بعد عشرين عاما… قاتل رابين يحكم إسرائيل

بعد عشرين عاما… قاتل رابين يحكم إسرائيل

المغرب اليوم -

بعد عشرين عاما… قاتل رابين يحكم إسرائيل

خير الله خير الله

قبل عشرين عاما، اغتيل إسحق رابين. كان ذلك مطلع تشرين الثاني – نوفمبر 1995، أي بعد عامين وشهرين من توقيع اتفاق أوسلو الذي لم يحقّق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعدما تعرّض لحرب شعواء. جاءت ذكرى اغتيال رابين هذه السنة ليتذكره إسرائيليون نزلوا إلى شوارع تل أبيب للمطالبة بمعاودة عملية السلام مع الفلسطينيين.
لم يعد من رابين إلا ذكرى، ذلك أن موته كان موتا لاتفاق أوسلو الذي تعرّض لحملة شعواء استهدفت إفشاله. جمعت هذه الحرب بين المتطرفين في إسرائيل وحلفائهم العرب من جماعة “الممانعة” وإيران التي أخذت على عاتقها المتاجرة بقضية فلسطين وبالفلسطينيين.

كان اغتيال المتطرف ييغال عمير لإسحق رابين بمثابة نقطة تحول على طريق طي صفحة السلام. كان رابين من بين السياسيين الإسرائيليين القلائل الذين كانوا يعتقدون أن الردّ على الإرهاب والتطرف يكون بالتمسّك بعملية السلام بدل الاستسلام لرافعي شعارات من نوع “إسرائيل الكبرى” أو “فلسطين وقف إسلامي” التي تنادي بها “حماس”، ومن على شاكلتها، الذين وضعوا أنفسهم طوال فترة طويلة في خدمة المشروع التوسّعي الإيراني الذي خطف قضية فلسطين من العرب ومن الفلسطينيين أنفسهم.

ما لا يمكن تجاهله في أي وقت أن إسرائيليا متطرفا اسمه باروخ غولدشتاين نفّذ في شباط – فبراير 1994 عملية إرهابية في الحرم الإبراهيمي في الخليل. قتل وقتذاك بدم بارد تسعة عشر مصليا فلسطينيا وجرح العشرات. فعل كلّ ذلك من أجل القضاء على أي أمل بالسلام.

باغتياله إسحق رابين، أثبت ييغال عمير أنه صار “ملك إسرائيل”. العقل الذي قتل رابين هو العقل الذي يتحكّم بالقرار الإسرائيلي منذ عشرين عاما. لم يخلف رابين شخص يؤمن بالسلام. جاء بعده بنيامين نتانياهو الذي أكّد أنّه يمثّل بالفعل ما يمثّله قاتل رابين.

لم يكن إسحق رابين ملاكا. كان عدوّا تاريخيا للفلسطينيين. لكنّ أهمية الرجل تكمن في أنه توصل في مرحلة معيّنة إلى قناعة فحواها أن لا بد، في نهاية المطاف، من التوصل إلى تسوية مع الجانب الفلسطيني. عرف رابين أن الشعب الفلسطيني موجود شاءت إسرائيل أم أبت. هناك شعب لا يمكن إنكار وجوده ولا مفرّ من إيجاد مكان له على الخارطة الجغرافية للشرق الأوسط، بعدما تبيّن أنه حاضر على الخارطة السياسية للمنطقة. أدرك أن لا مصلحة لإسرائيل في المدى الطويل، خصوصا إذا كانت تريد البقاء دولة ذات أكثرية يهودية و”ديمقراطية”، سوى التخلي عن الضفة الغربية في إطار ترتيبات معيّنة. عرف بكل بساطة أن الأمن لا يمكن أن يتحقق من دون سلام مع الفلسطينيين، وأن هناك ثمنا لا بد من دفعه من أجل الأمن والسلام.

في الواقع، لم يفهم أهمية رابين، فضلا عن ضرورة استغلال عامل الوقت، غير الملك حسين رحمه الله. سارع الملك حسين إلى التوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل (في تشرين الأول – أكتوبر 1994) وذلك قبل سنة وشهر من اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي.

لم يرسم هذا الاتفاق حدود الدولة الفلسطينية المفترضة فحسب، بل إنّه أمّنَ للأردن حقوقه في الأرض والمياه في وقت كانت هناك أطراف إسرائيلية تعتبره الوطن البديل للفلسطينيين. منْ وضع حدّا لأحلام اليقظة الإسرائيلية وللكلام التافه عن الوطن البديل، كان الحسين الذي امتلك ما يكفي من بعد النظر لانتزاع الوصاية الهاشمية على المسجد الأقصى من إسرائيل. لعب ذلك دوره في المحافظة على المسجد وفي تمكّن الملك عبدالله الثاني من إعادة تثبيت الواقع القائم في المسجد في الظروف الراهنة.

يتبيّن مع مرور الوقت أن الأردن هو الطرف الوحيد في المنطقة الذي يلعب دوره في المحافظة على الحقوق الفلسطينية وإبقاء هدف قيام الدولة الفلسطينية المستقلّة هدفا حيّا. للأردن مصلحة حقيقية في قيام مثل هذه الدولة الفلسطينية.

مع اغتيال إسحق رابين، انتهى اتفاق أوسلو وأيّ إمكان لتطويره والبناء عليه. لم يبق من اتفاق أوسلو سوى سلطة وطنية عاجزة. يمكن تلمّس هذا العجز بمجرد زيارة لمقر الأمم المتحدة في نيويورك أو الدوائر القريبة من مركز القرار في واشنطن دي. سي… اللافت أنّه لم يعد هناك من وجود فلسطيني يذكر لا في الأمم المتحدة ولا في العاصمة الأميركية، خصوصا بعدما قطعت رام الله العلاقة مع الطرف الوحيد القادر على خدمة الفلسطينيين فعلا في الولايات المتحدة، أي “مجموعة العمل الأميركية من أجل فلسطين”.

في كلّ الأحوال، تمرّ القضية الفلسطينية هذه الأيّام بمرحلة لا سابق لها. هناك حراك شبابي على الأرض في ظروف جديدة لفلسطينيين يائسين لا علاقة لهم باتفاق أوسلو من قريب أو بعيد. هؤلاء الفلسطينيون الذين حركوا الشارع الإسرائيلي ودفعوا في اتجاه التظاهرة التي شهدتها تل أبيب، لا يعرفون ماذا يريدون باستثناء أنهم يعانون من الاحتلال والقهر والظلم وانسداد كلّ أبواب المستقبل أمامهم. الأكيد أن هؤلاء الشبان ليسوا تحت سيطرة السلطة الوطنية… أو ما بقي منها.

وهناك أيضا حكومة إسرائيلية غير مهتمة بالسلام ولا تؤمن سوى بالاحتلال في وقت تغيّرت طبيعة العلاقة بينها وبين الولايات المتحدة. وهناك أيضا وأيضا سلطة فلسطينية تسعى إلى تمرير الوقت. لم تعرف هذه السلطة حتّى كيف تجعل من رفع علم فلسطين في الأمم المتحدة قضيّة وحدثا كبيرا.

فوق ذلك كله، هناك “حماس” الراغبة في تكريس سيطرتها على قطاع غزّة واستغلال كلّ فرصة للتمدد في الضفة الغربية. الوحدة الوطنية الفلسطينية ليست همّا حمساويا. الهيمنة هدف بحدّ ذاته لـ”حماس”، حتّى لو كان ثمن الهيمنة هدنة طويلة مع إسرائيل تساعدها في بناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية وتهويد القدس وتشديد حصارها على غزّة.

في ظلّ هذا المشهد الحزين، يشكل ما فعله عبدالله الثاني بإجباره نتانياهو على عدم المس بالوضع القائم في المسجد الأقصى إنجازا بحدّ ذاته. يبدو الأردن، أقلّه في المدى المنظور، الطرف الوحيد الذي يسعى إلى تجنيب الفلسطينيين مزيدا من الكوارث، خصوصا أن أيّ انتفاضة يمكن أن تحصل الآن لا تمتلك من هو قادر على استغلالها سياسيا. على العكس من ذلك، ستستغل مثل هذه الانتفاضة من أجل مزيد من الفوضى والتشرذم في الضفّة الغربية.

هل يوجد في النهاية شيء اسمه انتفاضة من أجل الانتفاضة… أم الحاجة أكثر من أي وقت لقيادة فلسطينية تفكّر بطريقة مختلفة، طريقة تأخذ في الاعتبار كلّ التغيّرات إن في فلسطين أو في إسرائيل نفسها؟ من أين هذه القيادة التي تستطيع استيعاب أن الأرض الفلسطينية كلّها تحت الاحتلال، وأن أوسلو انتهى في اليوم الذي اغتيل فيه رابين، أي قبل عقدين كاملين بالتمام والكمال… وأن قاتل رابين بات من يحكم إسرائيل ويتحكّم بقرارها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعد عشرين عاما… قاتل رابين يحكم إسرائيل بعد عشرين عاما… قاتل رابين يحكم إسرائيل



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya