ثلاث سنوات على عاصفة الحزم

ثلاث سنوات على "عاصفة الحزم"

المغرب اليوم -

ثلاث سنوات على عاصفة الحزم

بقلم - خيرالله خيرالله

ما يمكن أن يخدم "عاصفة الحزم" ليس غياب أي مشروع سياسي أو اقتصادي أو حضاري قابل للحياة لدى الحوثيين فحسب، بل امتلاك التحالف العربي لاستراتيجية واضحة على الصعيد الإقليمي.

تقليص حجم المشروع الإيراني الخاص باليمن
تمرّ بعد أيّام الذكرى الثالثة لـ”عاصفة الحزم” وهي حملة عسكرية شنها التحالف العربي، على رأسه المملكة العربية السعودية من أجل منع سيطرة إيران على اليمن. حققت “عاصفة الحزم” قسما لا بأس به من أهدافها. حقّقت أول ما حقّقت احتواء إيران في اليمن.

 نجحت في ذلك على الرغم من صعوبة الأرض اليمنية واستخدام الحوثيين (أنصار الله) المواقع المدنية دروعا بشرية. أثبتت “عاصفة الحزم” أن إيران ليست وحدها التي تستطيع اعتماد سياسة النفس الطويل، بل إن هناك جهات عربية تعتمد هذه السياسة وتنظر إلى اليمن من زاوية واسعة مرتبطة بالأمن الخليجي ككل.

كشفت “عاصفة الحزم”، التي انطلقت بعد شهرين من بدء عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، أنّ هناك وعيا أكبر وأكثر شمولا لأخطار المشروع التوسّعي الإيراني في المنطقة.

كذلك كشفت أنّه لا تزال هناك قدرة عربية على الردّ على إيران. كانت السيطرة على اليمن جزءا من هذا المشروع الإيراني الذي لا يمكن أن يواجه بردود فعل آنية تحت تأثير الانفعال، بمقدار ما أن المطلوب استراتيجية عربية بعيدة المدى. تأخذ هذه الاستراتيجية في الاعتبار نشاط إيران وميليشياتها في المشرق العربي في موازاة الهجمة التي ترعاها في اليمن.

بكلام أوضح، لم تكن “عاصفة الحزم” فعلا معزولا عن المواجهة الدائرة مع إيران منذ العام 1979 عندما أطلق الخميني شعار “تصدير الثورة”، وذلك في غياب القدرة على تنفيذ مضمون الشعارات التي أسقط بفضلها شاه إيران في الشهر الثاني من تلك السنة.

كانت أفضل طريقة لتغطية العجز عن تلبية مطالب الذين نزلوا إلى الشارع تعبيرا عن رفضهم لنظام الشاه الهرب المستمر إلى خارج إيران في اتجاه العراق أولا، ودول الخليج العربي ثانيا، ولبنان ثالثا.

 لعلّ أفضل مثل على مدى العداء الإيراني للسعودية أن ما قام به جهيمان العتيبي ومجموعته المسلحة التي احتلت الحرم المكي في خريف العام 1979 ترافق مع اضطرابات شجعت عليها إيران، من منطلق مذهبي، في المنطقة الشرقية من المملكة. كان هناك دائما إصرار إيراني على الاستثمار في كلّ أنواع التطرّف، سواء أكان هذا التطرّف سنّيا أو شيعيا، لا فارق.

المهمّ ضرب الاستقرار في أي دولة مستهدفة وصولا إلى ذلك اليوم الذي بات فيه المسؤولون الإيرانيون يتحدثون صراحة عن أربع عواصم عربية، هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، تدار من طهران. كانت المنامة، بالطبع، مستهدفة في كل وقت وكان طموح المسؤولين الإيرانيين ضمّها إلى مجموعة العواصم التي تدار من طهران.

لم يصدر هذا الكلام إلا في الأيام التي تلت وضع الحوثيين أيديهم على صنعاء في الواحد والعشرين من أيلول – سبتمبر 2014. لم يكن ذلك اليوم المشؤوم، الذي مكّن الحوثيين من التحدّث عن شرعية جديدة في اليمن هي “الشرعية الثورية”، حدثا عابرا.

كان منطلقا للتمدّد الحوثي في اتجاه الوسط والجنوب، وصولا إلى عدن وميناء المخا الذي يمكن منه إغلاق باب المندب، أحد أهمّ الممرات المائية في العالم، نظرا إلى أنّه ممرّ إجباري لكل سفينة متجهة إلى قناة السويس. كان الهدف الإيراني واضحا. يتمثل هذا الهدف في أن إيران تلعب دور القوّة الإقليمية المهيمنة على صعيد التحكم بممرين مهمين للملاحة الدولية، أي مضيق هرمز وباب المندب.

في مرحلة ما بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء، وقع حدثان في غاية الأهمية. كان الحدث الأوّل توجه وفد حوثي إلى العاصمة الإيرانية وتوقيعه اتفاقا باسم الحكومة اليمنية في شأن رحلات أسبوعية بين مطاري طهران وصنعاء.

 صار هناك جسر جوّي بين المدينتين. أما الحدث الآخر، فكان المناورة العسكرية التي أجراها الحوثيون في منطقة قريبة من الحدود السعودية. كان للمناورة طابع استفزازي. كانت رسالة فحواها أنّه صارت لإيران حدود مع المملكة.

كانت “عاصفة الحزم” ضرورة. أخرجت الحوثيين من عدن ومن المخا، وهناك الآن ضغط عسكري مستمرّ على صنعاء في ظلّ جمود يسود الجبهات في تعز.

استطاعت “عاصفة الحزم” تقليص حجم المشروع الإيراني الخاص باليمن. كانت بمثابة حرب دفاعية ودليل على امتلاك التحالف العربي نفسا طويلا.

من بين ما كشفته “عاصفة الحزم” النيات الحقيقية للحوثيين الذين تخلّصوا من علي عبدالله صالح في الرابع من كانون الأوّل – ديسمبر 2017 لإظهار أنهم يرفضون أي رأي آخر وأي شريك، من أيّ نوع، في السلطة في المناطق التي يسيطرون عليها.

يظلّ الأهم من ذلك كلّه أن التعاطي مع الموضوع اليمني يندرج في سياق يتجاوز اليمن إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير. إذا كان سقوط بغداد في العام 2003، بفضل الجيش الأميركي، أعطى دفعة قويّة للمشروع الإيراني في منطقة المشرق العربي وحتّى في منطقة الخليج، فإنّ سقوط صنعاء أعطى بعدا آخر لهذا المشروع التوسّعي ودفعة من نوع مختلف له. هذا البعد مرتبط بتطويق شبه الجزيرة العربية إيرانيا بطريقة أفضل من جهة، والانتقال إلى تكريس الوجود الإيراني في منطقة القرن الأفريقي من جهة أخرى. لا بدّ من الإشارة هنا إلى أن إيران حاولت في الماضي أن تكون موجودة في إريتريا وحتّى في السودان، أي في دولتين مطلتين على البحر الأحمر. حاولت أن تكون في مصر أيّام كان يحكمها الإخوان المسلمون في عهد محمّد مرسي.

بعد أقلّ من ثلاث سنوات على انطلاق “عاصفة الحزم” في الأسبوع الأخير من آذار – مارس 2015، يتبيّن أن مقاومة المشروع التوسّعي الإيراني تندرج في سياق بعيد كلّ البعد عن العشوائية.

وهذا يتطلب في طبيعة الحال إعادة تشكيل “الشرعية” بما يتلاءم مع التطورات التي جرت على الأرض. هذا يعني أيضا إعادة النظر بطريقة التعامل مع المناطق الخارجة عن سيطرة الحوثيين، خصوصا أن الحرب الدائرة في اليمن يمكن أن تستمرّ طويلا. كيف يمكن إعادة الحياة إلى مدينة مثل عدن؟ مثل هذا السؤال في غاية الأهمّية في حال كان مطلوبا إقناع اليمنيين بأنّ التحالف العربي لن يستكين قبل تحقيق أهدافه التي تشمل تحرير صنعاء وإعادتها إلى أهلها في يوم من الأيام.

ما يمكن أن يخدم “عاصفة الحزم” ليس غياب أي مشروع سياسي أو اقتصادي أو حضاري قابل للحياة لدى الحوثيين فحسب، بل امتلاك التحالف العربي لاستراتيجية واضحة على الصعيد الإقليمي.

عبرت عن هذه الاستراتيجية الزيارة الأخيرة التي قام بها لمصر ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان. أمن البحر الأحمر كان جزءا لا يتجزّأ من هذه الزيارة. ما يمكن أن يساعد أيضا أن إيران ليست قوّة عظمى ولا يمكن أن تلعب دور القوة الإقليمية المهيمنة، لا لشيء سوى لأن اقتصادها لا يسمح لها بذلك. لعلّ تجربة الاتحاد السوفياتي، الذي سيطر على اليمن الجنوبي في مرحلة من المراحل وعلى إثيوبيا أيضا، تعطي فكرة عن المصير المحتوم لمشاريع شبيهة بالمشروع التوسّعي الإيراني.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثلاث سنوات على عاصفة الحزم ثلاث سنوات على عاصفة الحزم



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:55 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الميزان

GMT 04:16 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زكي يوجه رسالة قوية إلى مسؤولي الدفاع الحسني الجديدي

GMT 14:34 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

"بريزنتيشن" تؤكد أن مُبررات "صلة" في شأن فسخ تعاقدها غير الصحة

GMT 08:32 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"الأساور العريضة" تصلح لمختلف مناسبات صيف 2018

GMT 11:37 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ياسمين جمال ترتدي فستان الزفاف للمرة الثانية بعد الطلاق

GMT 01:48 2016 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

علاج الشيب نهائياً وبألوان مختلفة

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 04:16 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يشهد نهضة غير مسبوقة في مجال التنقيب عن النفط

GMT 06:33 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على الفوائد المذهلة لثمرة الرمان على الصحة

GMT 17:22 2019 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

احصلى على أسنان ناصعة البياض فى المنزل

GMT 13:30 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

عربية السيدات تعتمد جوائز خاصة للفرق الرياضية

GMT 23:33 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

موعد الكشف عن "بوجاتي تشيرون سوبر سبورت" الجديدة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya