ما مفاجأة ترامب المقبلة…

ما مفاجأة ترامب المقبلة…

المغرب اليوم -

ما مفاجأة ترامب المقبلة…

بقلم - خير الله خير الله

ترامب لم يتوقف يوما عن مهاجمة سلفه وسياساته مع تركيز خاص على سوريا حيث ضحّى أوباما بالشعب السوري وثورته الحقيقية على العبودية والظلم كي لا يغضب إيران.ترامب لم يتوقف عن مفاجأة الأميركيين والعالم

بعد القرار المفاجئ، وغير المفاجئ في الوقت ذاته، للرئيس دونالد ترامب بإنهاء الوجود العسكري الأميركي في سوريا، كان يمكن الاعتقاد أنّ وراء الأكمّة ما وراءها وأن الإدارة الأميركية في صدد وضع إستراتيجية سورية واضحة كلّ الوضوح. إستراتيجية تندرج في سياق ما أعلنه ترامب عن مواجهة المشروع التوسّعي الإيراني في المنطقة بما يتجاوز مسألة الملف النووي.

لكنّ استقالة وزير الدفاع جيمس ماتيس جاءت لنسف هذا الاحتمال. أكدت هذه الاستقالة أن إدارة ترامب في حال ضياع يشبه إلى حدّ كبير الضياع الفرنسي والبريطاني.

في فرنسا، لم يعد الرئيس إيمانويل ماكرون يعرف كيف التعاطي مع الأزمة التي خلقها نزول ذوي “السترات الصفر” إلى الشارع، فيما رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في حال تخبط في كلّ الاتجاهات بعدما أوقعت بريطانيا نفسها في فخّ استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست).

لماذا كان قرار الانسحاب الأميركي العسكري من سوريا مفاجئا وغير مفاجئ في الوقت ذاته؟ يعود ذلك إلى أن الرئيس الأميركي ومسؤولين آخرين لمحوا إلى مثل هذا الانسحاب قبل أشهر عدّة. لكن العسكريين، على رأسهم الجنرال ماتيس وزير الدفاع أصرّوا على الوجود العسكري الأميركي في سوريا لسببين على الأقلّ.

الأوّل أن هذا الوجود قائم في منطقة حساسة هي شرق الفرات حيث الثروات السورية الحقيقية من مياه وأراض زراعية ونفط وغاز.

أمّا السبب الآخر، فهو مرتبط بالقدرة الأميركية، انطلاقا من القواعد المنتشرة شرق الفرات، على مراقبة الخط الذي يستخدمه الإيرانيون والذي يربط بين الأراضي العراقية والأراضي السورية.

فوق ذلك كلّه، هناك ارتباط بين الجيش الأميركي الموجود في سوريا وأكراد المنطقة الذين لعبوا دورا في مواجهة “داعش” وقدّموا تضحيات كثيرة. وهذا ما دفع “القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية” (قسد) إلى التحذير من خطورة النتائج التي ستترتب على الانسحاب الأميركي وإلى تأكيد أنّ “المعركة مع الإرهاب لم تنته بعد”. صدر بيان عن “قسد” يشدّد على أن “داعش” ما زال يشكل خطرا. أراد الأكراد السوريون الردّ بذلك على ادعاء ترامب بأن لا حاجة بعد الآن إلى وجود عسكري في سوريا بعد القضاء نهائيا على “داعش”.

هناك عالم جديد يريد ترامب خلقه. إنّه عالم لا علاقة له بأميركا ما بعد الحرب العالمية الثانية، عالم جديد تبلورت ملامحه مع وجود رؤساء يعانون من ضعف في البيت الأبيض

السؤال الآن من سيملأ الفراغ الذي سيخلّفه الانسحاب العسكري الأميركي. الثابت أن هناك نوعا من التفاهم التركي – الأميركي سبق تغريدة ترامب في شأن الانسحاب. على الرغم من ذلك، جاء قرار الرئيس الأميركي مفاجئا وعكس خلافات داخل الإدارة أدت إلى استقالة الجنرال ماتيس الذي يعرف سوريا والعراق جيّدا ويعرف ما الذي يعنيه انسحاب عسكري أميركي من شرق الفرات والنتائج التي ستلي ذلك.

مرّة أخرى يدفع الأكراد ثمن تحالفاتهم. مرّة أخرى تثبت الإدارة الأميركية أنّها مستعدة للتخلي عن الأكراد، أينما وجدوا، لأسباب مرتبطة بمصالح معيّنة مع هذه القوّة الإقليمية أو تلك. هذا ما حصل في أيلول – سبتمبر 2017 بعد الاستفتاء الذي أجري في كردستان العراق.

هل تملأ تركيا الفراغ العسكري الأميركي في سوريا؟ من الملفت أنّ القرار الذي اتخذه ترامب ترافق مع كلام تركي عن عملية عسكرية في الداخل السوري تستهدف المنطقة الكردية التي تحت سيطرة “قسد” والأميركيين.

ما الذي تغيّر فجأة وجعل الأكراد يتحوّلون مرّة أخرى ضحية لمصالح قوى أكبر منهم؟ هل كان كافيا التوصل إلى صفقة صواريخ “باتريوت” بين تركيا والولايات المتحدة كي يصبح دونالد ترامب شخصا آخر؟

كان وزير الدفاع الأميركي في غاية الصراحة عندما قال في بيان استقالته الموجه إلى الرئيس الأميركي إنّه لم يعد يستطيع التفاهم معه في شأن السياسات الواجب اتباعها. لذلك، طلب من ترامب البحث عن وزير آخر للدفاع.

كانت الشكوى الأساسية التي وردت في استقالة ماتيس من أنّه لم يعد في استطاعة حلفاء الولايات المتحدة الاتكال عليها. قال ماتيس عن هذا الموضوع “كان لدي في كلّ وقت إيمان بأن قوتنا كأمّة مرتبطة بشكل غير قابل للفصل بقوة تحالفاتنا وشراكاتنا ذات الطابع الشامل” مع قوى أخرى. هذه القوى هي الحلفاء العرب في المنطقة وحلف الأطلسي والغرب عموما. لم ينس وزير الدفاع المستقيل التركيز على الصين وروسيا ومحاولتهما فرض نظام عالمي يتفق مع طموحات هاتين القوتين.

هناك عالم جديد يريد ترامب خلقه. إنّه عالم لا علاقة له بأميركا ما بعد الحرب العالمية الثانية، عالم جديد تبلورت ملامحه مع وجود رؤساء يعانون من ضعف في البيت الأبيض. رؤساء من نوع جيمي كارتر أو باراك أوباما.

المفارقة أن ترامب لم يتوقف يوما عن مهاجمة سلفه وسياساته مع تركيز خاص على سوريا حيث ضحّى أوباما بالشعب السوري وثورته الحقيقية على العبودية والظلم كي لا يغضب إيران. فعل ذلك متجاهلا في الوقت ذاته كلّ الخطوط الحمر التي رسمها لبشّار الأسد، بما في ذلك استخدام السلاح الكيميائي في حربه على الشعب السوري صيف العام 2013. كان كلّ ما أراده أوباما وقتذاك يتمثل في بقاء إيران في المفاوضات الدائرة مع مجموعة الخمسة زائدا واحدا في شأن ملفّها النووي. كان هذا الملفّ يختزل، بالنسبة إلى الرئيس الأميركي السابق، كل أزمات الشرق الأوسط دفعة واحدة.

تبقى نقطتان مهمتان. الأولى، من إلى جانب تركيا سيملأ الفراغ الذي سيخلفه الانسحاب الأميركي من سوريا؟ ماذا ستفعل إيران، ماذا ستفعل روسيا، ماذا ستفعل إسرائيل؟ الأهم من ذلك كلّه، هل يعود “داعش” إلى الواجهة، خصوصا أن هناك مؤشرات إلى أن القضاء على هذا التنظيم الإرهابي لم يحصل بشكل نهائي وأنّه ما زال حيّا يرزق في غير منطقة في سوريا والعراق. ليس بعيدا اليوم الذي سيطل “داعش” برأسه مجددا.

أمّا النقطة الثانية المهمّة، فهي مرتبطة بمصير سياسة إدارة ترامب الهادفة إلى محاصرة إيران. إذا كان من إنجاز حققته هذه الإدارة فهو وصفها للنظام الإيراني وتصرّفاته بطريقة دقيقة وذلك منذ قيام “الجمهورية الإسلامية” التي أسسها آية الله الخميني في العام 1979.

الأكيد أن ليس بالانسحاب من سوريا، يمكن مواجهة إيران وعزلها. هذا ليس ممكنا من دون مقاربة شاملة تشمل كل البلدان والمناطق التي تتدخل فيها إيران مباشرة أو عبر أدواتها من ميليشيات مذهبية وضعت نفسها في خدمة مشروع توسّعي في أساسه إثارة الغرائز المذهبية.

أكثر ما فاجأ في قرار ترامب الانسحاب من سوريا هو توقيته. يبدو الرئيس الأميركي مصرّا على نهج يقوم على فكرة أميركا أوّلا والتخلي عن الحلفاء بما في ذلك أعضاء حلف شمال الأطلسي.

لم يتوقف الرئيس الأميركي عن مفاجأة الأميركيين والعالم. ما الذي ستكون عليه مفاجأته المقبلة بعدما تجاهل نصيحة العسكريين المحترفين وقرّر الانسحاب من سوريا ومن شرق الفرات تحديدا بكل ما يمثّله، خصوصا على الصعيد الإستراتيجي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما مفاجأة ترامب المقبلة… ما مفاجأة ترامب المقبلة…



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 01:49 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

تألق عمرو دياب في حفلة الكريسماس داخل أحد الفنادق النيلية

GMT 23:53 2016 الأحد ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

اللاعب جلال الداودي يلتحق بصدارة هدافي الدوري المغربي

GMT 07:42 2013 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

5 غُرف مستوحاة من عالم "ديزني" تُرضي كل الأذواق

GMT 03:45 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

جيجي حديد تظهر جمالها الجذاب في عرض للماسكرا

GMT 11:15 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مهمة وعمليّة لتوزيع صور الأسرة على الحائط بشكل مثالي

GMT 00:37 2016 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

"كورشوفيل" أفضل منتج للتزلَج على مستوى العالم

GMT 17:34 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

توزيع سجائر مجهولة المصدر بطريقة مريبة في الدار البيضاء

GMT 11:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج الدلو

GMT 21:58 2020 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

ماء يخرج من جرح لاعب بعد تعرضه لإصابة نادرة

GMT 07:20 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

شجار عنيف داخل بنك لبناني في مدينة طرابلس

GMT 09:43 2019 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تطورات قضية "فرح الأندلسي" صافعة جمركي باب سبتة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya