كذبة اسمها سلاح حماس

كذبة اسمها 'سلاح حماس'

المغرب اليوم -

كذبة اسمها سلاح حماس

بقلم : خيرالله خيرالله

حيث يحلّ السلاح غير الشرعي يحلّ الخراب. عندما تعلن “حماس” عبر أحد قيادييها أن سلاحها “خطّ أحمر”، فهي تعني بذلك أن كلّ ما تريده من المصالحة الفلسطينية هو دفع رواتب الموظفين العاملين لديها في غزّة وليس طيّ صفحة الماضي وتجاوز المرحلة السوداء التي مرّ بها الشعب الفلسطيني.

هناك صفحة من المفروض طيّها بكلّ ما فيها من سيئات ودماء بريئة أهدرتها “حماس” خدمة لمشروع لا أفق له، معروف من يقف خلفه، مثلما أنّه ثابت أن إسرائيل كانت المستفيد الوحيد منه.

من سوء حظ “حماس” أن السلطة الوطنية الفلسطينية التي يرأسها محمود عبّاس (أبو مازن) ليست مستعجلة على المصالحة، بل إن المصالحة ليست أولوية بالنسبة إليها. هذه السلطة التي تعاني بدورها من مشاكل كبيرة ليست على استعداد لأخذ غزّة وهمومها، التي لا تنتهي، على عاتقها.

على العكس من ذلك تبحث هذه السلطة عن همّ بالناقص خصوصا بعدما وجدت صيغة للتعايش مع الاحتلال الإسرائيلي تقوم على التنسيق الأمني الذي يؤمّن المصالح مشتركة لجانبين معروفة أهداف كلّ منهما.

لعلّ العامل الوحيد الذي يلعب دورا في خدمة المصالحة في المدى الطويل هو العامل المصري. فكلّما مرّ يوم، يتأكّد أن هناك حاجة إلى حماية الأمن المصري في سيناء. لا حاجة إلى التذكير بالجريمة الأخيرة التي ارتكبها إرهابيو “داعش” والتي ذهب ضحيتها ما يزيد على ثلاثمئة مواطن كانوا في مسجد الروضة في إحدى بلدات شمال سيناء.

يظلّ أمن سيناء مرتبطا إلى حد كبير بما يجري داخل غزّة التي ازدهر فيها الإرهاب في عهد “حماس” في ظلّ فوضى السلاح والاقتصاد القائم على التهريب عبر الدهاليز والأنفاق التي حفرت على طول الحدود بين القطاع والأراضي المصرية في سيناء.

ليس سرّا الدور الذي لعبته “حماس” في خدمة الإخوان المسلمين المصريين الذين أرادوا الاستيلاء على السلطة في مصر. ليس سرّا أيضا الدور الإيراني في تسليح “حماس” وفي دعم الإخوان المسلمين عبر شبكات لـ”حزب الله” كانت موجودة في مصر.

تظلّ “حماس” جزءا لا يتجزّأ من الإخوان المسلمين الذين يشكّلون حاضنة لكل التنظيمات المتطرّفة التي خرجت من تحت عباءتهم، بدءا بـ”القاعدة” وصولا إلى “داعش” وأخواته وإخوانه..

هناك واقع لا يمكن أن يستمرّ في قطاع غزّة الذي لعبت “حماس” دورا في استخدامه من أجل تعطيل المشروع الوطني الفلسطيني في ظلّ ممارسات تصبّ كلّها في تقديم الشعب الفلسطيني للعالم بصفة كونه شعبا لا يريد السلام. المؤسف أن المجتمع الدولي صدّق ذلك واقتنع بنظرية أرييل شارون القائمة على مقولة “لا وجود لشريك فلسطيني” يمكن التفاوض معه.

ليس أمام مصر سوى وضع حدّ لهذا الواقع الذي تسعى “حماس” إلى فرضه. البداية تكون بالانتهاء من فوضى السلاح، أي حصر السلاح بالسلطة الوطنية الفلسطينية والمؤسسات التابعة لها.

من يتحدّث عن سلاح “حماس” بصفة كونه “خطّا أحمر”، إنّما لا يريد للوضع الفوضوي في غزّة أن يصبح وضعا طبيعيا. من يظنّ أن سلاح “حماس” في غزّة هو سلاح “مقاومة” لا يريد الاعتراف بأنّ هذا السلاح لم يجلب سوى الخراب على الغزاويين خصوصا وعلى الفلسطينيين عموما. تماما مثل سلاح “حزب الله” في لبنان الذي لا هدف له سوى تحويل لبنان إلى بلد بائس وإلى ورقة في خدمة المشروع التوسّعي الإيراني.

من يستعرض كلّ ما قامت به “حماس” منذ قيامها يكتشف أن هدفها الوحيد كان خدمة إسرائيل والاحتلال. من يعمل على تغيير طبيعة المجتمع الفلسطيني عبر نشر ثقافة الإخوان المسلمين، بكلّ ما فيها من تخلّف، إنّما يخدم إسرائيل على طريقته.

ما خسارة إسرائيل عندما يكون مسلّح ملثّم من “حماس” أو “الجهاد الإسلامي” صورة الشعب الفلسطيني في العالم. من ينشر البؤس في غزّة ويبرّر الحصار الإسرائيلي لها، إنّما يجعل الشعب الفلسطيني مجرّد سلعة تتاجر بها هذه الجهة الإقليمية أو تلك.

من يتذكّر كيف أرادت تركيا المتاجرة بفكّ الحصار عن غزّة في العام 2010؟ من كان المستفيد من التحركات التركية غير المدروسة غير إسرائيل؟

لا حاجة بالطبع إلى تعداد النتائج الكارثية التي تسببت بها صواريخ “حماس” التي أطلقت من غزّة. هناك أحياء في القطاع لا تزال مدمّرة منذ حرب نهاية 2008 وبداية 2009. وقتذاك، كان في استطاعة إسرائيل القضاء على قيادة “حماس”، لكنّها أظهرت حرصا شديدا على هذه القيادة، كونها تعرف أنّها المستفيد الأوّل من كلّ صاروخ تطلقه “حماس” أو “الجهاد”.

هناك الآن قيادة جديدة لـ”حماس”، وإن لم تكن كلمة جديدة تعني عمليا حصول تغيير جذري في العقلية الإخوانية التي تهيمن على الحركة. يُفترض في هذه القيادة امتلاك الحدّ الأدنى من الوعي واستيعاب أن لا مصالحة فلسطينية حقيقية في ظلّ سلاح “حماس”.

من يتحدّث عن أن السلاح “خطّ أحمر” يوفّر مبرّرا للذين يبحثون عن طريقة لتفادي المصالحة والأعباء المترتبة عليها. وما أكثر هؤلاء في أوساط السلطة الوطنية!

الأهمّ من ذلك كلّه أن الأمن المصري في الميزان. أن يكون الوضع في غزّة طبيعيا، أي ألاّ يكون هناك سلاح آخر غير سلاح الشرطة الفلسطينية، حاجة فلسطينية ومصرية في آن.

بكلام أوضح، إن استمرار فوضى السلاح في غزّة يعني أن القطاع سيبقى يشكّل تهديدا للأمن المصري. وهذا أمر لا يمكن أن تسمح به مصر بأيّ شكل من الأشكال، خصوصا بعد الذي حصل أخيرا في مسجد الروضة في سيناء.

لم يأت سلاح “حماس” سوى بالويلات على الشعب الفلسطيني. في سنة 2017 لم تعد مصر قادرة على تحمّل الإرهاب والقواعد التي ينطلق منها الإرهابيون أو التي يحصلون منها على دعم. هذا ما يفترض في “حماس” أن تفهمه. ما كان مقبولا في الماضي لم يعد مقبولا الآن. ولعلّ أوّل ما هو غير مقبول أن تكون هناك أكثر من سلطة واحدة في غزّة. لا معنى لتولي حكومة رامي الحمدالله مهماتها ومسؤوليات القطاع من دون سيطرة كاملة على الأمن. فوق ذلك كلّه، هل لدى القيادة الجديدة لـ”حماس” الجرأة كي تسأل نفسها ما الذي جنته من السلاح؟

الأكيد أن وضع غزّة لم يتحسّن منذ الانسحاب الإسرائيلي في صيف العام 2005. مضت اثنتا عشرة سنة على خروج إسرائيل من غزّة وذلك بناء على حسابات خاصة بها. لم يستخدم سلاح “حماس” سوى لتبرير الحصار الإسرائيلي من جهة وقمع الفلسطينيين وتغيير نمط حياتهم من جهة أخرى.

هناك بكل بساطة كذبة كبيرة استمرّت أكثر مما يجب. كذبة من كلمتين اسمها “سلاح حماس”. تسبب هذا السلاح بما يكفي من المصائب والويلات للفلسطينيين. ليست مصر مجبرة على تحمّل وجود هذا السلاح والنتائج المترتّبة على هذا الوجود، لا لشيء سوى لأن للصبر المصري حدودا أيضا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كذبة اسمها سلاح حماس كذبة اسمها سلاح حماس



GMT 18:13 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

لا ثقة بحكومة حسّان دياب

GMT 15:45 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

أوراق إيران التي ذبلت

GMT 09:52 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

أكثر من أي وقت… نفتقد نسيب لحّود

GMT 09:43 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

سقوط آخر لبريطانيا

GMT 09:51 2020 الأحد ,02 شباط / فبراير

عندما يهرب لبنان إلى "صفقة القرن"

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:55 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الميزان

GMT 04:16 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زكي يوجه رسالة قوية إلى مسؤولي الدفاع الحسني الجديدي

GMT 14:34 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

"بريزنتيشن" تؤكد أن مُبررات "صلة" في شأن فسخ تعاقدها غير الصحة

GMT 08:32 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"الأساور العريضة" تصلح لمختلف مناسبات صيف 2018

GMT 11:37 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ياسمين جمال ترتدي فستان الزفاف للمرة الثانية بعد الطلاق

GMT 01:48 2016 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

علاج الشيب نهائياً وبألوان مختلفة

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 04:16 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يشهد نهضة غير مسبوقة في مجال التنقيب عن النفط

GMT 06:33 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على الفوائد المذهلة لثمرة الرمان على الصحة

GMT 17:22 2019 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

احصلى على أسنان ناصعة البياض فى المنزل

GMT 13:30 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

عربية السيدات تعتمد جوائز خاصة للفرق الرياضية

GMT 23:33 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

موعد الكشف عن "بوجاتي تشيرون سوبر سبورت" الجديدة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya