النظام السوري وإيران شيء واحد

النظام السوري وإيران شيء واحد

المغرب اليوم -

النظام السوري وإيران شيء واحد

بقلم : خيرالله خيرالله

ثمة بديهيات يفترض ألا تغيب عن أي عربي، أكان في موقع المسؤولية أم لا. من يعتقد أنّ إيران و”حزب الله” شيء، والنظام السوري بكلّ رموزه شيء آخر، إنّما يعيش في عالم آخر… حتّى لا نقول شيئا آخر مرتبطا بكلمة السذاجة.

لعلّ آخر دليل على ذلك إعلان إيران إطلاق صواريخ بعيدة المدى في اتجاه منطقة شرق الفرات السورية وذلك في سياق “الحرب على الإرهاب”. المضحك- المبكي في الموضوع أنّ إيران تلجأ إلى الأسلوب والمنطق نفسيهما المعتمدين من النظام السوري في تبرير حربه على شعبه. بررت إيران إطلاق الصواريخ التي يبدو أنّها حطت قرب مدينة دير الزور، أو داخل إيران نفسها أو في العراق، بأنها تردّ على عملية الأحواز يوم الثاني والعشرين من أيلول – سبتمبر الماضي. يومذاك، هاجم مسلحون العرض العسكري الذي كان يقيمه “الحرس الثوري” في الذكرى الثامنة والثلاثين لاندلاع الحرب العراقية في العام 1980.

مثله مثل النظام السوري، لا يبحث النظام الإيراني عن السبب الحقيقي الذي يجعل “الحرس الثوري”، الذي سقط منه قتلى في الهجوم على العرض العسكري، يتعرّض لمثل هذا الحادث. هناك نظام في حال هروب مستمرّة إلى أمام تفاديا للتعاطي مع الواقع. يقول الواقع إنّ الأحواز منطقة غنية بالنفط فيها أكثرية عربية، وأن النظام القائم في إيران زاد من قمعه للأحوازيين في السنوات الأخيرة. لجأ إلى القمع من منطلق عنصري، قبل أيّ شيء آخر، متجاهلا أن إمارة الأحواز كانت مستقلّة قبل العام 1925 وأن معظم أهلها عرب أقحاح من جهة أخرى.

مثله مثل النظام السوري، يدّعي النظام الإيراني أنه في حرب على “داعش”.. لو كان ذلك صحيحا، لما كانت إيران والنظام السوري لعبا دورا في قيام “داعش” الذي معظم قادته من خرّيجي السجون السورية. لم تكن من مهمّة لـ”داعش”، في يوم من الأيّام، سوى تبرير الحرب التي تشنها إيران على العراقيين، عبر ميليشياتها المنتشرة في داخل العراق، والحرب الأخرى على التي يتولى أمرها النظام السوري والتي تستهدف السوريين. لو لم يكن الأمر كذلك، لماذا لم يدافع النظام عن الدروز السوريين لدى تعرّض السويداء والقرى القريبة منها لإرهاب “داعش” أخيرا؟

بالعودة إلى الموضوع الأساسي، أي العلاقة بين النظام السوري وإيران، لا وجود لأي تمييز بينهما. الفارق الوحيد هو أنّ النظام السوري الذي كان وصيا على لبنان قبل العام 2005، تخلّى عن هذه الوصاية لإيران التي باتت تسرح وتمرح في لبنان، بعدما استطاعت ملء الفراغ الذي نتج عن انسحاب الجيش السوري والأجهزة التابعة له. حدث ذلك إثر ردّ اللبنانيين على اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في الرابع عشر من شباط – فبراير 2005. بعد شهر تماما، نزل الشعب اللبناني إلى الشارع وأجبر الجيش السوري التابع للنظام على الانسحاب. كان ذلك في الرابع عشر من آذار – مارس من تلك السنة. سارع “حزب الله” إلى الحلول مكان الوصاية السورية باسم إيران. كانت خطوته الأولى في هذا المجال دخول حكومة نجيب ميقاتي التي تشكلت مباشرة بعد اغتيال رفيق الحريري واضطرار عمر كرامي إلى الاستقالة مع أفراد حكومته. تبين منذ تلك الأيّام أنّ “حزب الله” يحل مكان السوري في لبنان وهو يقضم البلد شيئا فشيئا بعدما نجح كلّيا في تغيير طبيعة المجتمع الشيعي، تمهيدا لتغيير طبيعة لبنان كله بكل طوائفه ومذاهبه ومناطقه.

منذ خلف بشّار الأسد والده في العام 2000، جرت المحاولة العربية بعد الأخرى لإبعاده عن إيران. قليلون فهموا منذ البداية أن ذلك مستحيل. لولا الدعم العربي، والسعودي تحديدا، في السنة 2000، لكانت انهارت الليرة السورية. تبيّن مع الوقت أنّه يوجد بالفعل فارق كبير بين حافظ الأسد وبشّار الأسد. فالأسد الأب عرف كيف يستفيد من إيران وكيف تستفيد إيران منه. كان يستخدم إيران في ابتزاز العرب الآخرين، لكنّ أهميته كانت تكمن في أنّه وضع لها حدودا معيّنة لجهة التعاطي في الشأن السوري الداخلي، مثلما وضع حدودا لكيفية التعاطي مع “حزب الله”. كلّ هذه الحدود زالت مع توريث بشّار الأسد رئاسة الجمهورية في سوريا. هناك إعجاب ليس بعده إعجاب لدى الأسد الابن بـ”حزب الله” الذي لم يتردّد في إنقاذ نظامه مباشرة بعد اندلاع الثورة الشعبية على هذا النظام الأقلوي في آذار – مارس من العام 2011.

استطاع حافظ الأسد اللعب على الورقتين العربية والإيرانية على الرغم من دوره الكبير في دعم إيران في حربها مع العراق بين العامين 1980 و1988. أقنع معمّر القذافي وقتذاك بتزويد إيران صواريخ لقصف المدن العراقية، رافضا أن تأتي الصواريخ التي ستستخدم لقصف بغداد والبصرة من مخازن سورية. كذلك، لعب الأسد الأب دورا في دخول الدفعة الأولى من “الحرس الثوري” الإيراني إلى لبنان، وإلى منطقة بعلبك تحديدا، صيف العام 1982. إضافة إلى ذلك كلّه، لعب النظام السوري في تلك المرحلة دورا كبيرا في إنهاء الوجود العراقي في لبنان، لكنّه ميز نفسه في كلّ وقت عن الإيرانيين. وعندما تجاوز “حزب الله” حدودا معينة عام 1987 أدبته القوات الخاصة السورية على طريقتها، بارتكاب مجزرة ثكنة فتح الله التي كانت مركزا عسكريا لـ”حزب الله” في حي البسطا البيروتي، السنّي أصلا.

لم يعد هذا التمييز أو التمايز عن إيران موجودا لدى النظام السوري في لبنان منذ العام 2000. تكفي قراءة معمّقة في مطالعة الادعاء في جريمة اغتيال رفيق الحريري ورفاقه للتأكد من أنّ الاغتيال كان عملية مشتركة بين النظام السوري وإيران لا أكثر ولا أقل، وأن المنفّذين معروفون، كذلك المحرّضون.

ليس لبنان حاليا سوى “ساحة” تستخدمها إيران لتصفية حسابات مع هذه الدولة العربية أو تلك. في الماضي، استُخدم لبنان في خطف الأجانب للضغط على إيران وفرنسا وبريطانيا خصوصا إبان الحرب العراقية – الإيرانية. كان حافظ الأسد يلعب دور الوسيط في عملية الإفراج عن الأجانب المخطوفين الذين كان يُفرج عليهم في دمشق، وذلك كي يظهر في مظهر اللاعب الإقليمي العاقل العامل على تهدئة الأوضاع في لبنان…

في عهد الأسد الابن لم يعد هناك من يسعى إلى حفظ المظاهر. هناك لعبة واحدة وسؤال واحد. اللعبة هي لعبة تتحكّم بها إيران في سوريا ولبنان. السؤال الوحيد هو هل يمكن للدور الروسي أن يساهم في التفريق بين إيران و”حزب الله” والنظام السوري؟ تصعب الإجابة عن هذا السؤال بكل ما فيه من تعقيدات. ما يبدو أسهل من ذلك بكثير هو العودة إلى الماضي القريب. تقول تجارب هذا الماضي القريب إنّ العلاقة بين النظام السوري وكلّ من إيران و”حزب الله” أعمق بكثير مما يعتقد. يكفي أنّ الوجود الإيراني في سوريا مرتبط إلى حدّ كبير بشخص بشّار الأسد ولا أحد آخر غيره للتأكّد من ذلك…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النظام السوري وإيران شيء واحد النظام السوري وإيران شيء واحد



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:55 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الميزان

GMT 04:16 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زكي يوجه رسالة قوية إلى مسؤولي الدفاع الحسني الجديدي

GMT 14:34 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

"بريزنتيشن" تؤكد أن مُبررات "صلة" في شأن فسخ تعاقدها غير الصحة

GMT 08:32 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"الأساور العريضة" تصلح لمختلف مناسبات صيف 2018

GMT 11:37 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ياسمين جمال ترتدي فستان الزفاف للمرة الثانية بعد الطلاق

GMT 01:48 2016 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

علاج الشيب نهائياً وبألوان مختلفة

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 04:16 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يشهد نهضة غير مسبوقة في مجال التنقيب عن النفط

GMT 06:33 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على الفوائد المذهلة لثمرة الرمان على الصحة

GMT 17:22 2019 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

احصلى على أسنان ناصعة البياض فى المنزل

GMT 13:30 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

عربية السيدات تعتمد جوائز خاصة للفرق الرياضية

GMT 23:33 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

موعد الكشف عن "بوجاتي تشيرون سوبر سبورت" الجديدة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya