بداية جديدة للحرب السورية والجولان المنسي

بداية جديدة للحرب السورية.. والجولان المنسي

المغرب اليوم -

بداية جديدة للحرب السورية والجولان المنسي

بقلم - خيرالله خيرالله

مع دخول الحرب السورية مرحلة جديدة، ليس مستقبل الجولان الوحيد الغائب عن تلك الحرب. هناك غائب أكبر هو الشعب السوري الذي ثار على نظام أراد استعباده.

هل انتهت الحرب السورية؟ هناك من يقول ذلك بلغة الجزم، في حين أن الذين يعرفون بما يدور في سوريا يؤكّدون أن الحرب بدأت هذه الأيام، أو على الأصحّ دخلت مرحلة جديدة. الثابت أن الولايات المتحدة ليست مقتنعة بعد بانتهاء الحرب. الدليل على عدم وجود قناعة أميركية بانتهاء الحرب إصرار الإدارة الترامبية لدى “البنك الدولي” على عدم القيام بأي خطوة تصبّ في عملية إعادة إعمار سوريا.

ما دامت أميركا ليست مقتنعة بأنّ الحرب السورية انتهت، معنى ذلك أنّ كلّ شيء على حاله وأنّ هناك بداية جديدة للحرب، بغض النظر عن كون روسيا بدأت تعد نفسها لعملية إعادة الإعمار وهي في صدد استقبال وفد من رجال الأعمال القريبين من النظام. أمّا الصين فباشرت باتخاذ كلّ الإجراءات المطلوبة لتكون جاهزة على الأرض في حال حصول تطوّر على هذا الصعيد. ثمّة معلومات تفيد أن الصين مهتمّة بإعادة تأهيل ميناء طرابلس في شمال لبنان كي يكون في تصرفها، وكي يشكل قاعدة انطلاق لها متى وجدت أن هناك جدية في ما يتعلّق بإعادة بناء سوريا.

تشير آخر الأرقام إلى حاجة سوريا إلى ما يزيد على ثلاثمئة مليار دولار، في أقلّ تقدير، من أجل إعادة بناء ما تهدّم وتأهيل البنية التحتية مجددا. لم يعد سرّا أن النظام السوري مستعد لتدمير كلّ حجر في البلد قبل أن يقتنع بأنه مرفوض من شعبه، وأنّ لا شرعية له من أي نوع كان. وهذا سبب أكثر من كاف لاستمرار الحرب التي أدت إلى الآن إلى وضع مناطق سورية مختلفة تحت نفوذ خمس قوى أجنبية على الأقل. تتوزّع هذه القوى على المناطق الخمس في وقت لا يزال بشّار قادرا على القول إنه لا يزال واليا على دمشق. الأكيد أنّه لم يعد واليا على بلاد الشام كما كان يطمح.

مضى نصف قرن على احتلال إسرائيل للجولان عندما كان حافظ الأسد لا يزال وزيرا للدفاع. يعتبر مرور نصف قرن أكثر من ثمن كاف قبضه النظام ثمنا لتسليمه الجولان. سُلّم الجولان في ظروف ما زالت في حاجة إلى تشكيل لجنة تحقيق لكشف تفاصيل تلك الجريمة في سياق أحداث حرب 1967. هل تجدّد إسرائيل رخصة البقاء التي أعطتها للنظام السوري الذي تأسس عمليا في الثالث والعشرين من شباط – فبراير 1966 لدى حصول انقلاب قاده الضباط العلويون أبرزهم محمّد عمران وصلاح جديد وحافظ الأسد الذي امتلك دهاء لا يقارن بذلك الذي كان لدى عمران وجديد.

هناك مهمة لم تنجز بعد مطلوبة من النظام السوري. مطلوب بقاء الأسد الابن في دمشق كي يُجهز على سوريا. هذا ما يفسّر هذا التقاسم للنفوذ في مناطق معيّنة بغطاء أميركي – روسي. هل صدفة اقتصار مثل هذا التفاهم بين واشنطن وموسكو على سوريا وحدها؟ لا يعود الأمر مستغربا متى تبيّن أن ما يجمع بين الأميركي والروسي في سوريا هو إسرائيل وضمان أمنها وتكريس احتلالها للجولان. فبعد مضي نصف قرن على الاحتلال، لم يعد مطروحا عودة الجولان إلى أهله.

لم يكن حافظ الأسد مهتمّا في أيّ يوم باستعادة الجولان. لو كان مهتما، لكان قبل عقد صفقة مع اسحق رابين في العام 1995 أو مع إيهود باراك في العامين 1999 و2000. كان همّه محصورا في كلّ وقت في كيفية المتاجرة بورقة اسمها الجولان وتحويل هذه الورقة ضمانة لنظامه…

السؤال الآن، لماذا الحرب مستمرّة في سوريا؟ الجواب أنّ ذلك يعود إلى سبب في غاية البساطة مردّه أنّ هناك قوى داخلية ستتصارع داخل كلّ منطقة نفوذ تابعة لهذه القوّة الإقليمية أو الدولية أو تلك. معظم هذه القوى التي ستتصارع في ما بينها ستكون ميليشيات ارتبطت بطريقة أو بأخرى بالنظام… أو أنّها ميليشيات تنفّذ أجندة خاصة بها كما حال الأكراد في الشمال السوري.

دخلت الحرب السورية مرحلة جديدة لا شيء واضحا فيها، باستثناء أن الأميركيين وضعوا يدهم على معظم الثروات السورية، من زراعة ونفط وغاز ومياه، فيما الروس يسيطرون على الساحل، والإيرانيون على مناطق قريبة من دمشق لديها امتداد في اتجاه لبنان.

صار الوضع السوري أقرب إلى الأحجية من أي أمر آخر، علما أن هناك خطوطا عريضة لتلك الأحجية. من الواضح أن إيران مهتمة بحماية “حزب الله” وببقاء الرابط بين منطقة وجودها في سوريا من جهة، والأراضي اللبنانية من جهة أخرى. من الواضح أيضا أن الأميركيين الذين لم يبلوروا بعد إستراتيجية سورية منهمكون بإيجاد قواعد في الشمال السوري وبالعلاقة مع الأكراد. من الواضح أخيرا أن روسيا مهتمة بالساحل وضمان أمن إسرائيل في الوقت ذاته. أما تركيا فقد ضمنت تحوّلها جزءا من المعادلة السورية بعد اعتراف روسيا وإيران بأن لا بد من أن يكون لها نفوذ في الداخل السوري، خصوصا بعد الدور الذي لعبته في خروج المعارضة من حلب… مع منع بشّار الأسد من المجيء إلى المدينة للاحتفال بانتصار ما فيها.

ولكن ماذا عن إسرائيل هل تكتفي بالضمانات الأميركية والروسية لأمنها وبأن أحدا لن يثير بعد الآن موضوع الجولان المحتلّ معها؟ صارت قضية الجولان قضية منسية بالفعل. لم يعد هناك من يطرح مستقبل هذه الأرض المحتلة. يتمثّل الهمّ الوحيد القائم حاليا، لدى المعنيين، في كيفية توفير كلّ الضمانات التي تطلبها إسرائيل عن طريق إفهام إيران أن لا مصلحة لها في السعي إلى الاقتراب إن مباشرة أو عبر “حزب الله” من الجولان.

مع دخول الحرب السورية مرحلة جديدة، ليس مستقبل الجولان الوحيد الغائب عن تلك الحرب. هناك غائب أكبر هو الشعب السوري الذي ثار على نظام أراد استعباده، وهو نظام دفع مسبقا الثمن المطلوب إسرائيليا في مقابل تمكينه من البقاء في السلطة في عهد حافظ الأسد والتمسّك بقشور السلطة في عهد بشّار الأسد، أقلّه في السنوات الست الأخيرة.

تبقى نقطة أخيرة تطرح نفسها؛ كيف ستتصرّف إيران المصرّة على البقاء في سوريا ولبنان؟ هل في الإمكان عقد صفقة معها تبعدها عن الجولان وتسترضيها في الوقت ذاته. الأكيد أن إسرائيل، وبالتالي أميركا وروسيا وتركيا، لا تمانع في مثل الصفقة التي يخشى أن تلحق الضرر بلبنان. إنّه لبنان الذي ليس مسموحا له حتّى الاحتفال بانتصار جيشه في جرود رأس بعلبك على إرهاب “داعش”، بل عليه الاكتفاء بالاحتفال بالصفقة التي عقدها “حزب الله” مع “داعش” الذي انتقل مقاتلوه وأفراد عائلاتهم إلى حيث كان مطلوبا أن يكونوا في الداخل السوري بكل أمان في ظلّ اعتراض أميركي لم يتجاوز الشكليات!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بداية جديدة للحرب السورية والجولان المنسي بداية جديدة للحرب السورية والجولان المنسي



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:55 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الميزان

GMT 04:16 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زكي يوجه رسالة قوية إلى مسؤولي الدفاع الحسني الجديدي

GMT 14:34 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

"بريزنتيشن" تؤكد أن مُبررات "صلة" في شأن فسخ تعاقدها غير الصحة

GMT 08:32 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"الأساور العريضة" تصلح لمختلف مناسبات صيف 2018

GMT 11:37 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ياسمين جمال ترتدي فستان الزفاف للمرة الثانية بعد الطلاق

GMT 01:48 2016 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

علاج الشيب نهائياً وبألوان مختلفة

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 04:16 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يشهد نهضة غير مسبوقة في مجال التنقيب عن النفط

GMT 06:33 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على الفوائد المذهلة لثمرة الرمان على الصحة

GMT 17:22 2019 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

احصلى على أسنان ناصعة البياض فى المنزل

GMT 13:30 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

عربية السيدات تعتمد جوائز خاصة للفرق الرياضية

GMT 23:33 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

موعد الكشف عن "بوجاتي تشيرون سوبر سبورت" الجديدة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya