لعبة الجولان انتهت سوريا… وبدأت إيرانيا

لعبة الجولان انتهت سوريا… وبدأت إيرانيا

المغرب اليوم -

لعبة الجولان انتهت سوريا… وبدأت إيرانيا

بقلم - خيرالله خيرالله

هناك واقع جديد قائم في دمشق وفي الجنوب السوري. يتمثل هذا الواقع في الوجود الإيراني الذي لم يعد يقتصر فقط على مناطق معينة في محيط دمشق. صار على إسرائيل التفاوض مع إيران الموجودة على حدود الجولان مباشرة وغير مباشرة.

بكل أريحية
طرح وزير الاستخبارات الإسرائيلي إسرائيل كاتس قبل أيام فكرة الضغط على الإدارة الأميركية من أجل ضم الجولان نهائيا إلى الدولة العبرية. تقوم إسرائيل حاليا بعملية جس نبض لمعرفة إلى أي حدّ يمكن أن تذهب في استغلال الوضع الإقليمي من جهة ووجود دونالد ترامب في البيت الأبيض من جهة أخرى.

ما يمكن أن يشجّع إسرائيل على التفاؤل في هذا المجال أمران. أولّهما أن إدارة ترامب أقدمت على خطوة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل من دون الإشارة إلى ضرورة أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية الموعودة.

تلت خطوة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى المدينة المقدسّة. حصل ذلك من دون ضجّة تذكر، لا إقليميا ولا دوليا. أطلقت إيران تهديدات لتأكيد أنّها المتاجر الأوّل بالقضية الفلسطينية والفلسطينيين في حين قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ببعض الحركات ذات الطابع الفولكلوري بهدف المزايدة لا أكثر. عادت الأمور بعد ذلك إلى نصابها وعاد كلّ طرف إلى مواقعه وهمومه…

أمّا الأمر الآخر الذي يشجّع على طرح موضوع الجولان المحتل منذ 51 عاما بالتمام والكمال، فهو عدم الاهتمام السوري يوما باستعادة الهضبة المحتلة ذات الأهمّية الاستراتيجية. احتلت إسرائيل الجولان في ظروف أقلّ ما يمكن أن توصف به أنّها غامضة. حدث ذلك في حزيران – يونيو من العام 1967. وقتذاك، كان حافظ الأسد لا يزال وزيرا للدفاع وكان يهيّئ نفسه لحكم سوريا ابتداء من تشرين الثاني – نوفمبر 1970 حين أعلن عن قيام “الحركة التصحيحية”.

ماذا كانت “الحركة التصحيحة” عمليا؟ كانت خطوة على طريق طمأنة إسرائيل إلى أن الجولان سيظلّ محتلا. لم تكن لدى النظام السوري أيّ نيّة جدية في استعادة الجولان حتّى بعد حرب تشرين الأوّل – أكتوبر 1973.

لم تكن تلك الحرب حرب تحريك للمفاوضات مع إسرائيل بمقدار ما أنّها كانت حربا لتجميد لجبهة الجولان وصولا إلى يوم يعقد فيه بنيامين نتانياهو جلسة لمجلس الوزراء في الهضبة المحتلة.

أراد رئيس الوزراء الإسرائيلي بذلك تكريس أمر واقع استطاعت إسرائيل فرضه في وقت لم يكن الجولان يوما سوى أداة يؤكد من خلالها حافظ الأسد ثم نجله بشّار أن سوريا ليست مستعدة لأيّ مواجهة مع إسرائيل، بل هي في صدد المشاركة في كلّ الألعاب التي تهواها، بما في ذلك إبقاء جبهة جنوب لبنان مفتوحة.

بقيت الجبهة اللبنانية مفتوحة، بموافقة سورية، عندما كان السلاح في الجنوب فلسطينيا حتّى العام 1982. وبقيت على الوضع نفسه بعدما حلّ السلاح الإيراني، أي سلاح “حزب الله” مكان السلاح الفلسطيني.

كان كافيا أن يخلّ النظام السوري بالشروط المتفق عليها لاستمرار اللعبة في خلال حرب صيف العام 2006 حتّى يصبح مسموحا للجيش اللبناني بدخول الجنوب بعد صدور القرار الرقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

كان من شروط تلك اللعبة السورية – الإسرائيلية أن تتصرّف إسرائيل بالطريقة التي تراها مناسبة وفق قواعد اشتباك معيّنة وضعت في أواخر العام 1975 وأوائل العام 1976 عندما توصل هنري كيسينجر إلى تفاهم مع إسحاق رابين يسمح للجيش السوري بدخول الأراضي اللبنانية ووضع يده على المواقع التي يوجد فيها “مقاتلو منظمة التحرير الفلسطينية”.

تغيّر الوضع في جنوب لبنان بعد حرب العام 2006، لكنّ الوضع في الجولان بقي على حاله. كانت هناك مفاوضات سورية – إسرائيلية محورها الجولان. لكن الجانب السوري، الذي يهوى استمرار حال اللاحرب واللاسلم في المنطقة إلى ما لا نهاية، كان يهوى أيضا التفاوض من أجل التفاوض.

الدليل على ذلك أنّ مصر استعادت كلّ أراضيها المحتلة منذ العام 1967 عن طريق المفاوضات، فيما لم يتغيّر شيء في الجولان منذ اتفاق فك الارتباط الذي تم التوصل إليه في العام 1974 برعاية هنري كيسينجر أيضا.

لن تجد إسرائيل صعوبة في إعداد نفسها لتشريع احتلال جديد لأرض عربية، على غرار ما تفعله في القدس والضفّة الغربية حيث تتابع سياسة الاستيطان

ما الذي تغيّر حاليا كي تسعى إسرائيل إلى الحصول على اعتراف أميركي بأنّ الجولان جزء من أراضيها؟ ما تغيّر أن الجولان لم يعد يوفّر ضمانة إسرائيلية للنظام السوري ولا ضمانة من النظام السوري لإسرائيل.

هناك واقع جديد قائم في دمشق وفي الجنوب السوري. يتمثّل هذا الواقع في الوجود الإيراني الذي لم يعد يقتصر فقط على مناطق معيّنة في محيط دمشق. صار على إسرائيل التفاوض مع إيران الموجودة على حدود الجولان مباشرة وغير مباشرة.

هناك غير مصدر أوروبي وأميركي موثوق به يقول إن إسرائيل ليست في وارد التوصل إلى تفاهمات مع إيران لا في شأن وجودها العسكري في لبنان ولا في شأن وجودها العسكري في سوريا، خصوصا في محاذاة الجولان.

استطاع حافظ الأسد، منذ كان وزيرا للدفاع في 1967 استخدام الجولان للتفرد بالسلطة في خريف العام 1970. لعب الدور المطلوب منه أن يلعبه على الصعيد الإقليمي، بما في ذلك إيجاد توازن مع العراق الذي كان يحكمه البعث الآخر منذ 1968، خصوصا منذ تفرّد صدّام حسين بالسلطة صيف العام 1979. تغيّر كلّ شيء في عهد بشّار الأسد الذي لم يعد يفرّق بين مصلحة النظام السوري ومصلحة “حزب الله” ومن خلفه إيران.

بكلام أوضح، لم يعد كافيا بالنسبة إلى إسرائيل الحصول على ضمانات بالنسبة إلى الجولان من بشّار الأسد. إسرائيل تعرف قبل غيرها أن بشّار الأسد لم يعد سوى صورة وأنّه لا يستطيع الاستجابة كلّيا لما يطلبه منه الجانب الروسي، بل عليه أن يراعي الإيراني أيضا.

ما الذي ستفعله الإدارة الأميركية؟ هل تستجيب للضغط الذي تحدّث عنه الوزير الإسرائيلي؟ من الصعب التكهنّ بالموقف الأميركي من ضمّ إسرائيل الجولان نهائيا. لكن الثابت أنّ أمورا كثيرة ستتوقّف على التصرّفات الإيرانية. هل ستأخذ إيران المنطقة إلى انفجار جديد في ضوء إصرارها على البقاء، مباشرة أو عبر أدواتها، في الجنوب السوري والمناطق المحيطة بدمشق؟

في كلّ الأحوال، لن تجد إسرائيل صعوبة في إعداد نفسها لتشريع احتلال جديد لأرض عربية، على غرار ما تفعله في القدس والضفّة الغربية حيث تتابع سياسة الاستيطان. ما العمل عندما تكون الظروف الإقليمية والدولية مواتية لها وعندما يتبيّن أن النظام السوري فعل كلّ شيء منذ العام 1967 كي يبقى الجولان محتلا.

كان احتلال الجولان يخدم، بالنسبة إلى النظام السوري، أهدافا عدّة في الوقت ذاته. كان يغطي حملته المستمرّة على الشعب الفلسطيني. لعلّ ما حلّ بمخيم اليرموك في دمشق أخيرا أفضل دليل على نظرة هذا النظام للشعب الفلسطيني. كذلك كان الجولان يغطي طموحه الدائم لفرض سيطرته على لبنان.

الواضح الآن أن لعبة الجولان انتهت سوريا. ستستمر إيرانيا. معروف أن البداية الإيرانية لهذه اللعبة كانت مع اندلاع الثورة السورية في آذار – مارس 2011. كيف ستنتهي هذه اللعبة الإيرانية – الإسرائيلية من دون حرب إقليمية باتت في هذه الأيّام حاجة إيرانية أكثر من أيّ شيء آخر؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لعبة الجولان انتهت سوريا… وبدأت إيرانيا لعبة الجولان انتهت سوريا… وبدأت إيرانيا



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 20:21 2016 السبت ,16 تموز / يوليو

حقائق تقرير تشيلكوت ودلالاته..!!

GMT 02:52 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تجهيزات الفنادق لاستقبال موسم العطلات وعيد الميلاد المجيد

GMT 06:40 2018 الخميس ,03 أيار / مايو

طرق إختيار الزيت المناسب لنوع الشعر

GMT 02:44 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

أسباب اختيار المرأة الخليجية ماسك الذهب

GMT 05:48 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

جان كلود جونكر يرغب في بقاء بريطانيا داخل "اليورو"

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ننشر 10 تساؤلات بشأن تعويم الدرهم

GMT 13:09 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

العلمي يقرر اعفاء مدير مركز الاستقبال الرياضي بوركون

GMT 14:58 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

منتخب الكاميرون يصل إلى الدار البيضاء للمشاركة في "الشان"

GMT 22:43 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

الحرب الليبية تطيح بقطار الزواج والعنوسة باتت أزمة متفاقمة

GMT 04:20 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

رامافوسا يترأس حزب المؤتمر الوطني الجنوب أفريقي

GMT 17:45 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الوداد يربك حسابات المغرب التطواني ويبعثر أوراق فرتوت

GMT 08:40 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في جبل العياشي

GMT 06:20 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عون يُخلي مسؤولية لبنان في صراعات دول عربية
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya