النظام السوري يروّج لنفسه

النظام السوري يروّج لنفسه

المغرب اليوم -

النظام السوري يروّج لنفسه

بقلم - خير الله خير الله

لن يتغيّر شيء في سوريا ما دام هذا النظام قائما. السؤال الوحيد الذي له معنى كيف ستنتهي المواجهة الأميركية - الإيرانية؟ في ضوء ما ستنتهي إليه هذه المواجهة سيتحدد مصير سوريا والنظام.

النظام السوري مرتبط وجوده بوضع نفسه في حماية الإيراني والروسي
هناك كلام كثير في وسائل إعلام عربية ودولية عن إعادة الاعتبار إلى النظام السوري وعن قرب عودة العرب إلى التعاطي مع هذا النظام. من يروّج لمثل هذا الكلام هو النظام السوري نفسه الذي لا يريد مواجهة الواقع المتمثل في أنّه صار في مزبلة التاريخ، وأن وجوده في دمشق مرتبط، أولا وأخيرا، بوضع نفسه في حماية الإيراني والروسي في الوقت ذاته.

مرّة أخرى، لا بدّ من تصحيح خطأ شائع في أساسه أن في الإمكان الفصل بين النظام السوري وإيران. مثل هذا الفصل من باب المستحيل. العلاقة بين الجانبين عضوية ولا يمكن الرهان بأيّ شكل عن إمكان تقديم إغراءات إلى النظام السوري كي يبتعد عن إيران. مثل هذا الأمر ليس واردا اليوم، ولا يمكن أن يكون واردا غدا.

في الماضي القريب، اعتبرت جهات عربية عدة، صادقة مع نفسها، أنّ ثمة تقصيرا عربيا في حقّ النظام السوري وأنّ هذا التقصير كان وراء ارتماء النظام في حضن إيران. مثل هذه الجهات العربية لا تأخذ في الاعتبار تحوّل النظام السوري، شيئا فشيئا، إلى مجرد امتداد للنظام الإيراني وذلك منذ اليوم الذي سهّل فيه حافظ الأسد الأب دخول “الحرس الثوري” إلى منطقة البقاع اللبناني، إلى بعلبك تحديدا، واحتلاله إحدى ثكنات الجيش اللبناني. كان ذلك في العام 1982. كانت الحجة وقتذاك الاجتياح الإسرائيلي للبنان ورغبة إيران- الخميني في المشاركة في مواجهة هذا الاجتياح. كان سماح النظام السوري بدخول “الحرس الثوري” إلى لبنان امتدادا لدعم حافظ الأسد إيران في حربها مع العراق في العام 1980 بحجة أن صدّام حسين كان وراء اندلاع تلك الحرب.

ما لا مفرّ من الاعتراف به أن الأسد الأب حافظ على نوع من التوازن في علاقاته مع الدول العربية، خصوصا دول الخليج. وجدت دول الخليج فيه عنصر توازن مع صدّام حسين الذي تميزت شخصيته بالتهوّر وبمقدار كبير من الجهل في التوازنات الإقليمية والدولية. عرف حافظ الأسد كيف يستخدم شخصية البعثي الآخر الذي يحكم العراق في ابتزاز العرب.

استخدم حافظ الأسد عمليا علاقته بإيران وشخصية صدّام خير ابتزاز. لم يقطع العرب علاقتهم به في العام 1980 عندما وقف مع إيران ضدّ العراق لدى اندلاع الحرب بين البلدين. امتنع عن الذهاب بعيدا جدّا في التورط مع إيران. يدلّ على ذلك رفضه تزويد “الجمهورية الإسلامية” بصواريخ بعيدة المدى لقصف المدن العراقية في خلال حرب السنوات الثماني.

عوّض الأسد الأب الإيرانيين عن طريق التدخل لدى معمّر القذافي الذي أرسل صواريخ إلى إيران. سقط عدد لا بأس به من هذه الصواريخ الليبية المصدر على بغداد. كانت هناك علاقة قديمة وعميقة بين إيران و”جماهيرية” معمّر القذافي. وهذا ما يفسّر إلى حد كبير غياب أي اهتمام إيراني حقيقي في يوم من الأيّام في قضية تغييب الإمام موسى الصدر الذي خطفته السلطات الليبية مع رفيقيه صيف العام 1978. كان ذلك في مرحلة ما قبل سقوط الشاه وإعداد آية الله الخميني نفسه لتولي شؤون إيران ابتداء من شباط – فبراير من العام 1979.

أبقى حافظ الأسد العلاقة السورية – الإيرانية ضمن إطار محدّد. أراد أن تبقى له اليد الطولى في لبنان. كان هناك مسؤولون سوريون بينهم ضباط كبار مثل غازي كنعان يسعون إلى وضع حدّ للنفوذ الإيراني في لبنان. تظل حادثة ثكنة فتح الله الواقعة في منطقة البسطا في بيروت، حيث أعدم الجيش السوري اثنين وعشرين شابا من عناصر “حزب الله” في العام 1987، دليلا على رغبة النظام السوري في عدم إفلات لبنان كلّه منه في مرحلة كان يسعى فيها إلى استعادة هيمنته على البلد.

في عهد بشار الأسد الابن تغيّر الكثير. من لديه أدنى شكّ في ذلك يستطيع العودة إلى الإعجاب لدى الأسد الابن بحسن نصرالله الذي فُتحت له أبواب دمشق. لم يكن تفجير موكب رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط – فبراير 2005 سوى عملية مشتركة بين الإيرانيين ممثلين بـ”حزب الله” والأجهزة السورية حسب البيان الاتهامي للمحكمة الدولية التي تنظر في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق الذي سعى إلى إعادة لبنان إلى خريطة المنطقة والعالم عبر إعادة الحياة إلى بيروت.

من الضروري العودة إلى الماضي القريب بين حين وآخر من دون تجاهل الواقع. المقصود بالواقع هو وضع سوريا حاليا. تقع سوريا تحت خمس وصايات، روسية، إيرانية، أميركية، تركية، إسرائيلية. من يعتقد أن النظام السوري الموجود في بلد يعاني من خمس وصايات ستقوم له قيامة في يوم من الأيّام، فهو يعيش في عالم آخر.

 إذا كان هذا النظام يلعب دورا في الداخل اللبناني، فالفضل في ذلك يعود إلى “حزب الله”. يحاول الحزب أحيانا رفع معنويات بشار الأسد عن طريق إقناعه بأنّ اللبنانيين من يتامى عهد الوصاية السورية ما زالوا أحياء يُرزقون، وأن هناك من يوفّر لهم الحماية عندما يتمرّدون على الدولة اللبنانية ومؤسساتها ويشتمون سعد الحريري ووليد جنبلاط.

حاولت المملكة العربية السعودية في العام 2009 استيعاب بشّار الأسد. زار رئيس النظام السوري الرياض، كما زار الملك عبدالله بن عبدالعزيز دمشق. ذهب سعد الحريري إلى دمشق. وجاء بشّار الأسد إلى بيروت. حصل كلّ ذلك في إطار السعي إلى مصالحة لبنانية – سورية تقوم على ابتعاد النظام السوري عن إيران. تبيّن، بكلّ بساطة، أن البحث عن فكّ الارتباط بين النظام السوري و”الجمهورية الإسلامية” أقرب إلى بحث عن سراب.

جاءت الثورة السورية في آذار – مارس 2011 ودخول “الجمهورية الإسلامية” مباشرة على خط المشاركة في الحرب على الشعب السوري لتؤكد أن إيران تعتبر سوريا جرما يدور في فلكها. جاءت بعد ذلك المشاركة الروسية المباشرة في الحرب على الشعب السوري ابتداء من أيلول – سبتمبر 2015 لتعطي فكرة عن مدى التورط الإيراني في الحرب على الشعب السوري من جهة، والجهود المبذولة لتغيير طبيعة التركيبة السكانية في سوريا من جهة أخرى. ما لا يمكن تجاهله في أيّ وقت أن التدخل الروسي في سوريا كان بناء على طلب إيران وبالتنسيق المباشر معها في كلّ وقت.

لن يتغيّر شيء في سوريا ما دام هذا النظام قائما. كلّ ما تبقّى تفاصيل. يظل السؤال الوحيد الذي له معنى كيف ستنتهي المواجهة الأميركية – الإيرانية؟ في ضوء ما ستنتهي إليه هذه المواجهة سيتحدد مصير سوريا والنظام الذي لم يعد أكثر من نظام تابع. لا يشبه هذا النظام سوى الأنظمة التي كانت تحكم دول أوروبا الشرقية، مثل نظام تشاوشيسكو في رومانيا، والتي انتهت مع نهاية الاتحاد السوفياتي…

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النظام السوري يروّج لنفسه النظام السوري يروّج لنفسه



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:55 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الميزان

GMT 04:16 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زكي يوجه رسالة قوية إلى مسؤولي الدفاع الحسني الجديدي

GMT 14:34 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

"بريزنتيشن" تؤكد أن مُبررات "صلة" في شأن فسخ تعاقدها غير الصحة

GMT 08:32 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"الأساور العريضة" تصلح لمختلف مناسبات صيف 2018

GMT 11:37 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ياسمين جمال ترتدي فستان الزفاف للمرة الثانية بعد الطلاق

GMT 01:48 2016 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

علاج الشيب نهائياً وبألوان مختلفة

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 04:16 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يشهد نهضة غير مسبوقة في مجال التنقيب عن النفط

GMT 06:33 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على الفوائد المذهلة لثمرة الرمان على الصحة

GMT 17:22 2019 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

احصلى على أسنان ناصعة البياض فى المنزل

GMT 13:30 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

عربية السيدات تعتمد جوائز خاصة للفرق الرياضية

GMT 23:33 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

موعد الكشف عن "بوجاتي تشيرون سوبر سبورت" الجديدة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya