؤتمر الرياض علامة فارقة.. سوريا

المغرب اليوم -

كي يكون مؤتمر الرياض علامة فارقة سوريا

خير الله خير الله

ظل السؤال المطروح دائما وأبدا هو السؤال نفسه وذلك منذ ما يزيد على أربع سنوات ونصف سنة عندما اندلعت الثورة السورية. هذا السؤال هو الآتي: هل يمكن للنظام الانتصار على الشعب السوري؟ لا يزال الجواب هو نفسه وذلك منذ أربع سنوات ونصف سنة. انتهى النظام السوري الذي أقامه حافظ الأسد.. ولكن هل انتهت سوريا التي عرفناها أيضا؟
انتصر الشعب السوري على النظام، ولكن هل يستطيع إبقاء سوريا موحّدة. هذا هو التحدي الأوّل الذي يواجه المعارضة.

يوفّر المؤتمر الذي عقدته المعارضة السورية في الرياض بريق أمل بإمكان إيجاد جبهة سياسية وعسكرية موحّدة توفّر بديلا من النظام. هذا النظام الذي لم يعد يجد جنودا يدافعون عنه، على الرغم من كلّ الدعم الذي يتلقاه من إيران، ومن روسيا التي تحوّلت طرفا مباشرا في الحرب التي تستهدف الشعب السوري بكلّ فئاته.

من بين أهمّ التطورات التي شهدتها أخيرا المناطق السورية، التي لا تزال خاضعة للنظام، الاستماتة من أجل إلحاق شبّان بالخدمة العسكرية. في كلّ شارع وحيّ في دمشق وغير دمشق حواجز طيّارة تعتقل الشبان الذين هم في عمر الخدمة العسكرية وتجبرهم على الالتحاق بالجبهة حيث ينتظرهم الموت، وذلك بعد تدريب على استخدام السلاح لا يتجاوز الأسبوع أو الأسبوعين. هناك محاولة لاسترضاء الروس يقوم بها النظام الذي كشفت الغارات الروسية مقدار عجزه.

لدى النظام حاجة ماسة إلى ما لا يقلّ عن ثمانين ألف جندي من أجل القول للروس إنّ في الإمكان الاستفادة من القصف الذين يمارسونه من الجو والبرّ وحتّى البحر. اكتشف فلاديمير بوتين بعد تدخله المباشر في سوريا أن لا وجود لجيش فعّال لدى النظام. لم يستطع جيش النظام التقدّم في المناطق التي تعرّضت للقصف وإيجاد مواقع له فيها. ذهبت الجهود الروسية هباء، إذ عاد الثوّار إلى المناطق التي تعرّضت للقصف. أكثر من ذلك، استطاعوا تحقيق تقدّم على جبهات عدّة.

وسط هذه التطورات التي تشهدها الأرض السورية، جاء مؤتمر المعارضة في الرياض. قبل كلّ شيء، لا بدّ من شكر المملكة العربية السعودية على الجهود التي بذلتها من أجل توحيد المعارضة. وحدة المعارضة تبعث على التفاؤل وإن بحذر، خصوصا إذا أخذنا في الاعتبار حال التشرذم التي تعاني منها من جهة، والعلاقة العميقة القائمة بين النظام و”داعش” من جهة أخرى. تتجاوز هذه العلاقة النظام السوري، لتمتد إلى إيران المستفيد الأوّل من “داعش” وممارساته، خصوصا في العراق.

اعتمد التدخل العسكري الروسي في سوريا على كلام فارغ من نوع أن الهدف إنقاذ مؤسسات الدولة السورية، علما أنّه لم يكن هناك في يوم من الأيّام مؤسسات لدولة سورية حيث لا فصل بين السلطات ولا حقوق للمواطن، بل أجهزة أمنية ولا شيء غير ذلك. ما تسعى موسكو إلى إنقاذه هو بقايا هذه الأجهزة الأمنية وبعض القيادات العسكرية من الضبّاط العلويين الذين تخرّجوا من الأكاديميات العسكرية السوفياتية، ثم الروسية.

حسنا فعلت المعارضة في مؤتمر الرياض عندما حدّدت أهدافها المتمثلة برحيل بشّار الأسد مع بدء المرحلة الانتقالية، واتفقت على وفد موحّد للتفاوض، ووضعت خارطة طريق لسوريا المستقبل كدولة مدنية وتعدّدية ولا مركزية.

كانت المعارضة في منتهى الواقعية، ذلك أنّ البيان الختامي لمؤتمر الرياض، وهو الأوّل الذي يجمع مكوّنات سياسية وعسكرية قارب عددها المئة، تضمّن رؤية سياسية شاملة جمعت بين المعارضة المدعومة من الغرب والمعارضة المقبولة من النظام والفصائل المسلّحة “المعتدلة” التي تقاتل على الأرض.

أكّد هذه الواقعية ما ورد حرفيا في البيان الختامي عن “أنّ المجتمعين على استعداد للدخول في مفاوضات مع ممثلي النظام وذلك استنادا إلى بيان جنيف 1 الصادر في الثلاثين من حزيران ـ يونيو 2012 والقرارات الدولية ذات العلاقة، وذلك خلال فترة زمنية يُتّفق في شأنها مع الأمم المتحدة”.

ما ذكره البيان يوفّر مخرجا للجميع، ولكن هل من يريد البحث عن مخرج، خصوصا في ظلّ وجود إدارة أميركية ترفض أن تكون لها استراتيجية شرق أوسطية أو حتّى سوريا؟

هل يعتقد النظام السوري أنّ عليه الرحيل اليوم، قبل غد، لأنّ عدم رحيله هو الطريق الأقصر لتدمير ما بقي من سوريا؟

هل يقتنع الروسي نهائيا بأن لا وجود لنظام يمكن الدفاع عنه وترميمه، اللهمّ إلّا إذا كان لدى موسكو طموح يتجاوز منع تصدير الغاز الخليجي إلى أوروبا عبر الساحل السوري؟

هل تقتنع إيران أن مشروعها الهادف إلى إقامة دويلة سورية ذات طابع علوي مرتبطة بدويلة “حزب الله” في لبنان حلم غير قابل للتحقيق؟

هذا الحلم الإيراني غير قابل للتحقيق لسبب في غاية البساطة يعود إلى أن العلوي السوري ليس شيعيا، وهو يفضّل أن يكون في حماية الروسي على الدخول في حلف مع الإيراني والسقوط تحت وصايته.

يمكن أن تكون إيران استوعبت هذه المعادلة أخيرا، وربّما لا تزال تظنّ أنّ سيطرتها على قسم من سوريا مرتبط بممرّ إلى البقاع اللبناني، حيث “حزب الله”، لا يزال مشروعا قابلا للتحقيق.

في ظلّ هذه المعطيات، يمكن فهم حجم التحديات التي تواجه المعارضة السورية. يضاف إلى ذلك الاهتمام التركي الذي يراوح بين حماية التركمان وضمّ حلب وجوارها نهائيا، والتخلّص من بشّار الأسد الذي لم يجلب لبلده ولجيرانه سوى المتاعب ولم يصدّر سوى الإرهاب والإرهابيين وكلّ ما له علاقة بالتطرّف. يكفي للتأكّد من ذلك ممارسته اللبنانية التي شملت تفجيرات واغتيالات، ورهان على قدرة “حزب الله” على تدمير مؤسسات الدولة اللبنانية.

في كلّ الأحوال، هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المعارضة السورية بكلّ فئاتها.

هناك مسؤولية الارتفاع إلى مستوى طموحات الشعب السوري أوّلا. وهناك مسؤولية التعاطي مع التعقيدات الإقليمية والدولية، خصوصا مع روسيا التي يتبيّن كلّ يوم أنّها لا تعرف الكثير عن الشرق الأوسط ولا عن سوريا نفسها، ومع إيران التي لا يهمّها سوى ترسيخ الشرخ المذهبي في المنطقة، كون إثارة الغرائز المذهبية السلاح الأساسي الذي يستند إليه مشروعها التوسّعي.. ومع تركيا التي لديها أجندة خاصة بها تقوم، أوّل ما تقوم، على الرهان على عامل الوقت. الوقت كفيل بتفتيت سوريا، وتركيا جاهزة لضمّ قسم من هذا الفتات، الذي لن يعود فتاتا، إليها.

سيعتمد الكثير على بقاء المعارضة السورية موحّدة بعد مؤتمر الرياض. كان هذا المؤتمر علامة فارقة سوريا، خصوصا أنّ في الإمكان البناء على ما خرج به من قرارات واضحة. المهمّ عامل الاستمرارية. هل لدى المعارضة استمرارية في موازاة تلك التي يتمتّع بها الشعب السوري الصامد في وجه كلّ أنواع الظلم منذ سبعة وخمسين شهرا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كي يكون مؤتمر الرياض علامة فارقة سوريا كي يكون مؤتمر الرياض علامة فارقة سوريا



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya