مماحكات اليمن في غنى عنها

مماحكات.. اليمن في غنى عنها

المغرب اليوم -

مماحكات اليمن في غنى عنها

خير الله خير الله

آن أوان خروج القيادات اليمنية الساعية إلى التصدي للحوثيين من أسلوب المماحكات الذي ميّز ما كان يسمّى اليمن الجنوبي الذي استقلّ في العام 1967 وبقي دولة مستقلّة حتّى إعلان الوحدة في الثاني والعشرين من أيّار – مايو 1990. المؤسف أن الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي، الآتي من محافظة أبين الجنوبية، عاد إلى هذا الأسلوب في وقت هناك نائب للرئيس آت من الجنوب أيضا.
عدّل عبدربّه منصور حكومة خالد بحّاح، نائب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء الذي ينتمي إلى محافظة حضرموت، كبرى المحافظات الجنوبية، فضلا عن أنّها كبرى محافظات اليمن، من دون علم الأخير.

خلال فترة قصيرة، أي منذ حوالي العشرين من الشهر الماضي، هبط الرئيس الانتقالي في عدن بعدما كان اكتفى بزيارة قصيرة لها في مناسبة عيد الأضحى. بدا عبدربّه منصور وكأنّه في سباق مع خالد بحّاح الذي ردّ عليه بجولة تفقّدية للجبهات في مأرب.

أقلّ ما يمكن قوله أن اليمن في غنى عن هذه المماحكات. فبدل إيجاد تفاهم بين الرجلين في شأن كيفية التعاون من أجل مواجهة الرئيس السابق علي عبدالله صالح وحلفائه الجدد والقدامى في الوقت ذاته، أي “أنصار الله”، هناك منافسة بين ابن أبين وابن حضرموت. ما أشبه اليوم بالبارحة وبما شهده اليمن الجنوبي في العام 1986.

استغلّ عبدربّه منصور الواقع المتمثّل في أنّ هناك حاجة إليه، نظرا إلى امتلاكه الشرعية، بصفة كونه رئيسا منتخبا، وإن لفترة انتقالية، من أجل تصفية حساباته مع خالد محفوظ بحّاح. أكثر من ذلك، انتهز فرصة وجود نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء في باريس لحضور المؤتمر المخصّص للمناخ كي يجري التعديل الوزاري الذي شمل وزارتي الخارجية والداخلية في وقت هناك وزير أصيل للخارجية في حكومة بحّاح هو عبدالله الصائدي يمتلك كلّ المؤهلات المطلوبة من شخص يشغل هذا الموقع، بدءا بالخبرة الطويلة في الحقل الدبلوماسي، وصولا إلى معرفة اللغة السياسية التي يفهمها العالم.

لم يكن طبيعيا الإتيان بشخص مثل عبدالملك المخلافي، وهو شخص طيّب، يتزعم حزبا ناصريا، نائبا لرئيس الوزراء وزيرا للخارجية. يعرف المخلافي الكثير عن اليمن، لكنّه لا يعرف الكثير عمّا يدور في محيط اليمن وفي هذا العالم. الأكيد أن المخلافي، ابن تعز، أفضل من الوزير المكلف بالخارجية الذي كان الرئيس الانتقالي متمسّكا به، وهو الدكتور رياض ياسين بابوخان، الذي يمكن أن تكون له علاقة بكلّ شيء ولكن ليس بالخارجية.

لكنّ هذا ليس سببا كافيا للتخلي عن الشخص المناسب للخارجية، أي الدكتور الصائدي. مثل هذا التصرّف لا يبشّر بالخير بأي شكل في وقت هناك قوى عربية تقدّم أغلى ما عندها، بما في ذلك الشهداء، من أجل دعم الشرعية في اليمن، وتمكينها من التصدي للمشروع التوسّعي الإيراني في هذا البلد.

ما ليس طبيعيا أيضا أن يأتي عبدربّه منصور باللواء حسين محمد عرب الذي تربطه به صلة قربى، فضلا عن أنّهما من المنطقة نفسها، نائبا لرئيس الوزراء وزيرا للداخلية. لا شكّ أن اللواء عرب مؤهل لمثل هذا الموقع ولديه خبرة طويلة في هذا المجال، وسبق له أن كان وزيرا للداخلية قبل أن يعزله علي عبدالله صالح بعد تفجير المدمرّة الأميركية “كول” في ميناء عدن في العام 2000. لم يأت عزل اللواء عرب، وقتذاك، بسبب تقصير في أداء مهماته، بمقدار ما أنّ ذلك كان عائدا إلى كشفه العلاقات القائمة بين بعض الأجهزة الأمنية من جهة، والمتطرّفين الإسلاميين من المنتمين إلى “القاعدة” وما شابه هذا التنظيم من جهة أخرى.

ولكن هل يسمح الوضع الصحّي للواء حسين عرب بأن يكون وزيرا للداخلية في هذه الظروف الصعبة والمعقّدة… أم أن كلّ ما في الأمر أنّ عبدربّه منصور يريد تصفية حساب قديم مع علي عبدالله صالح… حساب عمره نحو خمسة عشر عاما!

الذين التقوا حسين عرب أخيرا وجدوه في حال صحّية سيئة لا تسمح له بممارسة المهمات الجسام الملقاة على وزير الداخلية اليمني، وأي وزير للداخلية، في هذه الأيام. الأكيد أنّه ليس كافيا أن تكون هناك صلة قرابة بين عبدربّه منصور وحسين عرب حتّى ينجح الأخير في تنفيذ المهمات الموكولة إليه.

كان تاريخ اليمن الجنوبي منذ استقلاله، وحتّى زواله، سلسلة من المؤامرات وعمليات الطعن في الظهر والاغتيالات توّجت بحرب أهلية في الثالث عشر من كانون الثاني ـ يناير 1986.

كانت تلك الحرب الأهلية بمثابة المؤشر الأوّل لانهيار النظام، وصولا إلى قيام الوحدة التي أنقذت أهل النظام.

المخيف حاليا أن المواجهة بين عبدربّه منصور وخالد بحّاح صارت أكثر من مكشوفة في وقت ثمّة حرب حقيقية دائرة في مكان آخر. يعبّر عنها أيضا تعيين الدكتور محمد القباطي وزيرا للإعلام، علما أن طبيعة العلاقة الشخصية بينه وبين بحّاح معروفة جدا.

هناك الآن معركة تعز التي يفترض أن تتركزّ كلّ الجهود عليها، تماما كما تركّزت على مأرب التي لا بدّ من المحافظة على الإنجازات التي تحقّقت فيها بفضل تضحيات القوات العربية التي شاركت بشكل فعّال في دحر الحوثيين وحلفائهم.

باختصار شديد، لا يمكن التلهي بمعارك صغيرة هامشية في وقت هناك حاجة إلى جعل الجهود كلّها تنصبّ على المعركة الكبرى. هذا ليس وقت اقتسام المغانم قبل أن تكون هناك مغانم. ما ينقذ اليمن حاليا هو حسم المعركة الدائرة في تعز بداية.

هناك حاجة إلى تجنيد عبدالملك المخلافي في هذه المعركة، في حال كان لدى حزبه الذي يؤمن بفكر جمال عبدالناصر، نعم فكر جمال عبدالناصر، ما يقدّمه على أرض المعركة. الثابت أن المعركة الأخرى في الخارج، أي على صعيد وزارة الخارجية تحتاج إلى رجال من نوع آخر، كما تحتاج المعركة الداخلية إلى اللواء حسين عرب، ولكن عندما كان لا يزال شابا قادرا على الحراك، وليس إلى فكر يؤمن بالانتقام ولا شيء آخر غير ذلك.

هناك خوف حقيقي من استعادة تجربة اليمن الجنوبي، في وقت لا وجود ليمن جنوبي. هناك مناطق تحرّرت بفضل قوات التحالف على رأسها القوات السعودية والإماراتية. حرام ضياع الإنجازات التي تحقّقت في ظلّ الإصرار على استعادة الممارسات الكيدية التي سادت إبّان مشروع فاشل كان اسمه “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية”.

مرّة أخرى يفترض بالقادة التاريخيين لليمن الجنوبي من علي ناصر محمّد إلى علي سالم البيض مرورا بحيدر أبوبكر العطّاس وغيرهم من الذين شغلوا مناصب عليا في الماضي، إثبات وجودهم، ووضع حدّ للمهزلة الدائرة التي كان التعديل الوزاري الأخير فصلا آخر من فصولها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مماحكات اليمن في غنى عنها مماحكات اليمن في غنى عنها



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya